مفاجأة غير سارة.. صندوق "الخسائر والأضرار" المناخية بلا تمويل!
اتفقت الدول المشاركة في مؤتمر التغير المناخي (كوب27)، على إنشاء صندوق "للخسائر والأضرار" لدعم الدول الفقيرة المتضررة من تغير المناخ.
ورغم أن هذا الاتفاق بشكله العام قد يبشر بتطبيق العدالة المناخية على حد وصف البعض، إلا أنه يصعب التفاؤل بهذا الاتفاق في ظل غياب التفاصيل.
ويضع الاتفاق حدا لمقاومة أبدتها الدول الغنية، التي تسببت انبعاثاتها في تغير المناخ، على مدى عقود لإنشاء صندوق من هذا القبيل.
ورغم هذا الاتفاق الذي جمع ما يقرب من 200 دولة، إلا أنه من غير الواضح حتى الآن من سيقوم بتمويل هذا الصندوق؟.. ومن هي الدول المستفيدة منه؟، والأسس التي سيتم تطبيقها في هذا الإطار.
العدالة المناخية
وكانت وزيرة المناخ الباكستانية شيري رحمن، التي شاركت بحملة الدول النامية لتحقيق هدف الاتفاق على إنشاء الصندوق خلال قمة الأمم المتحدة التي استمرت لأسبوعين في مصر، قد أشادت بالقرار التاريخي ووصفته بأنه "بداية للعدالة المناخية".
لكن نص الاتفاق لم يحسم عددا من التفاصيل التي سيتم العمل عليها في العام المقبل وما بعده، ومنها: من سيساهم في الصندوق؟.. ومن سيستفيد؟
تعريف "الخسائر والأضرار"
في محادثات المناخ التي تجريها الأمم المتحدة، تشير عبارة "الخسائر والأضرار" إلى تكاليف الخسائر التي تسببت فيها بالفعل الظواهر المناخية المتطرفة أو تداعياتها، مثل ارتفاع مستويات سطح البحر.
ويركز تمويل المناخ حتى الآن على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مسعى للحد من ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، وذهب ما يقرب من ثلثه لمشاريع تهدف لمساعدة المجتمعات على التكيف مع آثاره مستقبلا.
وسيكون تمويل الخسائر والأضرار مختلفا خاصة في تغطية التكاليف التي لا تستطيع الدول تجنبها أو التكيف معها.
إلا أنه لا يوجد اتفاق حتى الآن بشأن ما الذي يجب تصنيفه "خسائر أو أضرار" ناجمة عن تغير المناخ - وهو ما قد يشمل البنية التحتية والممتلكات المتضررة، فضلا عن أشياء لا تقدر بثمن مثل النظم البيئية الطبيعية أو الأصول الثقافية.
وقدّر تقرير صدر في يونيو/ حزيران الخسائر المجمعة المرتبطة بالمناخ على مدار العقدين الماضيين في 55 دولة معرضة للخطر بنحو 525 مليار دولار، تمثل نحو 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لها جميعا. وتشير بعض الأبحاث إلى أن مثل هذه الخسائر قد تصل بحلول عام 2030 إلى 580 مليار دولار سنويا.
من أين سيأتي التمويل؟
ولعل التساؤل الأبرز مع إعلان اتفاق تأسيس الصندوق هو من سيدفع لتمويله ليصبح قادرا على دفع التعويضات اللازمة للدول التي منيت بخسائر وأضرار من جراء التغير المناخي.
وفي هذا الإطار تقول الدول المعرضة للخطر والناشطون إن الدول الغنية التي تسببت في الجزء الأكبر من تغير المناخ بانبعاثاتها على مدار التاريخ يجب أن تدفع الآن.
رفض مقابل
على الجانب الآخر، رفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذا الطرح خشية الدخول في دوامة من الالتزامات.
وتراجع الاتحاد الأوروبي عن موقفه في مؤتمر كوب 27، وقال إنه يؤيد تأسيس صندوق بموجب شروط معينة، من بينها أن تدفع فيه الصين، التي تصنفها الأمم المتحدة دولة نامية، لكنها أيضا ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم.
وقدم عدد قليل من الحكومات التزامات تمويل محدودة نسبيا ورمزية من أجل الخسائر والأضرار، وهي الدنمارك وبلجيكا وألمانيا واسكتلندا إضافة إلى الاتحاد الأوروبي. ولم تتعهد الصين بأي مدفوعات.
ويساعد بعض التمويل القائم من الأمم المتحدة وبنك التنمية الدول على مواجهة الخسائر والأضرار، رغم أنه غير مخصص رسميا لهذا الهدف.
كما يتبقى العمل على التفاصيل المتعلقة بالدول المؤهلة للحصول على تعويض أو الكوارث التي يجب التعويض عنها.
تفاصيل اتفاق (كوب 27)
سيكون هدف الصندوق الذي تم الاتفاق على إنشائه خلال قمة الأمم المتحدة في مصر هو مساعدة البلدان النامية "الأكثر عرضة" لتغير المناخ. وهذه هي الصياغة التي تريدها الدول الغنية لضمان أن الأموال تذهب إلى الحالات الأكثر إلحاحا مع الحد من مجموعة المتلقين المحتملين.
ويحدد الاتفاق خارطة طريق لاتخاذ القرار في المستقبل، مع توصيات ستُقدم خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ العام المقبل لاتخاذ قرارات منها من سيشرف على الصندوق وكيف سيتم توزيع الأموال والجهات المستفيدة.
ويدعو الاتفاق إلى أن تأتي الأموال من مجموعة متنوعة من المصادر المتاحة حاليا، ومنها مؤسسات مالية، بدلا من الاعتماد على الدول الغنية للدفع.
واقترحت بعض الدول أن تكون صناديق أخرى قائمة حاليا مصدرا للنقد أيضا، على الرغم من أن خبراء يقولون إن مشكلات مثل التأخير الطويل تجعل هذه الأموال غير مناسبة لمعالجة الخسائر والأضرار.
وتشمل الأفكار الأخرى دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لفرض ضريبة عن الأرباح الاستثنائية لشركات الوقود الأحفوري من أجل جمع التمويل.
الإنصات أكثر للعلم
في سياق متصل، أكد الباحث الشهير في مجال المناخ يوهان روكستروم أهمية الإنصات أكثر إلى العلم في كفاح المجتمع العالمي ضد أزمة المناخ.
وصرح مدير معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ خارج برلين لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بعد انتهاء مؤتمر (كوب 27) الكبير، الذي استمر أسبوعين في منتجع شرم الشيخ بمصر: "صوت العلم ضعيف للغاية خلال المفاوضات في اجتماعات مؤتمر الأطراف".
وتابع: "على سبيل المثال، فإن الجداول الزمنية التي نتحدث فيها بشأن التأثيرات المناخية وعندما تصيبنا حقا ليست واضحة بالفعل للعديد من الدبلوماسيين، وهو أمر مفهوم بالطبع ولكنه مؤسف أيضا".
وقال روكستروم إن العواصف وموجات الحر والفيضانات والجفاف تحدث بشكل متكرر وبكثافة أكبر مما كان متوقعا. وأضاف أن نقاط التحول الخطيرة التي لها عواقب لا رجعة فيها هي أقرب مما كان يعتقد في السابق.
وتابع روكستروم أن صانعي القرار ربما يحتاجون إلى مزيد من العلم على طاولة المفاوضات، وليس القليل منه. وقال: "أعتقد أننا ربما نحتاج إلى إصلاح عملية مؤتمر الأطراف بالكامل لتحقيق نتائج مفاوضات ذات معنى".
تتمثل رؤية روكستروم في ضرورة أن يتلقى المفاوضون الحكوميون إفادات يومية بشأن الوضع الحالي للبحوث حول مخاطر المناخ ونقاط التحول وغيرها من المجالات المهمة، خلافا للماضي، ويجب أن يدافعوا عن تدابير دولهم وأهدافها في ظل هذه الخلفية.
aXA6IDE4LjE5MS44Ny4xNTcg جزيرة ام اند امز