أرقام صادمة.. هذا ما يحدث إذا وصل الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة
يستعد قادة العالم للاجتماع على طاولة الحوار ومناقشة سيناريوهات وقف ارتفاع درجات الحرارة، لكن إذا فشلوا في خفض الانبعاثات ماذا سيحدث؟.
صحيح أن الأوان فات لمنع حدوث أزمة تغير المناخ، لكنه لم يفت لوقف أسوأ تأثيراتها على الكوكب، فقط يتطلب الأمر اتخاذ إجراء سريع لتقليل الانبعاثات الكربونية.
وهذا ما يطمح إليه المشاركون في الدورة 26 لقمة الأمم المتحدة للمناخ بمدينة جلاسكو الاسكتلندية "كوب 26"، المقرر عقدها مطلع نوفمبر المقبل.
تقول الأمم المتحدة، في أحدث تقرير بيئي أصدرته، إن العالم أمامه 8 سنوات فقط لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى النصف، للحد من وصول الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
بالفعل، وافقت الدول على الحد من ارتفاع الحرارة إلى أقل من درجتين، لكن ماذا سيحدث إذا أصاب العالم هذه الأهداف أو أخطأها؟.
السيناريو الأول: ارتفاع الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية
نظرًا لأن متوسط درجات الحرارة العالمية يتجاوز بالفعل 1.1 درجة فوق مستويات ما قبل الصناعة، فإن معظم العلماء ينظرون إلى الحد من الزيادات الإضافية إلى 1.5 درجة مئوية على أنه أفضل سيناريو مناخي.
ومع ذلك، فإن ارتفاع درجة الحرارة بهذا المقدار يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، وفقًا لما خلصت إليه لجنة من كبار العلماء في العالم في عام 2018.
في ظل هذا المستوى من الاحترار، من المتوقع أن ترتفع مستويات سطح البحر بنحو نصف متر بحلول نهاية القرن بفضل ذوبان القمم الجليدية.
أيضا يصبح الطقس قاسياً على نحو متزايد، إذ تستمر فترات الجفاف شهرين إضافيين في المتوسط، بينما ستزداد كثافة هطول الأمطار بنسبة 2%.
كما ستصبح موجات الحرارة البحرية أكثر شيوعًا، ما يؤدي إلى تدمير حياة المحيطات، ومن المتوقع أن تنخفض الشعاب المرجانية وحدها بنحو 80%.
أيضا سوف تصبح حرائق الغابات أكثر شراسة، حيث تغطي 41% من الأرض خلال فصل الصيف في أوروبا.
بشأن العواقب الاقتصادية والاجتماعية، فإنه وفقا لموقع inews تصل الخسائر السنوية لأضرار الفيضانات الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر إلى 10.2 تريليون دولار.
في حين أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيكون أقل بنسبة 8% في عام 2100 منه بدون تغير مناخي إضافي.
بحلول عام 2100 من المتوقع أن تنخفض غلة محاصيل الذرة بنسبة 6%، مع انخفاض محصول القمح بنسبة 5%، ما يترك ملايين الأشخاص الآخرين يعانون من الجوع.
السيناريو الثاني: ارتفاع الحرارة بمقدار درجتين مئويتين
عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ حتى جزء من الدرجة يكون مهمًا، لأن تغير المناخ هو في الأساس مشكلة درجات وليس عتبات، وفقا لعالم المناخ ومحلل أنظمة الطاقة زيك هاوسفاثر.
ورغم أن متوسط ارتفاع مستوى سطح البحر لا يزال قابلاً للإدارة عند 56 سم بحلول نهاية القرن، فإنه من المؤكد أن ارتفاع الحرارة بدرجتين يقضي على الشعاب المرجانية تمامًا، مع تأثيرات مدمرة على باقي الحياة البحرية.
يتوقع العلماء أن يخلو المحيط المتجمد الشمالي من الجليد خلال الصيف مرة كل عقد، وعندما يذوب الجليد الأبيض العاكس تمتص الأرض المزيد من الحرارة من الشمس ما يؤدي إلى تسارع الاحترار.
أيضا يستمر الجفاف 4 أشهر إضافية في المتوسط ، وتزداد كثافة هطول الأمطار بنسبة 4%، وتحرق حرائق الغابات الأوروبية 67% من الأراضي كل صيف أكثر مما تفعل الآن.
ومن المقرر أن تنخفض غلة محاصيل الذرة والقمح بنسبة 9% و4% على التوالي بحلول نهاية العقد، كما تبدأ المملكة الحيوانية في معاناة خطيرة حيث تفقد ما يصل إلى 20% من الحشرات واللافقاريات أكثر من 50% من نطاقها الصالح للسكن.
هذه التأثيرات الصعبة تنعكس على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، إذ يتوقع أن تصبح التكاليف أعلى أيضا، مع انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 13% بحلول نهاية القرن.
التأثيرات ليست موزعة بالتساوي في جميع أنحاء العالم، مثلا من المتوقع أن تشهد البرازيل أكثر من ضعف الزيادة في عدد الوفيات الزائدة بسبب الحرارة مقارنة بكندا.
أيضا ستشهد غرب أفريقيا 753% زيادة في الحرارة الشديدة مقارنة بزيادة 187% في شمال آسيا.
بينما في جنوب أوروبا سيكون لدى أكثر من ثلث السكان مياه أقل مما يحتاجون إليه، وينخفض إنتاج القمح بنسبة 12%، كما تصبح شمال أوروبا أكثر رطوبة وتتمتع بزيادة بنسبة 5% في محاصيل القمح.
السيناريو الثالث: ارتفاع الحرارة بمقدار 3 درجات أو أكثر
يتوقع العلماء أنه مع بدء ارتفاع الحرارة بمقدار 3 درجات أو أكثر فإن الكوكب سيعيش تغير مناخي جامح ودائم.
على سبيل المثال، قد يؤدي ذوبان الغطاء الجليدي في غرب أنتاركتيكا إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 1.6 متر أو أكثر، ما يؤدي إلى إعادة تشكيل التيارات المحيطية وأنظمة الطقس المداري والمناخات القطبية.
هناك 9 نقاط تحول يستشهد بها العلماء بشكل عام، من بينها ذوبان الصفائح الجليدية وانهيار غابات الأمازون المطيرة وذوبان الجليد السرمدي.
يقول الدكتور زيك هاوسفاثر: "كلما دفعنا حرارة الكوكب إلى ما هو أبعد من 3 درجات مئوية زادت المخاطر ودخلنا في منطقة المجهول".
لذلك لا تزال هناك أسئلة مهمة بدون إجابة حول شكل العالم حال ارتفاع الحرارة بمقدار 3 درجات أو أكثر.
ومع ذلك، ألقت بعض الدراسات الضوء على ما يمكن أن يخبئه هذا الوضع، وتوقعت أن يتعرض أكثر من ربع سكان العالم لظروف جفاف شديدة لمدة شهر واحد على الأقل في السنة.
أيضا تغرق مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في أفريقيا وآسيا بفعل ارتفاع منسوب مياه البحار، ويمكن أن تكون الحرارة التي تصل إلى 43 درجة مئوية حدثًا معتادًا في مدينة مثل كامبريدج البريطانية الباردة، بينما تصبح أجزاء من الخليج شديدة الحرارة بحيث لا يمكن العيش فيها.
يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى هجرة جماعية عبر القارات، بينما قد يؤدي انهيار المحاصيل إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وفي هذه الظروف من غير الواضح ما إذا كانت الهياكل السياسية والاقتصادية الحالية ستكون قادرة على التعامل مع مثل هذه التحولات الزلزالية.