قبائل ليبيا.. هل قادرة على لعب دور رجل الإطفاء؟
مع اندلاع اشتباكات طرابلس، التي وصفت بـ"الأسوأ" والأكثر خطورة في العام الجاري، بزغ دور القبائل كرجل إطفاء للصراع الذي حول بلدات في العاصمة الليبية إلى "مناطق أشباح".
واندلعت اشتباكات، على مدار يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، بين اللواء 444 قتال التابع لوزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) وقوات الردع التابعة للمجلس الرئاسي الليبي، بسبب اعتقال الأخيرة آمر اللواء 444، في مطار معيتيقة بطرابلس، مما أوقع 55 قتيلا وحوالي 150 جريحًا.
إلا أن تلك الاشتباكات التي دارت رحاها في العاصمة طرابلس، هدأت بعد أن طلب رئيس حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) عبدالحميد الدبيبة من قبائل أعيان وحكماء سوق الجمعة والنواحي الأربعة، حيث ينحدر الرجلان اللذان يرأسان القوتين المتقاتلتين، بالتدخل لوقف القتال.
وكان الدبيبة، قال لأعيان وحكماء سوق الجمعة والنواحي الأربعة: "اليوم فرصتكم تحلوا المشكلة، اجلسوا معهم وحلوا الموضوع، وسأترك لكم المسافة"، معتبرًا أن "الخلاف بين محمود حمزة (آمر اللواء 444 قتال) وعبدالرؤوف كارة (آمر جهاز قوة الردع) غير صحي وغير طبيعي".
وما إن تدخلت القبائل، حتى عاد الهدوء إلى العاصمة طرابلس والتي كانت بعض مناطقها تحولت إلى "ساحة حرب"، مما سلط الضوء على دور القبائل في الأزمة الليبية، وما إذا كانت قادرة على لعب دور رجل الإطفاء أم لا.
هل تلعب القبائل دور رجل الإطفاء؟
يقول المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه بالنظر إلى طبيعة وتاريخ القبائل في ليبيا، وتركيبة المجتمع المحلي، فإن لها دورًا مهمًا جدا، خاصة عند الحديث عن دورها في رأب الصدع وتقريب وجهات النظر بل وحتى التأثير على صنع القرار في البلد الأفريقي.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أنه لهذا السبب، يلجأ الساسة لها دوما، لحلحلة كافة الإشكاليات، والمواضيع العالقة، خاصة مع غياب القانون وانتشار السلاح والفوضى التي تشهدها بعض المناطق وفي مقدمتها العاصمة طرابلس.
وكان رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، استقبل يوم الإثنين، أعيان وحكماء النواحي الأربعة وسوق الجمعة، لبحث آخر المستجدات المتعلقة بعودة الهدوء والاستقرار في العاصمة طرابلس، مثنياً على الدور المهم لأعيان وحكماء سوق الجمعة والنواحي الأربعة في رأب الصدع وحل النزاعات.
في السياق نفسه، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه من خلال تجربتنا ودراساتنا، فإن دور القبيلة في ليبيا ناجح عندما يكون حصرًا في قضايا اجتماعية بحتة وتحظى بدعم السلطة السياسية.
دور خطير
إلا أنه قال إن دورها يصبح خطيرًا وهدامًا، إذا دخلت السياسة، وارتبطت بعلاقات مع قوى خارجية لحمايتها من قبائل أخرى تتصارع معها على نفوذ السلطة والمال، مشيرًا إلى أن أي "دور سياسي للقبائل في ليبيا يعني مزيدًا من التشظي والانقسام، ويجعل هذه القبائل أداة بيد قوى خارجية تتحكم بها وتوجهها لمصالحها"، على حد قوله.
من جهة أخرى، قلل المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي قلل في حديث لـ"العين الإخبارية" من إمكانية أن تتدخل القبائل لتبريد الصراع في الاشتباكات التي تجري بين الحين والآخر في العاصمة طرابلس.
وقال المهدوي، إن ما يحدث في طرابلس من صراع بين المليشيات كل حين، يكون من أجل بسط سيطرة ونفوذ داخل العاصمة، مما يعني أن القبائل لذلك في طرابلس غير قادرة على لعب أي دور لإنهاء هذه الانتهاكات.
وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أن المليشيات لا تعترف بأي دور للقبائل أو تعيرها أي اهتمام، مؤكدًا أن الأحداث الأخيرة ليست الأولى من نوعها في طرابلس، مما يعني أن القبائل غير قادرة على لعب دور في سحب أبنائها المنضمين لهذه المليشيات.
طموح متضخم
وحول اجتماع المنفي بقبائل سوق الجمعة، قال المحلل الليبي، إن اجتماع المنفي مع مكونات وقبائل سوق الجمعة، يأتي في إطار حث المجلس الرئاسي هذه القبائل على ممارسة دورها في مسار العرف والمحافظة على الأمن والسلم الاجتماعي، وحث أبنائها على الانسحاب من هذه المليشيات.
وكان رئيس المجلس الرئاسي قال لقبائل سوق الجمعة، إن المجلس الرئاسي يعمل بشكل دائم ومستمر من أجل تأمين العاصمة وكل المدن في ليبيا من حدوث أي اختراقات أمنية تضر بأمن وممتلكات المواطنين.
وبحسب المهدوي، فإن القبائل بالمنطقة الغربية تختلف عن نظيراتها في المنطقة الشرقية في السيطرة على أبنائها؛ "لذلك من الصعب على قبائل المنطقة الغربية، لعب هذا الدور؛ لأن طموح المليشيات المسلحة في طرابلس تضخم بشكل يفوق قدرة هذه القبائل على لعب أي دور".
وكان أعضاء وفد سوق الجمعة الذي التقى بالمنفي يوم الإثنين، أشادوا بالدور "الإيجابي لرئيس المجلس الرئاسي وحرصه والمجلس الذي يرأسه على أمن وسلامة المواطنين"، مطالبين بضرورة اتخاذ قرارات وإجراءات حاسمة تجاه كل من يحاول المساس بالأمن والاستقرار في كافة ربوع ليبيا.
أما عن قدرتها على حلحلة أزمة الانتخابات في ليبيا، فقال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي: لا أعتقد أن التأثير يصل لتلك الدرجة، لكن بإمكان القبائل تمهيد الطريق بشكل أو بآخر نحو حالة من الاستقرار التي قد توفر مناخا هادئا يمكن من خلاله الذهاب نحو الانتخابات.
aXA6IDE4LjIxNi40Mi4yMjUg جزيرة ام اند امز