COP28 يفتح دفتر أحوال المناخ.. تخفيف الانبعاثات مسؤولية مشتركة
الهيئة الحكومية الدولية للمناخ تبقي على أمل بلوغ هدف اتفاق باريس
تشير مستويات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى تسجيل ارتفاعات متزايدة في حرارة الكوكب، تصل إلى 4.4 درجة قبل نهاية القرن الحالي.
ويدعو اتفاق باريس، الذي اعتمده قادة العالم في عام 2015، إلى العمل الجماعي من أجل الحيلولة دون ارتفاع مستوى الاحترار العالمي بأكثر من درجتين مئويتين أعلى من معدلات الحرارة المسجلة قبل عصر الثورة الصناعية، مع السعي للحفاظ على مستوى الاحترار العالمي دون 1.5 درجة.
ويستعرض مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة، أواخر العام الجاري، التقييم العالمي الأول للتقدم المحرز فيما يتعلق بالأهداف الطموحة لاتفاق باريس، وسط تحذيرات متزايدة من أن كوكب الأرض دخل مرحلة اللا عودة فيما يتعلق بمستويات الاحترار العالمي.
ويطالب اتفاق باريس، الذي دخل حيز التنفيذ في 2016، جميع الأطراف بالعمل على خفض الانبعاثات إلى الحد الأدنى، وتوفير التمويل اللازم للتكيف، خاصةً للدول النامية الأكثر تعرضاً للتداعيات السلبية الناجمة عن التغيرات المناخية، بالإضافة إلى استحداث إطار للرصد والإبلاغ عن الأهداف المناخية لكافة الأطراف بكل شفافية.
ويلقي تقرير "فجوة الانبعاثات" لعام 2022، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، بمسؤولية تزايد الانبعاثات المسببة للتغيرات المناخية على مجموعة من الدول، باعتبار أنها الأعلى في إنتاج غازات الاحتباس الحراري، منها 7 دول تشكل حوالي نصف حجم الانبعاثات العالمية، وهي الصين، والولايات المتحدة الأمريكية، والهند، والاتحاد الأوروبي، وإندونيسيا، وروسيا الاتحادية، والبرازيل.
مجموعة العشرين.. أولوية للعمل المناخي
كما يعتبر التقرير، الذي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن مجموعة العشرين مسؤولة عن حوالي 75% من انبعاثات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، الأمر الذي يفرض على قادة المجموعة، خلال اجتماعهم المقبل هذا الشهر، اتخاذ خطوات إيجابية لتعزيز العمل المناخي، ووضع أهداف الوصول إلى الحياد المناخي، ضمن أولويات دول المجموعة.
ويعقد قادة مجموعة العشرين اجتماع القمة الـ18 على مدار يومي 9 و10 سبتمبر/ أيلول الجاري، في العاصمة الهندية نيودلهي، تتويجاً لسلسلة من الاجتماعات والفعاليات التي تم تنظيمها على مدار العام، على أن يتم في ختام الاجتماع اعتماد إعلان قمة نيودلهي، الذي ينص على التزام قادة المجموعة بالأولويات التي تم التوافق عليها خلال الاجتماعات الوزارية ومجموعات العمل المعنية.
ورغم إدراج ملف تغير المناخ على جدول اللجان الوزارية لمجموعة العشرين، فقد أخفق وزراء البيئة، خلال اجتماعهم أوخر يوليو/ تموز الماضي، في التوصل إلى اتفاق بشأن بلوغ الانبعاثات العالمية ذروتها بحلول عام 2025، وذلك بعد أسبوع من فشل وزراء الطاقة بدول المجموعة في الاتفاق على خارطة طريق للتخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري.
ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، فإن اجتماع وزراء الطاقة، الذي استمر لمدة 4 أيام، في بلدة "بامبوليم" الساحلية بالهند، اختتم أعماله يوم 23 يوليو/ تموز، دون التوصل إلى توافق بشأن تحقيق هدف حشد 100 مليار دولار سنوياً بصورة مشتركة من أجل العمل المناخي في الاقتصادات النامية حتى عام 2025.
- 100 يوم على COP28.. خطة من 4 محاور لقمة استثنائية
- أرقام صادمة.. هذا ما يحدث إذا وصل الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة
نتائج "مخيبة للآمال" بشأن القضايا الرئيسية
كما فشل وزراء الطاقة بدول مجموعة العشرين، خلال اجتماعهم، الذي جاء ضمن المحادثات التحضيرية الجارية لمؤتمر (COP28)، في تحقيق أي تقدم على مسار إحدى القضايا الرئيسية المرتبطة بتغير المناخ، حيث انتهى اجتماع "بامبوليم" دون اتفاق على زيادة استخدامات الطاقة المتجددة.
وعبر وزير الانتقال البيئي الفرنسي، كريستوف بيشو، عن شعوره بالانزعاج بسبب انتهاء اجتماعات اللجان الوزارية لمجموعة العشرين دون توافق على القضايا الرئيسية، وقال: "أشعر بخيبة أمل كبيرة، لا يمكننا التوصل إلى اتفاق على زيادة الطاقة المتجددة، ولا يمكننا التوصل إلى اتفاق على التخفيف التدريجي لاستخدام الوقود الأحفوري، وخصوصاً الفحم".
ونقلت "فرانس برس" عن "بيشو" تعليقه على النتائج المخيبة للآمال التي أسفر عنها اجتماع وزراء البيئة بدول مجموعة العشرين، بقوله: "العالم يشهد درجات حرارة قياسية، وكوارث وحرائق ضخمة، ومع ذلك، لا يمكننا التوصل إلى اتفاق على الوصول إلى ذروة الانبعاثات بحلول 2050".
وتضم مجموعة العشرين كلاً من الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك وروسيا الاتحادية والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وتمثل أكثر من 80% من إجمالي الناتج العالمي.
قراءات متباينة في المشهد العالمي
وبالنسبة للدول الأكثر إسهاماً في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تقدم الهيئات والوكالات الدولية قراءات مختلفة، تشير بيانات معهد الموارد العالمية لعام 2022، إلى أن 10 دول فقط، هي الصين والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والهند وروسيا واليابان والبرازيل وإندونيسيا وكندا وإيران، تسهم مجتمعة بنحو 68%، أي أكثر من ثلثي الانبعاثات العالمية.
وبحسب معهد الموارد العالمية، تُعد الصين أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، بنسبة تصل إلى 28% من الانبعاثات العالمية، تليها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 12%، حيث تسهمان معاً بحوالي 40% من إجمالي الانبعاثات، وتأتي بعدهما الهند في المرتبة الثالثة، بنسبة مساهمة 7%، ثم روسيا الاتحادية بنسبة حوالي 5% من انبعاثات الكربون العالمية.
أما البيانات الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، فتشير إلى أن انبعاثات غازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز)، مازالت أعلى من المعدلات المخطط لها في كثير من الدول الصناعية الكبرى، بنسبة تصل إلى 33% في روسيا الاتحادية، و17% في الولايات المتحدة، و9% في الهند، و8% في كل من الصين والاتحاد الأوروبي.
ويؤكد تقرير "فجوة الانبعاثات" لعام 2022، أن هناك 7 بلدان، هي روسيا الاتحادية والصين والاتحاد الأوروبي والهند وإندونيسيا والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى قطاع النقل الدولي، يشكلون معاً أكثر من 55% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.
- التقييم الأول أمام COP28.. لماذا يجب كبح الاحترار العالمي؟
- تقرير دولي: قطار الاحترار الأوروبي يسبق القارات الأخرى مرتين
نصيب الفرد من انبعاثات الاحتباس الحراري
كما يختلف نصيب الفرد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بين البلدان المختلفة بشكل كبير، حيث يقدر المتوسط العالمي لعام 2020، بنحو 6.3 أطنان من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (tCO2e)، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة مازالت أعلى من هذا المستوى بكثير، حيث يبلغ متوسط نصيب الفرد من الانبعاثات بها حوالي 14 طناً من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
وتأتي روسيا الاتحادية في المرتبة الثانية من حيث نصيب الفرد من الانبعاثات، بنحو 13 طناً من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، ثم الصين بمتوسط 9.7 أطنان، تليها البرازيل وإندونيسيا بمتوسط 7.5 أطنان، ثم الاتحاد الأوروبي بمتوسط 7.2 أطنان، بينما لا تزال الهند أقل من المتوسط العالمي، حيث يبلغ نصيب الفرد من الانبعاثات حوالي 2.4 أطنان من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
ورصدت دراسة أجراها فريق من الباحثين في مركز "تيندال" لأبحاث تغير المناخ، التابع لجامعة "إيست أنجليا" بالمملكة المتحدة، مدى مساهمة دول العالم في تفاقم التغيرات المناخية، من خلال تقييم مستويات الانبعاثات الحرارية على مدار أكثر من 170 عاماً، أي منذ فترة ما قبل الثورة الصناعية الثانية في منتصف القرن الـ19 حتى عام 2021.
وتقدم الدراسة، التي تستند إلى السجلات المنشورة للانبعاثات الحرارية في مختلف دول العالم، ترتيباً للبلدان التي كان لها إسهامات كبيرة في حدوث الاحتباس الحراري، حيث تعتبر أن الولايات المتحدة تسببت في ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 0.28 درجة مئوية، أي بنسبة 17.3% من الاحترار العالمي، بينما أسهمت الصين في رفع الحرارة بنحو 0.2 درجات، بنسبة 12.3%.
ووفق نتائج الدراسة، فقد أسهمت روسيا الاتحادية (الاتحاد السوفيتي السابق) في رفع حرارة الأرض بمقدار 0.1 درجات، بنسبة 6.1%، والبرازيل بمقدار 0.08 درجة، بنسبة 4.9%، ثم الهند بنفس المقدار تقريباً، بنسبة 4.8%، بينما تراوحت إسهامات كل من إندونيسيا وألمانيا والمملكة المتحدة واليابان وكندا بين 0.03 إلى 0.05 درجة مئوية.
مؤشرات إيجابية تلوح في الأفق
وبينما حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، في تقريرها السادس لتقييم حالة المناخ، من أن المعدلات الحالية لانبعاثات الاحتباس الحراري، تشير إلى أن حرارة الأرض تتجه للارتفاع بمقدار 4.4 درجات مئوية قبل نهاية القرن الحالي، إلا أنها أبقت على الأمل في بلوغ هدف اتفاق باريس للحفاظ على معدلات الاحترار العالمي دون 1.5 درجات مئوية.
كما أشارت الهيئة التابعة للأمم المتحدة إلى أنه رغم استمرار الارتفاع في انبعاثات غازات الدفيئة على المستوى العالمي خلال العشر سنوات الأخيرة، فإن معدلات الزيادة جاءت أقل من نظيرتها في العقد السابق، حيث بلغ المتوسط السنوي لزيادة الانبعاثات، بين عامي 2010 و2019، حوالي 1.1%، بينما كان المتوسط المسجل في العشر سنوات السابقة بين 2000 و2009، 2.6% سنوياً.