خبير مائي يكشف لـ"العين الإخبارية" تداعيات أزمة المناخ على المياه (حوار)
من بين الخبراء الدوليين في مجال المياه، يبرز اسم الباحث المصري بجامعة كولن بألمانيا، الدكتور حسن أبو النجا.
وتزخر السيرة الذاتية لأبوالنجا بالعديد من المهام الدولية، وقد تلاقت مؤخرا رؤيته حول تداعيات أزمة المناخ على قضية المياه، مع الدكتور أولكاي أونفر، الأستاذ بجامعة ولاية أريزونا، والنائب السابق لرئيس لجنة الأمم المتحدة للمياه، والدكتور يوهانس كولمان، نائب رئيس الأمم المتحدة للمياه، فأثمر هذا التلاقي عن مقال مشترك نشرته عده منصات دولية.
ويطرح الخبراء الثلاثة من خلال المقال دعوة نحو نموذج جديد لإدارة المياه، وذلك استجابة لتصاعد أزمة المناخ.
وخلال مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية"، يطرح أبوالنجا تفاصيل القضايا التي تضمنها المقال، ورؤيته لكيفية الاستفادة من مؤتمر "COP28" الذي تستضيفة الإمارات في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لدعم الرؤية التي يقدمها هذا المقال.. وإلى نص الحوار..
بداية: دعنا نعرف الخلفيات خلف هذا المقال المشترك بمشاركة تلك الشخصيات الدولية المهمة؟
أنا ضيف دائم على اجتماعات الأمم المتحدة للمياه، ويربطني تعاون علمي دائم مع الشخصيات الأممية المعنية بقضية المياه، وتولدت فكرة هذا المقال المشترك، بعد أن أثمرت نقاشاتنا الموسعة عن تبنينا رؤية مشتركة، أردنا أن نطرحها في هذا المقال.
وما الرسالة الرئيسية التي يطرحها هذا المقال؟
رسالتنا المهمة التي أردنا أن نطرحها أن العالم ليس على الطريق الصحيح لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالمياه، حيث يقر هذا الهدف أن الإدارة المستدامة للمياه تتجاوز مجرد إمدادات مياه مأمونة وخدمات صرف صحي إلى معالجة سياق المياه الأوسع مثل جودة المياه وإدارة مياه الصرف وندرة المياه وكفاءة الاستخدام وإدارة موارد المياه وحماية وترميم النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه.
والمشكلة أنه لن يكون بالإمكان تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى مثل القضاء على الفقر والجوع وتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة تغيرات المناخ، ما لم يتم تحقيق هذا الهدف.
إذا كان العالم ليس على الطريق الصحيح.. فما هي الأسباب؟
من الأسباب المهمة ما يتعلق بالتغيرات المناخية وتأثيراتها على الأمن المائي، وازدياد الطلب على المياه بسبب الزيادة السكانية، وهو ما دفع تشابا كورسي، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى تأكيد ضرورة وجود نهج متكامل للتعامل مع قضية المياه، وحذر من التكلفة الاقتصادية للتقاعس عن وجود هذا النهج.
وما عناصر هذا النهج المتكامل؟
هذا النهج المتكامل له جزء يتعلق بإدارة المياه، وفي هذا الإطار يجب أن يكون هناك نهج شمولي ومتكامل لإدارة المياه، يشمل مياه الشرب والصرف الصحي، حيث إن 80% من الصرف الصحي حول العالم يلوث البيئة بسبب عدم وجود هذا النهج المتكامل لإدارة المياه، الذي يسمح بالاستفادة من مياه الصرف الصحي عن طريق المعالجة، بما يسمح باستغلالها في أغراض كانت تستخدم بها مياه الشرب النقية، وهذا من شأنه أن يساهم في تقليل الفجوة بين العرض والطلب، ومعالجة بعض آثار التغيرات المناخية، والمتمثلة في فقدان كميات كبيرة من المياه العذبة عن طريق البخر.
كما يشمل الجزء المتعلق بإدارة المياه، ضرورة العمل على حل مشكلة "المياه المتقطعة"، حيث إن 1.2 مليار شخص حول العالم، لا تأتيهم المياه بشكل منتظم، هذا فضلا عن أن جودة المياه ليست في أفضل حال.
ومن الأمور الأخرى المتعلقة بإدراة المياه، ضرورة العمل على حل مشكلة الفواقد من مياه الشرب، حيث يفقد العالم 126 مليار متر مكعب من المياه سنويا، بسبب البنية التحتية المتهالكة، وتبلغ التكلفة المادية لهذا الفقد 39 مليار دولار.
ويرتبط بهذا الفقد، فقد آخر في الغذاء، تبلغ قيمته سنويا 50 مليار طن، وهذا الحجم الضخم يترجم أيضا إلى مياه تم فقدها في إنتاج هذا الغذاء.
وأخيرا، فيما يتعلق بالإدارة، يجب أن تكون هناك استراتيجية متكاملة لإدارة المياه بين قطاع المياه والزراعة، بحيث لا يكون هناك تنافس بين القطاعات، يكون من نتيجته عدم تحقيق أمن مائي أو أمن غذائي.
هذا عن إدارة المياه، فماذا عن باقي العناصر؟
هناك عنصر يتعلق بالتمويل، وفي هذا الإطار فإن الواضح أن هناك ضعفا كبيرا في التمويل، حيث لا يغطي التمويل الحالي سوى 15% من الاحتياجات، وهناك حاجة إلى 112 مليار دولار سنويا، لضمان الإدارة المتكاملة للمياه، ويحتاج توفير هذا المبلغ الضخم إلى تغيير في نظام التمويل عن طريق تعزيز الشراكة بين القطاع الحكومي والخاص واستخدام التكنولوجيات الجديدة التي تقلل من تكاليف تحلية المياه.
وأخيرا، هناك عنصر ثالث يتعلق بالمياه العابرة للحدود، حيث يجب أن يكون هناك تعاون بين دول المنبع ودول المصب، يحقق العدالة المائية.
وكيف يمكن أن يكون مؤتمر "COP28" في الإمارات داعما لتطبيق هذه النهج المتكامل؟
لأول مرة اعترف مؤتمر "COP27" في شرم الشيخ المصرية، بالدور الحاسم لحماية وحفظ واستعادة المياه والنظم الإيكولوجية المتعلقة بالمياه في توفير فوائد التكيف مع المناخ، ويمكن أن يؤدي تحسين التآزر بين المياه والتكيف مع المناخ إلى تحسين القدرة على الصمود في مواجهة تحديات المياه والمناخ والتحديات الاقتصادية، ويساعد في الوصول إلى التمويل الضروري لزيادة التكيف مع المناخ الذي يركز على المياه، وهذا ضروري إذا أردنا تجنب العواقب الخطيرة على الأمن والاقتصاد البشريين وتحويل إمكانية الصراع عبر الحدود إلى إمكانات للتعاون.
ونحتاج من "COP28" أن يؤكد على تلك الرسالة، حيث يمكن أن تؤثر تدابير التخفيف من حدة المناخ القائمة على المياه على دورة المياه، ومن الأهمية بمكان إعطاء الأولوية لمثل هذه التدابير في خيارات التخفيف في الالتزامات المناخية للبلدان، والمعروفة باسم المساهمات المحددة وطنياً (NDCs).
aXA6IDE4LjE4OC4yMTkuMTMxIA== جزيرة ام اند امز