كيف يؤثر "تغير المناخ" على الصحة؟.. خبراء يكشفون حجم المخاطر
عند الحديث عن التغيرات المناخية عادة ما يأخذ الحديث اتجاها بيئيا، ولكن هناك اتجاها لا يقل أهمية، وهو تأثيرها على الصحة.
وتصف منظمة الصحة العالمية تغير المناخ، بأنه أكبر تهديد صحي يواجه البشر في هذا الوقت، وهو ما ظهر في كثير من الأزمات الصحية التي شهدتها عدة بقاع من العالم مؤخرا، وكان السبب فيها بشكل مباشر أو غير مباسر "تغير المناخ".
وأحدث هذه الأزمات كانت ظهور "الكوليرا" في سوريا، حيث ربطت ممثلة منظمة الصحة العلمية في سوريا إيمان الشنقيطي، بين تفشيها في سوريا، وبين تغير المناخ.
وقالت الشنقيطي في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، أن تغير المناخ أدى إلى انخفاض تدفق نهر الفرات، وهو ما ضاعف من حجم مشكلة كانت موجودة بالفعل، تتمثل في هشاشة البنية التحتية للمياه ومرافق المعالجة، التي دُمر الكثير منها أو تضرر أثناء الأزمة السورية، وخاصة في المناطق الريفية، مما أدى إلى الاعتماد على مصادر مياه بديلة وغير مأمونة في كثير من الأحيان لتلبية- أو استكمال- احتياجات السكان من المياه.
ومن الكوليرا، إلى حمى "الوادي المتصدع" التي ظهرت في موريتانيا، حيث يرتبط الفيروس المسبب لها، ارتباطا وثيقا بالهطول الشديد للأمطار، كأحد أبرز تداعيات تغيرات المناخ التي شهدها العالم صيفا.
وعقب الهطول الغزير للأمطار في موسم الصيف، يتسبب غياب شبكة الصرف التي تسمح بتصريف المياه في تجمعها في بعض المنخفضات، ما يوفر بيئة خصبة لانتشار البعوض الناقل للمرض.
وربطت دراسة أمريكية حديثة أجراها كاميلو مورا، عالم البيانات بجامعة هاواي، ونشرت في 8 أغسطس / آب بدورية "نيتشر كلايمت تشانج" بين سقوط الأمطار الغزير وزيادة مناطق تكاثر ونمو البعوض ومجموعة مسببات الأمراض التي ينقلها، ومنها حمى الوادي المتصدع.
وذكرت الدراسة أنه على مدى عقود قليلة، أدت المخاطر المناخية المختلفة الناجمة عن الانبعاث المستمر للغازات الدفيئة إلى تفاقم أكثر من 100 من الأمراض المعدية، فضلاً عن ضعف القدرات على التعامل معها، ومنها حمى الوادي المتصدع والأمراض الأخرى التي ينقلها البعوض، الذي تمنحه الأمطار الغزيرة فرصة البقاء والانتشار.
ومن تلك الأمراض الفيروسية إلى قائمة أخرى من الأمراض، تشمل الأمراض النفسية، حيث تؤدي التغيرات المناخية إلى التأثير على كفاءة النوم، مما مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض المزمنة والالتهابات ومشاكل الصحة العقلية، كما تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة التلوث ، وهو سبب مهم آخر للمرض والوفاة.
كما أن قضايا الصحة العقلية الناجمة عن المناخ أصبح معترف بها علميا، وأنشأت الجمعية الأمريكية لعلم النفس دليلاً لتغير المناخ لمساعدة مقدمي الرعاية الصحية العقلية على علاج القلق المناخي، أو القلق البيئي، وهو ضائقة مرتبطة بالمخاوف بشأن تأثيرات تغير المناخ، وهو ليس مرضا عقليا، لكنه قلق متجذر في عدم اليقين بشأن المستقبل وينبهنا إلى مخاطر تغير المناخ.