فيلم Cold Pursuit.. سرد سريع لحكاية مثقلة بالدماء
النجم الأيرلندي ليام نيسون يجسد في الفيلم شخصية "نيلز كوكسمان" وهو سائق لكاشطة ثلوج في بلدة التزلج (كولورادو).
استناداً إلى فيلمه في عام (2014) "Order Of Disappearance" يعود المخرج هانز بيتر مولاند، ليقدم نسخة جديدة عنه في عام (2109) بعنوان (Cold Pursuit) عن رحلة انتقام يخوضها هذه المرة النجم الأيرلندي ليام نيسون.
يجسد النجم الأيرلندي في الفيلم شخصية "نيلز كوكسمان" وهو سائق لكاشطة ثلوج في بلدة التزلج (كولورادو)، يعرف بالتزامه وإخلاصه للعمل، حتى إنه حصل على جائزة "مواطن العام" لجهوده.
يختل استقرار حياة "نيلز" بعد مقتل ابنه الوحيد "كايل" (مايكل ريتشاردسون) الذي يشخص سبب موته بسبب جرعة زائدة من المخدرات، ومع يقين نيلز أن ابنه ليس مدمناً، يبدأ البحث عن سر مقتل ولده للانتقام له، ليكتشف أن وراء مقتله رئيس عصابة للمخدرات، يسمى "فايكنغ" (توم باتيمان)، فيبدأ مشوار البحث عنه، بتتبع أتباعه؛ حيث يقتل ثلاثة منهم، في هذا الوقت يعتقد فايكنغ أن منافسه في سوق المخدرات "وايت بول" (توم جاكسون) هو من قتل رجاله، فيقوم بقتل ابن "وايت"، وهو الأمر الذي أشعل حرباً بين عصابتي الرجلين.
وسرعان ما يتقاطع "نيلز" مع "وايت" عند رغبة الانتقام من "فايكنغ" والهدف هذه المرة اختطاف ابنه الصغير "ريان" (نيكولاس هولمز) للإيقاع به، ولحسن الحظ يقع الطفل أولاً بيد "نيلز" الذي يحسن معاملته قبل أن يخفيه، ليدخل المعركة التي تنشب بين الثلاثة، يقتل خلالها فايكنغ، وجميع أفراد العصابتين باستثناء نيلز و وايت.. ليخرجا من أرض المعركة، ويعود نيلز إلى عمله.
تتطابق قصة الفيلم إلى حد كبير جداً مع قصة "Order Of Disappearance"، ورغم أننا هنا لسنا معنيين بعقد مقارنة بين الفيلمين، إلا أنه لا بد أن تستوقفنا الرسالة ذاتها التي يصر المخرج مولاند على إيصالها في كلاهما، وإن كانت تلك الرسالة في نسخة (Cold Pursuit) أكثر وضوحاً، وهي منح الشرعية الأخلاقية للانتقام، والتبرير له، وصولاً إلى التأكيد على أنه إذا ما تم بنوايا عاطفية من الممكن أن يمر دون عقاب.
لنترك الأحكام القضائية والمسؤولية الأخلاقية تجاه الجريمة، بل ولنتجاوز ماذا يقول الفيلم نحو كيف يقوله.. وهذا هو المهم في محاكمة الفيلم السينمائي:
على صعيد المضمون عادة ما تبنى حبكة الأفلام التي يشكل الانتقام ثمة أساسية لحكايتها على اختيار مسارات درامية من شأنها خلق تعاطف مع المنتقم/البطل، الأمر الذي يضفي حالة من رضا المشاهدين على الانتقام.
لكن مشكلة الفيلم أنه أسقط من حساباته تلك القاعدة اللازمة والضرورية ليبرر الانتقام ويشرعنه، باستعجاله سرد حكايته، على نحو لم يترك للمشاهد الفرصة للتعاطف مع كل ما حدث، فلم نشهد علاقة واضحة بين الأب "نيلز" وابنه" كايل" تحدث صدى في قلوبنا لحزن الأب على فقدان ولده، وتقنعنا بمشروعية الانتقام، لم نفهم كيف يتحول "مواطن العام" إلى مجرد محترف بهذا الشكل.
وهذه السرعة، كيف يتساقط رجال عصابات يفترض أنهم محترفون أو متمرسون على هذا المواجهات العنيفة أمامه بهذه السهولة، حتى الفرصة الوحيدة التي كان من الممكن أن تعيد تصحيح الصورة وتمنح "نيلز" بعداً إنسانياً يستوجب التعاطف معه والتبرير العاطفي لجرائمه، وهي الحدث المتعلق بالعلاقة الدافئة والعفوية التي نشأت بين نيلز وبين ابن "فايكنغ"، وهو الحدث الذي لم يستثمره كفاية الفيلم.
فسارع للانتقال إلى المواجهة بين العصابات. ليبقى كل ما في الفيلم بشكل واضح هو القتل، لدرجة أنه بالكاد يستطيع المشاهد أن يتذكر عدد الضحايا من كثرتهم، حتى ملامح الكوميديا التي ظهرت في جزء من مفاصل حكايته بدت هي الأخرى ملوثة بالدم.
بعيداً عن المضمون، لا بد أن يستوقفنا الشكل الذي يكشف نزوع المخرج هانز بيتر مولاند لالتقاط صورة ساحرة لأحداث فيلمه القاسية والسوداء، وسط محيط ساحر أبيض للثلوج التي تملأ الجبال والوديان والطرق، وهي الأماكن التي اختارها المخرج لجزء كبير من أحداثه، بعيداً عن الأماكن المغلقة.
بموازاة سحر المكان الذي يغلف الحدث القاسي والتناقض الصارخ بين سحر المكان وهدوئه وسخونة الصراع فيه ودمويته، كان "ليام نيسون" عامل الجذب الأساسي في الحكاية، إذ لم يزل نجم فيلم "Schindler’s List" رغم بلوغه عامه السادسة والستين قادراً على الاستحواذ على اهتمام الجمهور بأدائه القوي الطاغي وصوته الأجش الذي يدعم قدراته التمثيلية، ولعل قوة التعاطف الأساسية مع "نيلز".
كانت بسبب اللعب المشهدي الذي قدمه ليام نيسون، لا سيما من خلال لغة جسده، وإيماءات وجهه بشكل خاص.
يعرض فيلم (Cold Pursuit) حالياً في صالات السينما الإماراتية، وهو مخصص للفئات العمرية التي تتناسب والتصنيف العمري " R" لما فيه من مشاهد عنف واضحة.