دور المجتمع الدّولي الآن حكومات ومنظمات وإعلام هو الضّغط في اتجاه إجبار إيران وتركيا وقطر وحلفائهم للتّوقف عن تمويل الجماعات الإرهابية.
نحتاج إلى حرب عالمية فكريّة باردة، يضع استراتيجياتها النخب السياسية والعلمية، من أجل تحقيق الأمان للشعوب، وإعادة بناء الدول التي دمرها الإرهاب، فقد حان الوقت لتدخّل العقل والاستغناء عن عضلات وأسلحة ترعب الأبرياء، وتحطّم أحلام أجيال.
يكمن دور المجتمع الدّولي الآن، حكومات ومنظمات وإعلام هو الضّغط في اتجاه اجبار إيران وتركيا وقطر وحلفاءهم للتّوقف عن تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية، وتقديم الدّعم بمختلف أنواعه للدّول التّي ترصّدوا سقوطها وركبوا على أحلام شعوبها.
ويكفينا أن نرى ما تقوم به هذه الحكومات على الأراضي الليبية، وفي سوريا والعراق، وحتّى في السودان التي دخلت على الخط مؤخراً لمحاربة النّظام الذي اختاره الشعب لأنه لا يتماشى مع مصالحهم.
أما بالنسبة للنخب الفكرية في العالم بمثقفيها وسياسيها وعلمائها فيجب عليهم التقارب، والعمل على استراتيجيات عميقة في اتجاه تقريب البشر وترسيخ قيم التعاون والتّسامح والسلام.
لأن الفكر الإرهابي والأيديولوجيات المتطرفة لا تقتلها الأسلحة، ولا تردعها الأنظمة فهذه حلول مؤقتة، لكن ما يجب التفكير فيه هو شنّ حرب فكرية باردة قد تستمر لعشرات السّنين لكنّها البديل الأمثل للقضاء على الفكر الإرهابي المبني على الكراهيّة والإقصاء.
أورام سرطانيّة كان أولها الإخوان المسلمين، ثم "القاعدة" واليوم داعش من دون أن أدخل في تفاصيل الفروع التي امتدت على امتداد الكرة الأرضيّة لتشوّه الدين الإسلامي الحنيف، وتقدّمه في صورة مخيفة مرعبة لكل من لم يتعرّف على الدّين بالشكل الصّحيح.
نحن اليوم بحاجة إلى العودة لعصور التنوير التي أخرجت أوروبا من غياهب الظلام، وجعلت الغرب يحتل الريادة على مدى قرون من الزمن، لمراجعتها والاستفادة منها.
الحل ليس فيما اختاره الإرهابيون اليوم، ودفعوا العالم للتحرّك كما أرادوا وأنزلوهم لساحات القتال.
وإذا ما قارنّا الفكر الإرهابي بالفكر الشعبي، أو ما يمكن أن نسميه الوعي العام للشعوب في كل دول العالم، بما في ذلك منطقتنا العربية لوجدنا فوارق فكرية شاسعة هي التي أوصلت المنطقة لهذه الحالة من عدم الأمن والاستقرار والعداء الطائفي، وما أوصلت العالم للتطرف بكل أنواعه وفي مختلف الاتجاهات.
في حين عرف العالم حالة من الازدهار منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتحرّر المستعمرات الواحدة تلو الأخرى. وتطور معماري وصناعي وتكنولوجي وطبي وعلمي غير مسبوق، غمر العالم وبدون استثناءات.
وحتى المنظومات التّربويّة للدّول كانت جيّدة وعميقة، ووضعت بعد دراسات لدفع الأجيال المقبلة نحو الحصول بدرجات علميّة عالية، ومنفتحة على العالم، وقابلة للثقافات الكثيرة على اختلافها. ووصلنا إلى مرحلة العولمة التي جعلت العالم يتحول إلى قرية صغيرة كسرت فيها الفوارق بين البشر، لتقوية "الإنسان" عقلا وعلما وانفتاحا، وليعيش سعيدا متعاونا مع الآخرين في سبيل نموّ دولته، أو الاستفادة من تقدّم بلاده لتصدير النماذج الناجحة للبشريّة.
هذا ما رأيناه في عالمنا المعاصر، وعشنا نور الحرّية والعلم في ظل دول وحكومات لها سيادتها، واختلفت أساليبها مع اختلاف وعي الشّعوب، ما عزّز الاستقرار والأمان في العالم طبعا ما عدا بعض الاستثناءات.
لكن وفي الوقت الذي كان العالم يسير في منظومة دوليّة واضحة، وإرضاخه لسياسات كتبتها النخب لتسيير العالم قانونيا ودبلوماسيا وسياسيا، كانت المؤامرات تحاك في الظلام ضدّ الشّعوب والإنسانية.
لقد عملت مؤامرات الفكر المتطرّف الرّافض للآخرين، في غرف مغلقة، في ترصد لأي شرارة لإلهابها وإحراق الشعوب بأوطانها من أجل أيديولوجيّة أساسها الإقصاء والتّمكن المادي من الثروات، والوصول إلى السلطة باسم الدّين. واستهدفت هذه التنظيمات الفئات الشعبيّة التي تعيش الفقر الفكري والرّوحي والمادّي، وأدخلت مئات الآلاف في فكرهم الظلامي منذ ظهورهم في العشرية الأولى من القرن الماضي.
أورام سرطانيّة كان أولها الإخوان المسلمين، ثم "القاعدة" واليوم داعش من دون أن أدخل في تفاصيل الفروع التي امتدت على امتداد الكرة الأرضيّة لتشوّه الدين الإسلامي الحنيف، وتقدّمه في صورة مخيفة مرعبة لكل من لم يتعرّف على الدّين بالشكل الصّحيح.
واليوم أسفر فكرهم الظلامي عن ولادات توجهات يمينيّة متطرّفة، بغرض مواجهة التّطرف المضاد، ومن يدفع الثمن هم المدنيّون الأبرياء في كل بقاع العالم وخاصة في دور العبادة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة