كيف يساهم المجتمع المدني في تحقيق "الأمن المائي"؟ (حوار)
قبل مؤتمر الأمم المتحدة للمياه في نيويورك بمناسبة اليوم العالمي للمياه في 22 مارس/آذار الماضي، نظمت منظمة "الإسكوا" المنتدى العربي للتنمية المستدامة في بيت الأمم المتحدة في بيروت، ليكون هو المؤتمر الإقليمي الأخير قبل مؤتمر الأمم المتحدة.
وكان اللافت وجود مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني المصرية، لتمثيل رواد الأعمال الاجتماعيين في الوطن العربي، وهي مؤسسة "ومن الماء حياة"، الأمر الذي أثار تساؤلات حول الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني في تحقيق الأمن المائي، وهو أحد الموضوعات الأساسية التي ناقشها المنتدى.
"العين الإخبارية" التقت مهند أبوالروس، المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة "ومن الماء حياة"، للحديث عن رؤيته التي طرحها خلال المنتدى للدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني، والتحديات التي تواجه العالم في طريقه نحو تحقيق الأمن المائي، كما تطرقنا لطبيعة المشروعات التي تنفذها مؤسسته.. وإلى نص الحوار..
حدثنا في البداية عن مؤسسة "ومن الماء حياة"، وما هي طبيعة الأنشطة التي تنفذها؟
تعمل "ومن الماء حياة"، المشهرة في عام 2014، كمؤسسة متخصصة، وكشريك فني وتنفيذي مع العديد من الجمعيات والمؤسسات التنموية في مجال المياه، وتعمل حاليا على حملتها خلال شهر رمضان، بالتعاون مع العديد من المؤسسات مثل مؤسسة "عمار الأرض" و"حماة المستقبل"، لتوحيد الجهود ومشاركة الخبرات والموارد لتنفيذ 500 وصلة مياه في محافظات الفيوم وأسيوط وخطوط مياه رئيسية لمسافة 3000 متر، بالإضافة إلى 3 آبار شاطئية في سوهاج وقنا، ما يؤكد أهمية تعاون المجتمع المدني ومشاركة الموارد لتحقيق الهدف المشترك نفسه.
من الواضح أن نشاطكم محلي، فكيف أهلكم هذا النشاط المحلي لتمثيل المجتمع المدني العربي في المنتدى؟
القاعدة البسيطة تقول إن نقطة الانطلاق خارج الحدود الوطنية، تبدأ من تحقيق النجاح محليا، ومنذ تأسيس المؤسسة في عام 2014، استطعنا وضع بصمة واضحة في مجال المساهمة في تحقيق "الأمن المائي"، وقد أهلنا ذلك للاختيار في المنتدى العربي للتنمية المستدامة.
من خلال عملكم في مجال إتاحة خدمة المياه، هل تعتقدون أن العالم العربي في الطريق الصحيح لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، والمتعلق بالأمن المائي، بحلول 2030؟
يجب أن نعترف أننا على مسافة بعيدة من تحقيق الهدف، رغم كل ما يبذل من جهود، لأن الاعتراف بالمشكلة، كما يقولون، هو أول الطريق نحو حلها، فنحن في منتصف المدة نحو 2030، وبرغم قيامنا بالكثير نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وخاصة المياه، ولكن بسبب التغير المناخي أصبحت التحديات أكثر تعقيدا، ولذلك يجب علينا جميعا التعاون معا على حل هذه التحديات، ويجب أن نعمل مع المجتمعات الأقل حظا ونقوم بتمكينهم للقيام بدور فعال نحو تحقيق هذا الهدف.
وأرى أننا نحتاج في إدارة هذا الملف إلى إدراك أهمية الشمولية ومشاركة البيانات بين الجهات المختلفة، والتعاون فيما بينها، وأهمية قياس أثر سياسات ومشروعات المياه في الوطن العربي، بالإضافة إلى الفرص المستقبلية في الحصول على تمويلات لمشروعات المياه المختلفة من خلال شهادات الكربون في مشروعات مثل الآبار الشاطئية، وأخيرا إدراك أهمية دور المجتمع المدني لجعل سياسات المياه أكثر عملية وواقعية من خلال حملات التوعية وبناء القدرات للمجتمعات الريفية.
وكيف يمكن للمجتمع المدني أن يكون فاعلا في هذه القضية؟
خلال مداخلتي في المنتدى تحدثت عن طبيعة مساهمة المجتمع المدني من خلال الحديث في اتجاهين، الأول عن الحلول السياسية اللازمة لتحفيز الابتكار في المؤسسات غير الربحية والقطاع الخاص، والثاني: هو كيفية مساهمة القطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية في جعل السياسات أكثر عملية.
وكيف يمكن تنفيذ الاتجاه الأول المتعلق بالحلول السياسية لتحفيز الابتكار؟
جزء كبير من الحلول، يكمن في المجتمع المدني والقطاع الخاص، ولذلك يجب على السياسات أن تخلق بيئة محفزة على الإبداع، وذلك قد يكون طبعا في شكل تسهيلات ضريبية للشركات التي تستثمر في التكنولوجيا والمناطق ذات الأولوية، بالاضافة للتسهيلات والدعم المادي للشركات الناشئة والمجتمع المدني للعمل على البحث والتطوير واستيراد المواد الخام اللازمة للتصنيع.
وفي هذا الإطار، هناك فرص مستقبلية كبيرة لتمويل الكربون والاستفادة من قصة نجاح شركة (سيكم) في مصر لخلق وبيع شهادات كربون بالتعاون مع أكثر من 2100 مزارع نجحوا في استيفاء كل الشروط وأهمها الري المستدام بالطاقة الشمسية وأنظمة الري الحديثة.
وتمويل الكربون لا يقتصر فقط على المشروعات الزراعية، ولكن هناك فرص كبيرة وقصص نجاح خلف شهادات كربون من خلال تكنولوجيا المياه الحديثة مثل الفلاتر السيراميك المستدامة، ومثل مشروعات وحدات الترشيح الطبيعي، وهي من المشروعات الواعدة في مصر التي تتصدر لها إدارة البحث والتطوير في الشركة القابضة لمياه الشرب في مصر بقيادة مدير البحث والتطوير دكتور رفعت إسماعيل، وقامت مؤسسة "ومن الماء حياة"، بالتعاون لتنفيذ أكثر من مشروع منهم، وشهادات الكربون من الممكن أن تساعد في الحصول على التمويل اللازم لتسريع تلك المشروعات والتوسع فيها.
وماذا عن الجانب الآخر، والمتعلق بمساهمة القطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية في جعل السياسات أكثر عملية؟
أحب أن أؤكد هنا أهمية الشمولية وإشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في المراحل المختلفة لوضع السياسات والمساعدة في مرحلة اختبار السياسات والمتابعة والتقييم، كما يجب الاهتمام بالشراكة مع الجهات البحثية لعمل دراسات قياس الأثر والتي قد تتضمن الأثر الاقتصادي والاجتماعي أو حتى الأثر النفسي للسياسات وتدخلات المياه، ومن المؤسسات الرائدة في هذا المجال معمل عبداللطيف جميل لمكافحة الفقر، ومقره في الجامعة الأمريكية الذي تعمل معه مؤسسة "ومن الماء حياة" بالفعل في هذا المجال، بالإضافة لـ"ملتقى السياسات العامة" بالجامعة الأمريكية، وكل هذه الأنشطة ينتج عنها أوراق بحثية يمكن أن تكون مرجعا مفيدا لواضعي السياسات.
كما يجب أن يكون للمجتمع المدني دور في توعية المجتمعات المختلفة بأهمية سياسات المياه وتأثيرها على مختلف القطاعات وبناء قدرات المجتمعات المختلفة للقيام والتعاون بشكل فعال مع كل القطاعات.
aXA6IDMuMTQ0Ljg3LjQzIA==
جزيرة ام اند امز