تعرف هيلاري كلينتون جيدا كل الأضرار التي تسببت فيها سياسات أوباما، وهي كثيرة جدا
تعرف هيلاري كلينتون جيدا كل الأضرار التي تسببت فيها سياسات أوباما، وهي كثيرة جدا، وتعرف أيضا ما هي الخطوات المطلوبة لإعادة بناء الثقة بين أميركا والعرب
بدأ الإعلام ومراكز الأبحاث الأميركية بالانتقال من توقعات نتائج الانتخابات إلى التحديات التي تنتظر المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، وكيف ستتعامل مع الإرث الثقيل الذي ستتركه إدارة أوباما على مستوى الحلفاء الكبار والشركاء في حلف الناتو، هذا بالإضافة إلى الصداقات الأميركية في الشرق الأوسط والتي تشهد تأزما غير مسبوق منذ عقود طويلة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تركة تحالفات أوباما الجديدة مع كل من روسيا وإيران والسماح لهما بالتوغل عميقا في مناطق نفوذ الولايات المتحدة الأميركية كالعراق وسورية، وذلك عبر تغطية إدارة أوباما لوجودهما العسكري وعلى كل المستويات.
لا تستطيع المرشحة الأميركية الهروب من مواجهة هذه التركة الثقيلة لأنها تنتمي إلى نفس حزب الرئيس أوباما، والذي يدير البلاد منذ 8 سنوات كانت خلالها لمدة 4 سنوات وزيرة للخارجية، خصوصا أن التطورات العسكرية في الموصل -التي تتزامن مع الانتخابات الأميركية- لا تبشر نتائجها بالخير لجهة المجازر التي ترتكب بحق العرب بعد انسحاب داعش من المناطق على أيدي الحشد الشعبي، مع الحديث عن بدء عملية الرقة في سورية، وهي أكثر تعقيدا من الموصل لما تشهده سورية من فوضى مسلحة وتدخلات روسية وإيرانية، مع الأخذ بعين الاعتبار الجوار السوري التركي والإسرائيلي أيضا.
اختصرت إحدى الصحف الأميركية أزمة أميركا ما بعد أوباما بسؤال دقيق وهو: لماذا يعي الشرق الأوسط الآن بأنه لا يمكن أن يثق بأميركا؟ وهذا يعني أن إدارة أوباما خسرت ثقة العالم والشرق الأوسط بأميركا، مما جعل الروسي وغيره يصبح طموحا في عملية استقطابات جديدة في المنطقة، وكذلك الأمر بالنسبة لفرنسا وألمانيا وبريطانيا ولو كانت متأخرة، ويبدو ذلك واضحا في الأيام الماضية، إذ نشطت الاجتماعات الدولية للدفاع عن مصالحها وعلاقاتها في المنطقة، منها الدعوة إلى اجتماع 14 وزير دفاع في باريس، بالإضافة إلى اجتماعات الناتو، وكلها تتحدث عن التطورات العسكرية في سورية والعراق ما بعد أوباما.
لا يتوقع المراقبون الآن أي وضوح من المرشحة كلينتون، لأن الانتخابات الأميركية دخلت فيما يعرف بالصمت الانتخابي الذي يسبق يوم الثامن من نوفمبر، لذلك يحاول المرشحون العمل على تعزيز الجهود لتأمين ذهاب الناخبين إلى صناديق الاقتراع، بعد أن اتضحت خريطة الناخبين، خصوصا أن العديد من الولايات قد بدأت بالانتخاب فعلا، وذلك تقليد أميركي، وهو أن تبدأ الانتخابات في بعض الولايات قبل الثامن من نوفمبر.
لا شك أن الأيام القادمة في المنطقة ستكون شديدة الدقة، إذ سيحاول أكثر من طرف تعزيز حضوره العسكري على الأرض في سورية والعراق، وربما تتعاظم الانتهاكات المذهبية في العراق على أيدي الحشد الشعبي، مما قد يعقد العملية العسكرية أكثر، وسينعكس ذلك على ساحات أخرى، إذ ستتهاوى الثقة ليس بالسياسة الخارجية الأميركية فقط، بل بالجيش الأميركي أيضا، الذي يقود عملية تحرير الموصل من داعش، وهذا مما دفع وزير الدفاع الأميركي كارتر إلى زيارة كل من تركيا وبغداد وأربيل، بالإضافة إلى المشاركة في اجتماعات وزراء الدفاع في باريس، بالإضافة إلى حلف الناتو، والمعروف أن البنتاغون هو الذي أوقف ما عرف باتفاق كيري لافروف حول سورية.
وهناك اعتقاد دولي سائد بأن الجنرالات سيتصدرون السياسة الخارجية لدول العالم في السنوات القادمة، مع الحديث عن ترشيح هيلاري كلينتون أحد الجنرالات المعروفين في المنطقة لتولي وزارة الخارجية الأميركية.
تعرف هيلاري كلينتون جيدا كل الأضرار التي تسببت فيها سياسات أوباما، وهي كثيرة جداً، وتعرف أيضا ما هي الخطوات المطلوبة لإعادة بناء الثقة بين أميركا والعالم والعرب، خصوصا الخداع عبر سياسة الاحتواء المزدوج بين العرب وإيران، والتي تمثلت في تشجيع النزاع مع إيران في الوقت الذي كانت فيه الاتفاقات بين أميركا وإيران تسير على قدم وساق، وذلك منذ الحرب العراقية الإيرانية، وفضيحة "إيران غيت" إلى احتلال العراق 2003، ثم تقديمه في نهاية 2010 هدية لإيران من قبل إدارة أوباما، وهيلاري كلينتون تعرف جيدا ماذا تعني القدس الشريف بالنسبة للعرب والمسلمين، وأهمية حل الدولتين بعد أن قدم العرب منذ 2002 المبادرة العربية للسلام، ويبقى السؤال بعد الانتخابات الأميركية، وهو: كيف ستتعامل أميركا كلينتون مع ثقة العرب المفقودة.
نقلا عن / الوطن أونلاين
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة