فرن الطين.. عودة إجبارية للتراث بغزة
أنعش التدهور الاقتصادي واتساع رقعة الفقر في قطاع غزة، صناعة أفران الطين والاعتماد عليها في الخبز البيتي.
ومنذ عقود يشتهر فرن الطين في الأحياء الريفية، ويعد أحد أهم مشاهد التراث الشعبي الفلسطيني والعربي، ويتميز الخبز المصنوع فيه بالمذاق المتميز.
واكتسب إيهاب قديح، أحد صانعي الأفران جنوبي قطاع غزة، خبرة كبيرة في المجال الذي بات مصدر رزقه الوحيد، الذي يمضي فيه ساعات طويلة يوميا لإعداد أنواع مختلفة من الأفران.
وقال قديح لـ"العين الإخبارية": "هناك إقبالا شديدا على أفران الطين خصوصا في هذه الأوقات من الشتاء".
وكشف أنه باع منذ أول نوفمبر/تشرين الثاني 250 فرنا، والآن مطلوب منه 100 فرن سينتهي من إنجازها خلال أيام.
ويربط قديح بين عودة الطلب على أفران الطين، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في قطاع غزة.
وفاقمت جائحة كورونا، الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، حيث ارتفعت البطالة لـ 49% في حين ترتفع في أوساط الشباب والخريجين إلى نحو 70%.
ويمضي الشاب قديح ساعات وهو يجبل الطين بالماء والتبن لإعداد أفرانه المتنوعة خاصة ذات الأحجم الصغير التي باتت مطلوبة بقوة.
ووفق قديح، مقاسات الأفران التي ينتجها أربعة:
المقاس الأول: وهو الصغير جدا يستعمل لإعداد المشروبات ويكلف 10 شيقل فقط (الدولار 3.3 شواقل) .
المقاس الثاني: أكبر من الأول قليلا ويمكن أن تطهو عليه. وتكلفته 15 شيقلا.
المقاس الثالث: وهو فرن بعينين ويستخدم لوضع حلتين عليه في آن واحدة، وتكلفته 25 شيقل.
المقاس الرابع: وهو الكبير الذي يستخد للخبز والشوي، وتكلفته 100 شيقل.
ويستخدم قديح أربعة مواد في صناعة الأفران وهي: طين أحمر، وتبن، ومنصب غاز، وصاج حديد.
ويؤكد أن الإقبال زاد على المقاسات الصغيرة والمتوسطة لأنه بالإمكان استخدامها في شرفات البيوت أو أي مساحة صغيرة فوق الأسطح ولا تحتاج لحطب كثير ولا يؤدي إشعال النار فيها إلى دخان كثيف كما الفرن الكبير الذي يتطلب تخصيص غرفة خاصة له، ويتطلب تشغيله كمية من الخشب والورق.
وأكد أن المواطنين يقبلون على الأفران للتوفير المالي خصوصا أن تكلفتها محدودة جدا قياسا بتكلفة الغاز أو الكهرباء، إضافة إلى أن نار الأفران سريعة التسخين فضلا عن مذاقها الطيب.
وأشار إلى أن هناك أناس تريد العودة إلى التراث ولذلك نجد الإقبال يزيد عليه شتاء.
الفلسطينية المسنة لطيفة النجار، تشتهر هي الأخرى في إعداد أفران الطيبن في ساحة بيتها التي تفخر بصناعة هذا التراث الذي ورثته من والدتها وأجدادها.
وحول طريقة صناعة الأفران، توضح أنها تجلب التبن والماء، وتخلطهما في طين الطوب حتى يُصبح متماسكاً، وتقوم بنحته، وتشكيله بأحجام متنوعة حسب الطلب، وتتركه لمدة تتراوح من 3 الى 4 أيام حسب التغييرات المناخية، ويعرض للشمس حتى يجف، ويصبح جاهزاً للاستخدام.
وقالت: "بعد جهوزيته للاستخدام يتم سقفه بأسياخ من حديد لحمايته من أمطار الشتاء، ويفتح له منفذ واحد مُغطى بسلك معدني يسمح بنفاذ الضوء للتحكم به وإغلاقه عند الطهي أو الخبيز، وتوسطه من الداخل حفرة عميقة لإيقاد النار، باستخدام الحطب أو العشب الناشف والورق غير المستخدم".