"كلوب هاوس" يتجاوز سياج الصمت المفروض في إيران قبل "الرئاسية"
على بعد أيام من انتخابات رئاسية منتظرة في إيران، خطف تطبيق "كلوب هاوس" العالمي الأنظار بعد توجه مسؤولين ومرشحين محتملين له.
وتجري إيران في يونيو/حزيران المقبل انتخابات رئاسية يتصدر المشهد فيها حتى الآن رئيس السلطة القضائية المتشدد إبراهيم رئيسي ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني.
ويعتمد النظام الأساس لتطبيق "كلوب هاوس" على الصوت فقط، مما يجعله يبدو كأنه مكالمة جماعية، بدلا من المنشورات النصية أو المرئية التي يعتمد عليها وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وإنستجرام.
ونجح التطبيق على مدار شهور مضت في استقطاب المزيد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتوافر لمستخدمي "آيفون" فقط، ويمكن دخوله من خلال قبول دعوة للانضمام إلى غرف افتراضية لإجراء مناقشات صوتية حول مختلف الموضوعات.
وعبر التطبيق الذي يلقى إقبالا عالميا ويقوم الاشتراك فيه على الدعوة، تفتح بشكل يومي في إيران عشرات الغرف، بمشاركة آلاف المستمعين والمتحدثين، من سياسيين، مرشحين معلنين أو مرجحين، وصحفيين، ومقيمين في البلاد أو خارجها.
ويتوزع هؤلاء على مختلف التوجهات السياسية، ويتناقشون بشأن المرشحين وحظوظ كل منهم بالفوز.
ويقول فريد مدرسي الذي يعد مقربا سياسيا من تيار الرئيس حسن روحاني "الميزة الأساسية لكلوب هاوس هي توفيره فرصة لحوار بين من كانوا لا يطيقون التحدث إلى بعضهم البعض".
ولا يمكن للرئيس حسن روحاني ترشيح نفسه مرة أخرى بسبب القيود المفروضة على فترات الرئاسة.
ومدرسي هو صحفي إيراني يحظى بحضور واسع على التطبيق ويتولى إدارة العديد من الغرف، حيث يؤكد أن هذا الإقبال يعود لعوامل عدة، منها القيود القائمة على الإعلام المحلي، جائحة كورونا التي ألزمت الكثيرين بمن فيهم الصحفيون، على الحد من التواصل مع الآخرين.
ولفت كذلك إلى حجم الجاليات الإيرانية في الخارج التي يرغب أبناؤها بالاطلاع أكثر على الوضع الداخلي في الداخل قبل الانتخابات.
ويشير مدرسي إلى أن الوضع كان أقرب إلى معادلة اقتصادية "ثمة طلب، وهذا (كلوب هاوس) كان العرض"، لافتا الى أن التطبيق يجذب على السواء المحافظين والإصلاحيين في إيران، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وبدأ الراغبون في خوض الانتخابات الرئاسية بتسجيل ترشيحاتهم الثلاثاء. وبعد نهاية مهلة الأيام الخمسة للقيام بذلك، سترفع الأسماء الى مجلس صيانة الدستور الذي تعود له صلاحية المصادقة على الترشيحات. وتبدأ الحملة الانتخابية رسميا في 28 مايو/أيار.
ولا يقتصر دور "كلوب هاوس" على الانتخابات.
ويرى الصحفي الإصلاحي مصطفى فقيهي أن التطبيق يسهم بعودة "الحوار المتعدد الأطراف"، وهو أمر يعتبره نادرا في إيران بسبب تصرف "وسائل الإعلام الكبيرة الممولة من الميزانية العامة مثل التلفزيون الرسمي، والتي تحولت إلى منصات ذات توجه واحد".
وإلى جانب إنستجرام، لا يزال "كلوب هاوس" من تطبيقات التواصل الاجتماعي النادرة التي يمكن استخدامها في إيران من دون الحاجة إلى شبكات افتراضية ("في بي أن")، على رغم أنها تواجه بعض الانقطاعات على شبكات الهاتف النقال.
ولفت حضور العديد من المسؤولين في غرف المحادثة، تقدمهم نائب رئيس الجمهورية اسحاق جهانغيري الذي يتردد اسمه كمرشح محتمل، على التطبيق.
ويرى فقيهي أن حضور شخصيات معروفة قد يؤدي "دورا مهما جدا" في التواصل مع الناخبين.
ويشير على سبيل المثال إلى أن "ما يقارب 110 آلاف شخص" تابعوا حوارا استضافته وكالة "انتخاب" التابعة له، مع فايزة رفسنجاني، ابنة الرئيس الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، والمعروفة بمواقفها المعارضة لكبار المسؤولين.
وقالت رفسنجاني حينها إنها لن تدلي بصوتها في الانتخابات "لأن أقصى جهد نبذله ستكون نتيجته وصول (شخص مثل) السيد روحاني" للرئاسة.
لكن مديري غرف المحادثة واجهوا انتقادات على خلفية تحديدهم الأشخاص الذين تتاح لهم المشاركة بالنقاش أو طرح الأسئلة.
وضمّت إحدى الغرف التي لقيت إقبالا واسعا، وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي تطرق فيها إلى شؤون شتى من الاتفاق الاستراتيجي مع الصين، والاتفاق النووي مع القوى الكبرى، وعدم ترشحه الى الانتخابات.
ورسمت هذه الغرفة صورة غير مألوفة، إذ جمعت في مكان واحد مسؤولين إيرانيين، وصحفيين من وسائل إعلام ناطقة بالفارسية مقرها خارج إيران، وتعدها طهران "معادية".
ويوضح مدرسي أن هؤلاء الصحفيين لم يتح لهم طرح الأسئلة على ظريف "نظرا الى إجراءات وزارة الخارجية".
معلومات أفضل
وأثار التطبيق انتقادات لدى المحافظين في السياسة الإيرانية، لا سيما أن المحادثات فيه تجري دون أي إشراف على مضمونها، ودعا بعضهم الى توفير بديل محلي لتطبيق يدار من الخارج.
وفي مقال رأي نشرته في أبريل/نيسان، أبدت وكالة "تسنيم" خشيتها من أن يستخدم خصوم طهران التطبيق للتسبب "بمشاكل أمنية، اجتماعية، وسياسية" لإيران.
وحذرت من أن التطبيق يتيح "تحديد النخبة، الشبكات، التتبع، سرقة المعلومات، وتسريبات واسعة النطاق"، كما يكسر إحدى المحرمات، وهي "المحادثات المباشرة" مع الإعلام المصنف معاديا.
وفي وقت لاحق من الشهر نفسه، توقف عمل التطبيق على غالبية شبكات الهاتف المحلية من دون تفسير. ورغم تطمينات قدمها مسؤولون في حكومة روحاني من أن "كلوب هاوس" لم يحجب، لا يزال استخدامه غير ممكن على شبكة محلية واحدة على الأقل.
وأثار ذلك خشية من أن يلاقي هذا التطبيق مصير تطبيقات أخرى كبرى مثل "فيسبوك" و"تويتر".
لكن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس علي كدخدائي أكد أن التطبيق لا يثير قلقا محددا.
وقال إن "كلوب هاوس" قد يكون مفيدا طالما أنه لا يساهم في ارتكاب "جرائم".
وأضاف: "يمكن للفضاء الافتراضي أن يؤدي دورا إيجابيا، ويوفر للناس نفاذا أفضل وأسرع للمعلومات. كلوب هاوس لا يختلف" عن وسائل التواصل الأخرى.
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4yOCA=
جزيرة ام اند امز