خبراء يكشفون لـ«العين الإخبارية».. كيف تدعم التغيرات المناخية انتشار الكوليرا؟
يرتبط الحديث دوما عن مرض الكوليرا بوجود مياه ملوثة ببكتيريا "ضمة الكوليرا" المسببة للمرض، ولكن يظل الجانب الغائب، كيف تمنح تغيرات المناخ "قبلة الحياة" لهذه البكتيريا الخطيرة؟
وطفت على السطح مؤخرا خطورة الكوليرا بعد وجود اشتباه في تفشيها بمحافظة أسوان المصرية القريبة من الحدود مع السودان، ورغم النفي الرسمي لوجود صلة بين حالات إصابات معوية وتفشي الكوليرا، فإن هذا الاشتباه منح الخبراء فرصة للتحذير من خطورة هذا المرض القديم الذي يمكن للتغيرات المناخية أن توقظه من ثباته العميق.
وكشفت دراسة سابقة نشرت في مجلة "نيتشر ريفيو ميكروبيولوجي" عن أن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر يرتبط بزيادة تفشي الكوليرا، خاصة في المناطق الموبوءة.
وتقول ريتا كولويل عالمة الأحياء الدقيقة بجامعة ميريلاند الأمريكية، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "بكتيريا، ضمة الكوليرا، المسببة للمرض، تزدهر في البيئات المائية الدافئة، وبالتالي فإن درجات الحرارة العالمية المرتفعة، خاصة في المناطق الساحلية والنهرية، توفر الظروف المثالية لتكاثر بكتيريا الكوليرا، كما يمكن أن تؤدي المياه الدافئة إلى زيادة العوالق النباتية والحيوانية، التي تعمل كمضيفات لها".
وإذا كانت المياه الدافئة تمنح البيئة المثالية لازدهار البكتيريا فإن أحد تبعات تغيرات المناخ الأخرى تنقل هذه البكتيريا من مجاري الأنهار إلى التجمعات السكانية.
وتوضح كولويل أن "زيادة هطول الأمطار والفيضانات والأعاصير تتسبب في دفع المياه من البحار والأنهار، مما يؤدي إلى غمر الأمطار الغزيرة أنظمة الصرف الصحي، والتسبب في اختلاط النفايات البشرية بمصادر مياه الشرب، وخلق أرض خصبة مثالية لتكاثر الكوليرا".
وأيدت دراسة نشرتها مجلة "لانسيت" ما ذهبت إليه كولويل، حيث أشارت إلى أن أحداث الفيضانات المرتبطة بالمناخ كانت مرتبطة بشكل مباشر بارتفاع حالات الكوليرا، خاصة في البلدان الأفريقية وجنوب آسيا.
كما أفادت منظمة الصحة العالمية بوجود علاقة مباشرة بين الطقس المتطرف وتفشي الأمراض في أماكن مثل موزمبيق واليمن بعد الأعاصير.
وعلى العكس من ذلك تشير جينيكا بونجافانان، من قسم الأحياء الدقيقة بجامعة أكسفورد، إلى أنه "يمكن للجفاف أن يركز البكتيريا في إمدادات المياه المحدودة، وعندما تصبح المياه شحيحة يضطر السكان إلى الاعتماد على مصادر مياه أقل، مما يزيد من خطر التلوث".
وكشفت دراسة أجراها المركز الدولي لبحوث أمراض الإسهال في بنغلاديش، عما أشارت إليه بونجافانان، حيث وجدت أن حالات الإصابة بالكوليرا تزداد خلال أوقات ندرة المياه، حيث يضطر الناس إلى استخدام المياه غير الآمنة من مصادر متقلصة.
ويرتبط بهذا الخطر حدوث النزوح الناجم عن تغير المناخ، الذي يلعب دورا في انتشار الكوليرا.
وتقول بونجافانان إن "الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات أو الجفاف تؤدي إلى نزوح المجتمعات، مما يؤدي إلى اكتظاظ الملاجئ المؤقتة مع سوء الصرف الصحي، وتخلق مثل هذه الظروف بيئة مواتية لانتقال الكوليرا".
ووصفت دراسة للمجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة كيف ارتبط نزوح السكان في أعقاب الفيضانات والجفاف في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بتفشي الكوليرا، بسبب سوء الصرف الصحي في مخيمات اللاجئين.