شاركت الأسبوع الماضي وعلى مدار يومين في اجتماعات مجموعة الخبراء الدوليين المستقلين رفيعي المستوى المعنية بالتمويل المناخي، والتي استضافتها أبوظبي.
وذلك بمشاركة الرئيس المكلف لقمة المناخ الثامنة والعشرين، معالي الدكتور سلطان الجابر ورئيسي مجموعة الخبراء وأعضائها، ولفيف من المسئولين، ورواد المناخ لقمم غلاسكو وشرم الشيخ ودبي، ولفيف من قيادات المؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص ومختصين في شئون التمويل والتنمية والعمل المناخي.
وقد أحسنت رئاسة قمة المناخ لدولة الإمارات العربية المتحدة صنعاً باستكمال الجهد الذي بدأته مجموعة العمل في إطار الاستعداد لقمة شرم الشيخ، وأعدت تقريراً متميزاً لتمويل المناخ مع تحديد علاقاته بتمويل التنمية مع اعتماد منهجية لتقدير فجوات التمويل المطلوب تجسيرها.
ومن الملاحظات التي تكرر ذكرها أن العالم يعاني من أزمة ثقة عموماً؛ فهناك حرب دائرة في أوروبا على نحو غير مشهود منذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها. كما كان التعامل مع أزمة جائحة كورونا نموذجاً لقصور آليات التعامل الدولي والأنانية والاستئثار التي شهدها توزيع اللقاحات في المراحل الأولى بعد تطويرها حتى تم التوافق على آلية مدعمة لتوفيرها في البلدان النامية بعد فترة حرجة من التعنت.
كما جاء تعامل البلدان المتقدمة مع تداعيات الجائحة الاقتصادية بآليات كانت وبالاً على البلدان النامية خاصة بالسخاء النقدي الذي غمر الأسواق فارتفعت معدلات التضخم بما حتم محاولة احتوائها بزيادات متوالية لأسعار الفائدة رفعت تكلفة الاقتراض وجلبت مزيداً من الضغوط على الاقتصاد العالمي، تاركة بلدانا نامية تعاني من ثالوث لأزمات حادة في أسعار الغذاء والطاقة وتفاقم الديون.
والوضع على هذا الوصف المذكور، لا يكون مستغرباً -عندما يأتي ذكر تغير المناخ ومكافحته في بعض البلدان- أن يقابل بقدر من التساؤل حول أولويته في قائمة التحديات. والمسألة هنا لا تتعلق بحملات للتواصل الإعلامي بتركيز لجرعاته على أوجه الخطورة الوجودية التي تعترض الأرض ومن عليها، ففي الأسابيع الماضية تبارت الأيام حول بقاع العالم أيها أشد حراً في تاريخ الطقس المرصود، وأيها سينبئ الناس عن حرائق أكثر انتشاراً للغابات في أوروبا وكندا وعن فيضانات مدمرة في بلدان الجنوب والشمال وحالات الجفاف وشح المياه.
هذه التطورات وحدها كفيلة لتذكير عموم الناس بتدهور أوضاع المناخ بما حدا بالأمين العام للأمم المتحدة أن يؤكد أن العالم انتقل من الحالة الخطيرة لسخونة الأرض إلى حالة أخطر بغليانها.
ولكن ما سيجعل عموم الناس والمسؤولين أكثر اكتراثاً والتزاماً بالعمل المناخي هو وضع مشروعاته وتمويلها وفق نظام متكامل يجعل استثمارات المناخ جزءاً من حل المعضلات والأزمات الراهنة. فالاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة ليس فقط من أولويات تخفيف الانبعاثات الضارة بتوفير مصادر بديلة للطاقة، ولكنها جزء من حل أزمة الطاقة الراهنة لتكون في متناول كافة المستويات الداخلية، وكذلك لعون 800 مليون إنسان أغلبهم في أفريقيا، للحصول على طاقة نظيفة ومتوافقة مع اتفاق باريس.
كما أن التمويل للعمل المناخي في البلدان النامية يجب ألا يعتمد على الاستدانة على النحو القائم حالياً؛ فلا يمكن علاج أزمة المناخ بأزمات في الديون. وكما ذكر الاقتصادي كينيث روجوف في مقال عن إعادة التفكير في تمويل العمل المناخي للبلدان النامية بتأكيده على أن اقتراحات زيادة القروض الموجهة لمشروعات المناخ من خلال سبل الدعم لن تحل مشكلات سخونة كوكب الأرض بل هي وصفة ناجعة لأزمة ديون خارجية، وأن تمويل مشروعات المناخ في إطار التنمية المستدامة يجب أن يغلب التمويل من خلال المنح والاستثمارات المشتركة وليس الاستدانة التي تشكل أكثر من 60% من تمويل المناخ عالمياً والنسبة أعلى من ذلك في البلدان النامية.
وفي إطار تحليلي مبسط قدمته مجموعة العمل تتضح فجوة التمويل في البلدان النامية باستثناء الصين ونشرته في أحد إصدارات معهد غرانثام بمدرسة لندن للاقتصاد على النحو الآتي:
- 150 حتى 200 مليار دولار من مصادر تمويل ميسر
هذه بطبيعة الحال أرقام تقديرية نورد عليها الملاحظات الآتية:
5) تطوير سياسة شاملة للعمل المناخي والتنمية تشمل سائر ممكنات العمل المناخي التي تتعلق بالتكنولوجيا والبيانات المدققة وتيسير التجارة الدولية المرتبطة من حيث توفير المكونات أو تصدير المنتج النهائي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة