معرض العين للكتاب يناقش الثقافة في عصر زايد وتحولات السينما
معرض العين للكتاب يواصل فعالياته لليوم الرابع على التوالي، حيث شهد انعقاد ندوتين عن السينما والثقافة في عصر الشيخ زايد
شهد معرض العين للكتاب في فعالياته، لليوم الرابع على التوالي، انعقاد ندوتين عن السينما والثقافة في عصر الشيخ زايد، وختم بعرض موسيقي إماراتي مميز.
واستهل السينمائي الإماراتي عبدالله الحميري ندوة "السينما وأدوات مقاربة قضايا المجتمعات" بالحديث عن التغير الذي يطرأ على الذات الإنسانية من شخص مشاهد إلى صانع سينما، موضحاً أنه كان في عمر 16 عاماً عندما شاهد فيلم "أمريكان بيوتي" في أبوظبي، وحينها كانت منطقة العين تعرض الأفلام الهندية والعربية، لكن الأجنبية لم تكن متوفرة، وقال إنه تأثر بالفيلم وانطلقت شرارة في داخله مع دمعة في عينه، فالفيلم كان واقعياً جداً لكنه كان محفزاً على البحث ومتابعة الأفلام العميقة، حيث اكتشف أن معظم ما تقدمه صالات السينما سطحي وليس عميقا.
وعند سؤاله من قبل الممثل والكاتب ياسر النيادي الذي أدار الحوار عن كيفية رؤيته لفيلم "أمريكان بيوتي" وهو فيلم يتطرق إلى موضوع مستهلك وتقليدي، ما الجمال الذي وجدته في هذا الفيلم؟ أجابه: الفيلم في لقطة الأب أمام ابنته في موقف الحرج والإنسانية المحضة، انكشافه واتضاح تفاصيل القبح وليس الجمال الأمريكي كونه يبرز تفكك الأسرة والحقيقة الواقعية المرة رغم تعاطفي معه ومع مسببات وصول هذا المجتمع إلى ما وصل إليه مع مقاربتي لواقع التغيرات التي تحدث في المجتمع الإماراتي، وهذا ما حفزني على الالتزام بقضايا مجتمعي فالسينما حياة. واعتبر أن المجتمع بطبعه ناقد لا يقف مع جهة ضد أخرى، لذا علينا أن نتكلم عن الأمور المخفية والتابو وأن نتعايش مع ردات فعل المجتمع بمختلف شرائحه، مع أهمية وعينا بضرورة مساندة صانع الفيلم وإدراك آلياته الإبداعية.
وأوضح الحميري أننا "نحتاج إلى إعادة نظر في الطريقة التي يتم التعامل بها مع المثقفين من صناع السينما أصحاب الهم الاجتماعي والقضايا الوطنية، من جهتي تابعت الأفلام الناجحة على المستوى العالمي والتي نجحت تجاريا باعتمادها الكوميديا السوداء، مع وجود تحديات عديدة منها جذب المتلقي والمشاهد وإقناع المنتج والموزع".
وأشار الحميري إلى أنّ الجمهور ينجذب لموضوعات الكوميديا والضحك، حيث يمكن لصانع الفيلم أن يدخل وعي المشاهدين بدون إجبار أو إكراه، فالجمهور لا يحب أن تتحداه ويتمرد عليك ويقاطع المنتج السينمائي، لذلك نرى رواجاً للأفلام الخفيفة والتجارية ومثالنا في ذلك الصناعة السينمائية الأعرق عربياً وهي السينما المصرية، نحن نحتاج إلى الارتقاء بالذائقة لدى الناشئة بدءاً من المدرسة، فمثلما نعلمهم القراءة وتذوق الروايات علينا تعليمهم تذوق السينما.
أما الندوة الثانية والتي حملت عنوان "الثقافة في عهد الشيخ زايد" والتي قدمها الدكتور أحمد عفيفي وأدارها ماجد سكر، فقد تطرقت إلى عدة محاور؛ منها قيمة الإنسان في الفكر الثقافي للشيخ زايد، والإنسان محور البناء، والإنسان هو الثروة الحقيقية، وبناء الإنسان هو بناء جيل يتحمل المسؤولية.
وأوضح عفيفي أنّه من المؤكد أنّ خطوات التأسيس الثقافي في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" من العلامات المهمة في تاريخ الدولة، بوصفها قد مثلت عنصراً من عناصر الانفتاح على العالم، بالإضافة إلى التطور الملحوظ في العمران والنهضة الشاملة في كل نواحي الحياة بما فيها الصحة والتعليم. حيث كان معيار النجاح في كل تأسيس ثقافي في عهده مدروساً بعناية، ويسلط الضوء على الإرث الثقافي والفكري للإمارات والأمة العربية. كما أنّ الهدف السامي كان أنّ يغرس في نفوس أبناء مجتمعه عشق الثقافة والقراءة والعلم من أجل نهضة الوطن وبنائه. وقد استمر سعي المغفور له الشيخ زايد في توطيد دعم الثقافة، وقد عمل على سن القوانين والتشريعات التي تؤسس لثقافة جادة يكون للإعلام فيها دور بارز، ومن هنا جاء قوله "الثروة ليست ثروة مال، بل ثروة رجال"، كما قال أيضاً "إنّ الثروة ليست في الإمكانات المادية وحدها، وإنّما الثروة الحقيقية للأمة هي في رجالها، وإنّ الرجال هم الذين يصنعون مستقبل الأمة".
وأشار عفيفي في ندوته إلى أنّ المغفور له الشيخ زايد كان يتصف بسمات تميزه كثيراً عن غيره من أهمها "فخر العرب"، كونه يمتلك رؤية شاملة تعطي لكل شيء قدره وقيمته، ووعيا عميقا يكشف من خلاله أسرار الحياة وخباياها ودقائقها. موضحاً أنّ الشيخ زايد قد استشرف آفاق المستقبل وأدرك النقاط الأربع التالية: أنّ بناء الإنسان أهم من بناء العمران، لا بد من التوازي بين الإنسان وبناء الدولة، الثقافة الإيجابية للإنسان تغرس فيه الانتماء وتجسد الهوية الوطنية ويكون الإنسان في هذه الحالة عنصراً أساسياً من عناصر بناء الدولة، وأخيرا تعد خطوات التأسيس الثقافي من العلامات الفارقة في الدولة، إذ أتاح الانفتاح على الآخر.
ومن ثم أبحر جمهور معرض العين للكتاب الذي يواصل فعالياته حتى 2 أكتوبر في رحاب الموسيقى من خلال العرض الموسيقي "بحر الفجيرة" المتميز الذي قدمه الفنان الإماراتي علي الحفيتي برفقة العازف العراقي عمر زياد.
وشهد هذا العرض عزف مقطوعات موسيقية متنوعة على آلة العود بعضها من تأليفه الشخصي وهي "الحب الأول"، ولونغا نهاوند، إلى جانب ألحان من الذاكرة الإماراتية والعربية.