رسائل قمة الطموح المناخي لإنقاذ الكوكب.. التغيير ما زال ممكناً
لم يعد أمامنا كثير من الوقت للحد من التغيرات المناخية، فدرجات الحرارة بلغت مستويات لا يمكن تحملها، بعدما دخل الكوكب مرحلة الغليان.
العديد من الطموحات والتحديات وضعها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، نصب عينيه، عندما دعا إلى عقد قمة الطموح المناخي لعام 2023، التي تنطلق في مقر المنظمة الأممية بمدنية نيويورك، بالولايات المتحدة، يوم 20 سبتمبر/ أيلول 2023، بهدف تسريع العمل من أجل إنقاذ كوكب الأرض.
تمثل قمة الطموح المناخي، التي تأتي ضمن أسبوع حافل للجمعية العامة للأمم المتحدة، نقطة فارقة في تاريخ الكوكب، لإثبات وجود إرادة عالمية جماعية على كبح جماح التغيرات المناخية، وصولاً إلى هدف اتفاق باريس، بمنع زيادة مستويات الاحترار العالمي بأكثر من 1.5 درجة، لتجنب أكثر العواقب المناخية سوءاً.
يلتقي قادة العالم ومسؤولو الحكومات ورؤساء الشركات العملاقة والمؤسسات التجارية والمالية والسلطات المحلية، وكذلك الخبراء ومنظمات المجتمع المدني، للاتفاق على مجموعة من الأهداف الطموحة، من خلال بناء مستقبل أكثر قدرة على الصمود في وجه التغيرات المناخية، والانتقال العادل إلى اقتصاد عالمي أكثر إنصافاً، يعتمد على الطاقة المتجددة.
يأتي انعقاد نسخة هذا العام من قمة الطموح المناخي وسط مؤشرات متزايدة على تزايد حدة التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية، والتي تضرب في أنحاء العالم بوتيرة متسارعة، الأمر الذي يثير مخاوف من أن يكون العمل المناخي العالمي لا يسير على المسار الصحيح.
وتؤدي الأحدث المناخية المتطرفة، كموجات الحرارة القاسية، والعواصف والأعاصير والفيضانات، وحرائق الغابات، وموجات الجفاف غير المسبوقة، إلى فقدان عشرات الآلاف من البشر أرواحهم، وتدهور مصادر الدخل لملايين آخرين، فضلاً عن تدمير المنشآت ومرافق السكن والبنية الأساسية، مما يؤدي إلى نزوح ملايين الأشخاص من مناطق عيشهم.
وبينما لا يزال الوقود الأحفوري، الذي يشمل الفحم والنفط والغاز، يسهم بما يقرب من 75% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، التي بلغت مستويات قياسية، ورغم أن الأضرار الناجمة عن أزمة المناخ تبدو هائلة، فإن قمة الطموح المناخي من شأنها أن تؤكد أن التغيير مازال ممكناً.
ووفق بيان صدر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، فإن قمة الطموح المناخي للعام 2023 تتضمن دعوة لتسريع وتيرة العمل من جميع الأطراف، بما فيها الحكومات والمؤسسات التجارية والمجتمع المدني، كما أنها تشكل فرصة للاستماع إلى صانعي التغيير في هذا المجال، من حلال ثلاثة مسارات، تتضمن الطموح والمصداقية والتنفيذ.
يشير البيان، الذي تلقته "العين الإخبارية"، إلى أن قمة الطموح المناخي تستهدف في الأساس توجيه مجموعة من الرسائل إلى قادة العالم، وغيرهم من ممثلي الأطراف المعنية الأخرى، لتسريع السباق من أجل حماية الكوكب.
بدأ عصر الغليان ولا متسع من الوقت
تشير التقديرات الدولية إلى أن حوالي 70% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الكوارث المناخية، على مدار الـ50 عاماً الماضية، وقعت في 46 دولة من البلدان الأقل نمواً على مستوى العالم، أما الآن، فقد أصبح نحو نصف سكان الكوكب يعيشون بالفعل في مناطق خطرة، أو معرضة لتداعيات كارثية محتملة نتيجة التغيرات المناخية، التي باتت تؤثر على السكان في كل ركن من العالم، حيث تتزايد معدلات تعرضهم للوفاة بنحو 15 مرة مقارنةً بغيرهم.
وتعتبر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ أصبحت واقعاً على نطاق واسع، وأن الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بلغت مستويات قياسية، ودعت إلى ضرورة العمل على تخفيضات فورية وعميقة في مستويات الانبعاثات، على مدار العقود الثلاثة المقبلة، للحد من الاحترار العالمي دون 1.5 درجة مئوية.
وفي تحذير يعكس مدى خطورة الوضع الراهن، الذي بات يهدد مقومات الحياة على كوكب الأرض، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن "عصر الاحتباس الحراري قد انتهى، وبدأ عهد الغليان الحراري العالمي"، معتبراً أن "الهواء لا يمكن تنفسه، والحرارة أصبحت لا تطاق"، وأضاف أن "التقاعس عن العمل المناخي أمر غير مقبول".
- قمة الطموح المناخي.. 3 مسارات و5 إجراءات لإنقاذ الكوكب
- 4 اجتماعات و4 قضايا.. تفاصيل خطة الأمين العام لقمة الطموح المناخي
تسريع العمل للوصول إلى "صافي الصفر"
وأطلق "غوتيريش" مجموعة من "اللاءات"، للتأكيد على أن العالم ليس أمامه سوى تسريع التحرك نحو إنقاذ الكوكب، قائلاً: "لا للمزيد من التردد، لا للمزيد من الأعذار، لا للمزيد من الانتظار حتى يتحرك الآخرون أولاً، لأنه ببساطة، لم يعد لدينا متسع من الوقت".
وفي وقت سابق من العام الجاري، أطلقت الأمم المتحدة "أجندة تسريع العمل المناخي"، تحدد مجموعة من المهام يجب أن يعكف عليها قادة الحكومات، وممثلو قطاع الأعمال ومؤسسات التمويل خلال العام الحالي، للحفاظ على العمل المناخي ضمن المسار الصحيح، وتحقيق العدالة المناخية لكثير من الشعوب التي أصبحت على الخطوط الأمامية في مواجهة أزمة المناخ.
وترى هيئة (IPCC) أن مفتاح معالجة أزمة التغيرات المناخية يعتمد بشكل كبير على قدرة البشر على التوقف عن استخدامات الطاقة الناتجة عن الوقود الأحفوري، وتسريع الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، التي تتوافر بسهولة، وعادةً ما تكون أقل تكلفة من المصادر الأخرى.
وتدعو الأجندة الأممية بلدان العالم المختلفة إلى تسريع جهودها للتقليل من أو التوقف تماماً عن استخدام الفحم، وتحقيق التوازن بين الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي، مع كميات الكربون التي يتم التقاطها وتخزينها، وصولاً إلى هدف "صافي صفر انبعاثات".
مساهمات وطنية أكثر طموحاً لإنقاذ الكوكب
من المخطط أن تستعرض قمة الطموح المناخي التقارير المقدمة من قادة حكومات بعض الدول، خاصةً البلدان صاحبة أكثر معدل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بشأن مدى الوفاء بالالتزامات حيال الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ومن ضمنها اتفاق باريس، لتجنب ارتفاع الاحترار العالمي بأكثر من 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وبحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن قمة الطموح المناخي لعام 2023 ستشهد مطالبة حكومات كافة البلدان الأكثر إنتاجاً للانبعاثات، وفي مقدمتها دول مجموعة العشرين، الالتزام بتقديم تقارير مساهمات محددة وطنياً بحلول عام 2025.
يجب أن تتضمن تلك التقارير الطوعية مجموعة من الأهداف أكثر طموحاً بشأن "صافي صفر انبعاثات"، وخطط الانتقال للطاقة المتجددة، مع التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى تعهدات مالية لدعم الصندوق الأخضر للمناخ، وخطط اقتصادية شاملة للتكيف والصمود.
- التمويل قضية شائكة.. COP28 تضع العالم على المسار الصحيح
- الأمين العام للأمم المتحدة: أزمة المناخ "فتحت أبواب الجحيم"
النزاهة والعدالة ودعم الفئات الضعيفة
كما تشهد قمة الطموح المناخي تقديم رؤساء الشركات والمؤسسات المالية ومسؤولي المدن خطط انتقالية تتماشى مع معايير المصداقية والنزاهة، فيما يتعلق بالتعهدات الطوعي لصافي الصفر، بالإضافة إلى وضع استراتيجيات لوقف استخدام الوقود الأحفوري، والالتزام بالعمل المناخي القائم على العلم، مع وضع العدالة المناخية كأحد الأهداف الأساسية للقمة.
وتستعرض القمة التحديات والفرص المتعلقة بتسريع عمليات إزالة الكربون من القطاعات مرتفعة الانبعاثات، والكشف عن إجراءات تحقيق العدالة المناخية، ومضاعفة تمويل التكيف بحلول عام 2025، بهدف توفير الحماية للشعوب والفئات الضعيفة من الكوارث المناخية بحلول عام 2027.
ومن المتوقع أن تشهد قمة الطموح المناخي لعام 2023 افتتاح صندوق الخسائر والأضرار، الذي تم الاتفاق عليه في الدورة السابقة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP27) في شرم الشيخ بمصر، أواخر العام الماضين ويُعد هذا الصندوق أول آلية تمويل من نوعها لمساعدة الدول الضعيفة المتضررة من تداعيات التغيرات المناخية.