المغرب يواجه الجفاف على طريقته.. "الطريق السيار المائي"
من أجل مواجهة الخصاص في الماء وتحقيق عدالة مجالية ومناخية شرع المغرب بفتح " الطريق السيار المائي" يربط بين حوض سبو وأبي رقراق، يسابق المغرب الزمن لوضع مجموعة من التدابير والإجراءات والإنجازات في قطاع الماء.
وذلك ضمن سياسته المائية من أجل مواجهة تغير المناخ الذي ترتب عنه شح في الماء وجفاف قاتل.
ومن أجل مواجهة الخصاص في الماء وتحقيق عدالة مجالية ومناخية، شرع المغرب أمس الاثنين 28 غشت الجاري /أغسطس بفتح ما أطلق عليه " الطريق السيار المائي"، وهو يربط بين حوض سبو (منطقة الغرب) وهو أكبر نهر في المغرب وأبي رقراق يقطع (مدينتي الرباط ـ سلا).
مبادرة فريدة
ويوفر الطريق السيار المائي صبيبا مائيا يقدر بـ6 أمتار مكعبة في الثانية كمرحلة أولى، وذلك بهدف تأمين التزود بالماء الصالح للشرب لمدن الرباط وسلا وجهة الدار البيضاء وضواحيها التي يقطنها حوالي عشرة ملايين نسمة، والذي من المرتقب أن يمتد إلى مدينة مراكش (جنوب البلاد)
ويعتبر خبراء الماء والمناخ تجربة الطريق السيار المائي، أول مبادرة رائدة أفريقيا في مجال التكيف مع التغير المناخي ومواجهة أزمة الجفاف.
وحسب نزار بركة، وزير التجهيز والماء في جواب على سؤال شفوي اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، حول تقدم أشغال الربط بمياه الشرب بين الأحواض المائية، أن الوزارة أطلقت في دجنبر/ كانون الأول إنجاز مشروع الشطر الاستعجالي يربط بين حوضي سبو وأبي رقراق ومن سد المنع سبو إلى سد سيدي محمد بن عبد الله عبر 66.7 كلم من القنوات وبصبيب 15 متر مكعب في الثانية تبلغ تكلفته 6 ملايين درهم.
وأشار نزار بركة إلى أنه تم العمل على تسريع إنجاز هذا المشروع الضخم في إطار الجدول الزمني المحدد كما أن الأشغال “في تقدم مستمر”، مشددا على أن توجيهات جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية لمجلس النواب، تعد خريطة طريق لمواجهة التحديات التي تطرحها التغيرات المناخية من خلال تسريع إنجاز المشاريع التي يتضمنها البرنامج الأولوي للماء 2020 – 2027، إلى جانب مشاريع إنجاز شبكات الربط المائي البيني.
الحد من ضياع المياه إلى البحر
وفي هذا السياق، أكد المسؤول الحكومي أن مشروع الربط المائي البيني من الأحواض الشمالية إلى الجنوبية سيمكن من الحد من ضياع المياه إلى البحر، مشيرا إلى أنه رغم سنوات الجفاف المتتالية تم ضياع ما يقارب 2,8 مليار متر مكعب بين سنتي 2019 و2022
وسيمكن المشروع من حل إشكالية الجفاف وتأثيرها على الموارد المائية وخاصة المخصصة لضمان الماء الصالح للشرب للمواطنات والمواطنين بالمناطق التي تعرف نقصا في هذه المادة الحيوية خاصة في المدن والمراكز المتواجدة بين القطبين المهمين للرباط والدار البيضاء
وكانت الوزارة المعنية اتخذت قرار إنجاز الشطر الاستعجالي للربط المائي بين حوض سبو من سد المنع إلى حوض أبي رقراق بسد محمد بن عبد الله لسد الخصاص المائي الذي تعرفه حقينة سد المسيرة منذ السنة الماضية، من خلال “تسريع إنجاز هذا الشطر الاستعجالي ليكون جاهزا هذه السنة خاصة وأن مشروع إنجاز محطة تحلية مياه البحر لمدينة الدار البيضاء مبرمجة على مرحلتين ابتداء من أواخر السنة الجارية.
تخفيف الضغط على حوض أم الربيع
الشطر الاستعجالي سيمكن من تحويل 350 إلى 470 مليون متر مكعب في السنة من المياه من سد المنع لسبو لسد سيدي محمد بن عبد الله، إذ سيمكن من التخفيف في استغلال مياه حقينة سد المسير، كما سيتم تأمين تزويد الدار البيضاء الكبرى بالماء الصالح للشرب وتخفيف الضغط على حوض أم الربيع من خلال الرفع من التزويد انطلاقا من حوض أبي رقراق (سد سيدي محمد بن عبد الله) عبر إنجاز قناة للربط بين نظامي التزويد بالماء الشروب لشمال وجنوب الدار البيضاء الكبرى.
وفي السياق ذاته، يتم حاليا إنجاز مشروع إزالة تلوث المياه بالعالية المباشرة لسد المنع- سبو عبر إنجاز محطات تبخر مرجان الزيتون وتحويل وحدات إنتاج زيت الزيتون وإزالة التلوث الحضري وتلوث الوحدات الصناعية المعزولة بعالية سد المنع بكل من جهة الرباط -سلا- القنيطرة وجهة فاس –مكناس.
1.4 تريليون دولار في 2028.. توقعات "النقد العربي" للتمويل المستدام
مع اقتراب COP28.. المغرب يبحث عن هذه الفرصة
مبادرة رائدة
ومن جانبه، اعتبر الدكتور محمد بن يخلف، متخصص في المياه والمعالجة في حديث مع "موقع العين الإخبارية" أن "الطريق السيار المائي" مبادرة جيدة تدخل في إطار التكيف مع التغيرات المناخية.
وأضاف بن يخلف، أن حوض سبو يعتبر أكبر نهر في المغرب ويتوفر على وفرة مياه، ستساعد على تعبئتها بدل من ضياعها في البحر، موضحا أنه عندما تملأ السدود فإنها تتحول إلى البحر، الأمر الذي يتسبب في خسارة كبيرة لهذه المياه.
وأفاد المتخصص في المياه، أن حوض أبي رقراق حجمه صغير ويزود مدن الرباط (العاصمة الإدارية) والدار البيضاء (العاصمة الاقتصادية) بالماء الشروب، ومن المرتقب أن يصل إلى مدينة مراكش (جنوب المملكة).
ولم يفت الخبير ذاته، أن قطرة ماء تدخل في تعبئة المزيد من المياه، مشيرا إلى أن هناك تفكير في تدويرالمياه العادمة ومعالجة المياه السطحية لمواجهة آثار المناخ.
وأما الدكتور، إدريس البلغيثي أستاذ باحث في علوم المياه والأحياء المائية بكلية العلوم بجامعة محمد الخامس، في اتصال مع "موقع العين الإخبارية" اعتبر بدوره، أن فتح "الطريق السيار المائي" تجربة ناجحة ورائدة في بلد المغرب الذي يسعى إلى التكيف مع تغير المناخ.
وتابع البلغيثي، "كنا ننادي أن هناك شبكة تربط المياه الجوفية والسطحية،ولا يعقل وجود منطقة توجد بها وفرة ماء والثانيه تعاني خصاصا"، وتأسف الباحث في علوم المياه، عن ضياع الماء في البحر بدل تعبئته، علما يقول إن المغرب وهو بلد في إفريقيا الشمالية يعاني ندرة الماء ووفرة في أشعة الشمس".
وشدد الخبير نفسه، على أنه لمواجهة أزمة الماء لا بد من تدوير المياه العادمة والحفاظ عليها باعتبارها مخزون.
ومن جهة أخرى، أكد مصطفى بنرامل، الخبير البيئي في المناخ والناشط البيئي، في حديث مع "موقع العين الإخبارية"، أن الربط الشبكي بين الأحواض المائية، يعد مشروع استعجالي الذي يربط الحوض المائي لسبو بالحوض المائي أبي رقراق أولى مراحله.
واسترسل بنرامل، أن فتح "الطريق السيار المائي" لم يكن أمرا سهلا، بل شرع العمل فيها قبل 8 أشهر، حيث اكتمل اليوم بوصول أولى الكميات المائية لسد مولاي عبد الله بالرباط.
ويرى المتحدث عينه، أن هذا المشروع يتمكن من دعم الموارد المائية الموجهة للشرب لساكنة مدينة الرباط والجماعات المجاورة لها حتى الاحياء الشمالية لمدينة الدارالبيضاء، مما سيساهم في مواجهة النقص الحاد للموارد المائية غير المتجددة لتلك المناطق.
aXA6IDMuMTQ0Ljg5LjQyIA== جزيرة ام اند امز