تغير المناخ.. سبب "مجهول" للصداع المتكرر
يعد الصداع المتكرر أحد أكثر اضطرابات الجهاز العصبي شيوعا، حتى أن الإحصائيات تشير إلى أنه في دولة مثل أمريكا يشكو منه 45 مليون كل عام.
يعد الصداع المتكرر أحد أكثر اضطرابات الجهاز العصبي شيوعا، حتى أن الإحصائيات تشير إلى أنه في دولة مثل أمريكا يشكو منه ما يقرب من 45 مليون شخص كل عام، أي واحد من كل ستة أمريكيين، ومن المحتمل أن يكون الأشخاص الذين يعانون من الصداع أو الصداع النصفي بانتظام على دراية بمحفزات مختلفة للصداع، مثل زيادة التوتر أو التغيرات في نوعية النوم.
ولكن ما قد لا يدركه الأشخاص الذين يعانون من المرض، هو أن تغير المناخ يمكن أن يكون له آثار على الصداع.
ووفقًا لوكالة حماية البيئة، يستمر ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية في التأثير على التغيرات واسعة النطاق في أنماط الطقس، ومن المرجح أن تصبح الظواهر الجوية المتطرفة، مثل موجات الحرارة والأعاصير، أكثر تواترا أو أكثر حدة، ويقترح الخبراء أن الإجهاد الناتج عن هذه الأحداث يمكن أن يؤدي إلى الصداع.
الصداع وتداعيات أحداث المناخ
وتقول مارلين هوارث، الأستاذ المساعد في علم الأدوية بكلية الطب جامعة بنسلفانيا في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة "لا يمكن أن تكون تجربة العاصفة الشديدة بحد ذاتها مرهقة فحسب، بل يمكن أن تضيف تداعياتها، حيث يتعين علينا التعامل مع الإصابات وتدمير منازلنا وفقدان ممتلكاتنا، المزيد من الضغط، ويمكن أن يتسبب هذا الضغط في إصابة الأشخاص المعرضين بالفعل للصداع بتكرار الأعراض أو حدوثها بشكل أكثر حدة ".
ومع زيادة الأحداث المناخية التي تسبب الفيضانات، مثل الأعاصير والأمطار الغزيرة الأخرى، هناك أيضا احتمال متزايد أن تتعطل مرافق تخزين المواد الكيميائية وغيرها من المواد الخطرة، مما قد يتسبب في حدوث انسكابات وتسريبات يمكن أن تلوث التربة والمياه، والجو.
وتضيف هوارث "من المعروف أن عددا من المواد الكيميائية الشائعة، مثل المذيبات، تسبب تهيجًا في الأنف والحلق، والصداع ، وإذا أدى التركيز العالي الكافي لهذه المواد الكيميائية إلى دخول التربة حول منازلنا، أو في مياه الشرب، تسبب الصداع في بعض الأفراد، وقد يتلامس الأفراد أيضا مع المياه الملوثة أثناء محاولتهم الوصول إلى منازلهم أو إخلاء المنطقة المتضررة، مما قد يؤدي إلى حدوث الصداع".
وتشير الأبحاث أيضًا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بتغير المناخ له تأثير على تغيير أوراق الشجر وحبوب اللقاح في بعض المناطق.
وأوضحت هوارث أن "هذه التغييرات يمكن أن تؤدي إلى زيادة في حبوب اللقاح الموجودة بالفعل في منطقة ما، أو إدخال نوع جديد من حبوب اللقاح في منطقة لم يسبق لها مثيلا من قبل، والأشخاص الذين يعانون من الحساسية الموجودة قد يرون أنها تزداد سوءا، والأشخاص الذين لم يعانوا من الحساسية في الماضي قد يصابون بها."
وتكشف دراسة حديثة قادتها هولي إلسر، وهي طبيب أعصاب مقيم في مستشفى كلية الطب بجامعة بنسلفانيا، عن حدوث زيادة في زيارات قسم الطوارئ للمرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالصداع بعد حرائق الغابات في كاليفورنيا.
وتقول إلسر: "حرائق الغابات هي الأكثر شيوعًا في غرب الولايات المتحدة، حيث يؤدي تغير المناخ إلى اشتداد مواسم حرائق الغابات وطولها، ولكن حتى ولايات وسط المحيط الأطلسي مثل بنسلفانيا ونيوغيرسي تتعرض لتأثيرات حرائق الغابات".
مراقبة جودة الهواء
وتوصي إلسر المرضى الذين يعانون من الصداع بمراقبة شعورهم، مع ملاحظة ما إذا كانت أعراضهم تزداد سوءا في الأيام التي تكون فيها جودة الهواء رديئة.
وتقول: "من السهل على الأفراد مراقبة جودة الهواء باستخدام تطبيق الطقس على هواتفهم الذكية، أو عبر الإنترنت من خلال خدمة الطقس الوطنية، فإذا كانت هناك مستويات عالية من الدخان أو التلوث أو حبوب اللقاح، يجب على المرضى تجنب الخروج في تلك الأيام قدر الإمكان إذا كانوا يعرفون أنه من السهل إصابتهم بالصداع".
وتؤكد إلسر على أهمية إدراك أن تغير أنماط الطقس يمكن أن يسبب أو يجعل الكثير من أنواع الظروف الصحية أسوأ، وليس فقط الصداع، حيث تظهر الأبحاث أن التلوث المرتبط بتغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى قلة النوم والربو وأمراض الرئة الأخرى، مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، وزيادة معدلات الإصابة بالسرطان، كما أن التعرض للطقس القاسي يمكن أن يسبب القلق والاكتئاب وإجهاد ما بعد الصدمة واضطرابات الصحة العقلية الأخرى.
وتضيف: "على المدى القصير، من المهم أن يتوقع الأطباء والأنظمة الصحية زيادة في الزيارات التي تشكو من الصداع أو الأعراض الأخرى المرتبطة به، بعد الأحداث المناخية مثل حرائق الغابات أو الفيضانات، ويجب أن يتأكد أطباء الأعصاب الذين يعالجون الصداع والصداع النصفي من مراعاة العوامل البيئية وعوامل الخطر عند تقديم المشورة للمرضى ، خاصةً إذا كانوا في مناطق متأثرة بحرائق الغابات المتزايدة".
aXA6IDMuMTQ1LjEwOS4yNDQg جزيرة ام اند امز