التكيف المناخي.. قصص النجاح ليست الصورة الكاملة
من بين الأساطير المناخية، أنه إذا كانت مشكلة "التغير المناخي" توجد بالفعل، وهناك من يتكيف معها، فلماذا لا يتعلم البشر دروس التكيف؟
ويتم التعامل مع المشكلة كأمر واقع.
ورغم أن ما يردده أصحاب هذا الرأي حقيقي، وهو أن هناك حالات من التكيف المناخي تم رصدها، إلا أن المسكوت عنه في تلك القصة، هو أنه ليس كل النباتات والحيوانات قادرة على التكيف.
وتواجه النباتات والحيوانات والطيور تغير المناخ بخيارين هما، إما التحرك أو التكيف، وهناك العديد من الأمثلة على الأنواع التي بدأت بالفعل في التكيف مع تغير المناخ، فمع وصول الربيع مبكرا، بدأت بعض الحشرات تظهر مبكرا، و تضع بعض الطيور المهاجرة بيضها في وقت مبكر لتتناسب مع توفر الحشرات حتى تحصل صغارها على الطعام، وعلى مدار الـ 65 عاما الماضية، تغير موعد خروج إناث الفراشات في جنوب أستراليا من شرانقها بمقدار 1.6 يوما كل عقد، حيث ارتفعت درجات الحرارة هناك بمقدار 0.14 درجة مئوية كل عقد.
وشهدت الشعاب المرجانية، وهي في الواقع مستعمرات لحيوانات فردية تسمى "البوليبات"، عملية تبييض واسعة النطاق مع ارتفاع درجة حرارة المحيطات، فعندما ترتفع درجة حرارتها، فإنها تطرد الطحالب التكافلية الملونة التي تعيش داخلها، ووجد العلماء الذين يدرسون الشعاب المرجانية حول "ساموا" الأمريكية أن العديد من الشعاب المرجانية في برك المياه الدافئة لم تتعرض للتبييض.
وعندما قاموا بتعريض هذه الشعاب المرجانية لدرجات حرارة أعلى في المختبر، وجدوا أن 20% منها فقط طردت طحالبها، في حين أن 55% من المرجان من البرك الباردة المعرضة للحرارة العالية طردت طحالبها أيضا، وعندما تم نقل الشعاب المرجانية من حوض سباحة بارد إلى حمام سباحة ساخن لمدة عام، تحسنت قدرتها على تحمل الحرارة، حيث قام 32.5% فقط بإخراج طحالبها، حيث تكيفوا دون أي تغيير جيني.
ويوضح ذلك الفرق بين التطور من خلال الانتقاء الطبيعي على مدار أجيال عديدة، والتكيف من خلال اللدونة المظهرية، وهي قدرة الكائن الحي على تغيير سماته التنموية والسلوكية والجسدية خلال حياته استجابة للتغيرات في البيئة.
ولا تتمتع كل النباتات والحيوانات بهذه القدرات التكيفية، حيث كشفت دراسات أنه " إذا لم نقلل من انبعاثاتنا الكربونية، و سمحنا لدرجات الحرارة العالمية بالارتفاع بمقدار 4.5 درجة مئوية، فإن ما يصل إلى نصف الحيوانات والنباتات في بعض المناطق الأكثر تنوعا بيولوجيا في العالم يمكن أن تنقرض بحلول عام 2100".
ويقول عبد الله شرف، الباحث بمركز الأحياء بجمهورية التشيك لـ "العين الإخبارية" أنه " حتى لو تمكنا من الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى هدف اتفاقية باريس للمناخ المتمثل في درجتين مئويتين، فإن مناطق مثل الأمازون قد تفقد ربع أنواعها".
ويعزي شرف ذلك، إلى أنه "مع سرعة تغير المناخ، أصبح من المستحيل على العديد من الأنواع التكيف بسرعة كافية لمواكبة بيئتها المتغيرة، ومع تدمير الموائل الطبيعية بسبب الطرق والمدن والسدود، يصبح خيار الحركة صعبا بشكل متزايد، لذلك فإن المستقبل لا يبدو إيجابيا للغاية، حتى ولو تمكنت بعض الأنواع من التكيف".
aXA6IDMuMTQyLjE3Mi4xOTAg
جزيرة ام اند امز