ماذا يخبئ المناخ للغابات؟.. الكوكب في خطر
حذرت مجموعة من الدراسات من مخاطر المناخ المتطرف على الغابات ومستقبل الأرض وسط معدلات احترار غير اعتيادية.
ووفق دراسة أجرتها جامعة ميونيخ التقنية في ألمانيا، قد انعكس معدل نمو الأشجار السريع خلال القرن الماضي، على كثافة الأخشاب المنتجة؛ حيث انخفضت كثافة الخشب بنسبة 8-12٪ خلال القرن الماضي؛ مما أثر بدوره على سعة تخزين الكربون في الغابات؛ وذلك لأن الأشجار ذات الأخشاب الضعيفة ستخزن كمية أقل من الكربون، كما أنها ستكون أقل قدرة على تحمل الظواهر الجوية المتطرفة.
الاحترار ونمو الأشجار
درس علماء النبات منذ فترة طويلة العوامل التي تتحكم في توقيت العمليات الدورية للشجرة، كنمو الأوراق في فصل الربيع وتساقطها في الخريف، ووجدوا علاقة وطيدة بين ارتفاع درجات الحرارة في بداية فصل الربيع نتيجة تغير المناخ، والنمو المبكر للبراعم؛ حيث تستفيد الأشجار في المناطق الباردة وتنمو بشكل أسرع؛ مما ينعكس بدوره على ارتفاع معدلات إنتاج الأخشاب. بحسب ما ذكره المنتدى الاقتصادي العالمي
ومع ذلك، تُشير الدراسات إلى أن مواسم النمو الأطول يجعل الأشجار أضعف بنيويًّا؛ مما يُسهم في إضعاف جودة الخشب؛ حيث أن جذوع الأشجار تنكسر بسهولة أكبر. وفي هذا الصدّد، يُشير علماء النبات إلى مستقبل الغابات وكيفية تأثير درجات الحرارة على خصائص الخشب المنتج.
الخشب: ما هذا؟
الخشب هو نتاج التراكم التدريجي للخلايا في الأشجار، والغرض من هذا التراكم هو تجديد نظام نقل النسغ الخام، وهو عبارة محلول يتكون من الماء المشبّع بالمواد المعدنيّة ويتحرك من جذور النبات إلى أوراقه من خلال طبقة في الجذع تسمى الخشب.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن حلقة الشجرة، هي نتاج موسم نمو يمتد في البيئات المعتدلة والشمالية من الربيع إلى الخريف، حيث أنه كل عام يتم تشكيل حلقة نمو جديدة. كما أن سُمك الحلقة يعتمد على مجموعة من العوامل المتأصلة في الشجرة (نوعها والعوامل الوراثية) والعوامل البيئية (مثل نوع التربة والتعرض للشمس والمناخ والمنافسة بين الأشجار المجاورة).
في بعض الأنواع، وخاصة في الصنوبريات، قد يكون من السهل جدًا تمييز الحلقات عن بعضها البعض. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الشجرة تنتج نوعين من الخشب خلال موسم النمو، يتميزان بخلايا ذات أشكال ووظائف مختلفة. ففي الربيع، تنتج الشجرة العديد من الخلايا الكبيرة ذات الألوان الفاتحة بجدار خلوي رقيق. يُطلق على هذا الجزء خشب 'Earlywood'. وفي أواخر الصيف، يتباطأ النمو، وتصبح الخلايا أصغر؛ لكن جذورها تصبح أكثر سمكًا. ويُطلق على هذا الجزء 'Latewood" وهو الجزء الأكثر قتامة.
تعتبر خصائص خلايا الخشب ذات أهمية خاصة ولها أهمية كبيرة من الناحية البيئية والاقتصادية؛ وفقًا للأسباب الآتية:
أولًا: تخزن جدران الخلايا الخشبية معظم الكربون الذي تمتصه الأشجار من الغلاف الجوي. وبالتالي، فإن جدار الخلية السميك يعني أن الشجرة تمتص كمية أكبر من الكربون.
ثانيًا: تُحدد عدد الحلقات في الشجرة كثافة وسمك الخشب؛ وبالتالي تحدد استخدامه المحتمل وقيمته المادية.
تنمو الأشجار بشكل أسرع
على مدى القرن الماضي، في المناطق المعتدلة من أمريكا الشمالية وأوروبا؛ ارتفعت معدلات نمو الأشجار، بنسبة تصل إلى 77% أعلى مما كانت عليه في القرن السابق، وترتبط هذه الزيادة بإنتاج حلقات نمو أكثر سمكًا.
للوهلة الأولى، يمكن تفسير النمو الأسرع على أنه إنتاج أعلى للكتلة الحيوية، مما قد يؤدي إلى زيادة سعة تخزين الكربون، وبالتالي، مساهمة أكبر للغابات في مكافحة تغير المناخ. بعبارة أخرى، قد يعني معدل النمو الأعلى توفر المزيد من الأخشاب لتلبية احتياجاتنا المختلفة.
تموت الأشجار في عمر أصغر
حللت دراسة أجرتها جامعة ميونيخ التقنية في ألمانيا معدل نمو الأشجار وخصائص خشبها خلال القرن الماضي، ووجدت أنه كلما ارتفعت درجات الحرارة، كلما ازداد معدل نمو الأشجار، وانخفضت كثافة الخشب بنسبة 8 إلى 12%. علاوة على ذلك، مع انخفاض كثافة الخشب، ينخفض محتوى الكربون المخزن أيضًا بنحو 50%؛ مما يدل على احتجاز الأشجار كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الغلاف الجوي.
بالإضافة إلى القدرة المنخفضة على امتصاص وتخزين الكربون في الغلاف الجوي، فإن انخفاض كثافة الخشب يمكن أن يضعف القوة الهيكلية للسيقان؛ حيث يؤدي الخشب الوظيفة المهمة المتمثلة في دعم الأشجار. وبالتالي فإن تقليل كثافته يكون مصحوبًا بمقاومة أقل للضغوط الجوية التي قد تأتي من الرياح أو تأثير الجاذبية على المنحدرات الشديدة. هذا، وأظهرت دراسة حديثة، وجود ارتباط بين النمو والعمر في الأشجار: فالأشجار سريعة النمو لها متوسط عمر متوقع أقصر.
ماذا يخبئ المستقبل للغابات؟
تجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية متوسط ما قبل العصر الصناعي بنحو 1.15 درجة مئوية، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر في السنوات القادمة.
بينما من الممكن أن تؤدي درجات الحرارة الأكثر دفئًا إلى إطالة موسم نمو الأشجار وبالتالي زيادة معدل نموها، وتوسع نمو الغابات على مستوى العالم، إلا أنه من المرجح أن ينعكس ذلك على انخفاض معدلات اختزان الكربون من الغابات.
على الرغم من أن الغابات ستقدم مساهمة كبيرة في مكافحة تغير المناخ، فإن نتائج هذه الدراسات هي دليل إضافي على أن المشاكل البيئية لا يمكن حلها دون اتخاذ إجراءات مباشرة بشأن الأسباب التي تؤدي إلى حدوث تغير عالمي.
aXA6IDE4LjIyNS43Mi4xNjEg جزيرة ام اند امز