مسلسل انهيار العملة الإيرانية.. رفع الفائدة 23% لوقف إفلاس البنوك
في محاولة لوقف إفلاس البنوك، أعلن البنك المركزي الإيراني، اليوم، عن رفع أسعار الفوائد للمودعين من 18% إلى 23%.
وقال مدير العلاقات العامة في البنك المركزي الإيراني، مصطفى قمري وفا، لوكالة أنباء "مهر" الإيرانية، إن البنك المركزي أبلغ المصارف الحكومية والأهلية بدءًا من اليوم الأحد، أن ترفع أسعار الفوائد إلى نسبة 23%، مضيفاً أن هذه الخطوة جاءت بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
فيما قال موقع "اقتصاد نيوز"- أحد أبرز المواقع الإيرانية، إن الخطوة جاءت بعد تزايد عمليات سحب الأموال من المصارف والبنوك الإيرانية، جراء إنهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
ونقل الموقع عن مصدر حكومي مسؤول قوله إنه خلال الأيام الماضية زادت نسبة سحب الأموال من المصارف الإيرانية بطريقة غير مسبوقة، مشيرا إلى أن الاحتجاجات الشعبية وانعدام الاستقرار الاقتصادي وراء تدهور العملة، ما دفع المودعين إلى سحب أموالهم.
وذكر المصدر الإيراني أن المودعين الإيرانيين بدأوا في تحويل أموالهم من العملة المحلية إلى الذهب وشراء العملات الأجنبية، لا سيما الدولار فيما قام آخرون بتحويل تلك الأموال لشراء السيارات والعقارات، ما زاد من نسبة أسعار السيارات بسبب الطلب المتزايد عليها.
استجواب رئيس البنك المركزي
بدأ البرلمان الإيراني، اليوم الأحد، استجواب رئيس البنك المركزي علي صالح آبادي على خلفية انهيار العملة، فيما اعتبر رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الانهيار المتواصل للعملة المحلية "الريال" قضية غير طبيعية وتؤكد عدم سيطرة البنك على سوق الصرف في البلاد.
ودافع صالح آبادي عن الخطوات التي اتخذها، قائلا: إنه لإدارة سوق الصرف الأجنبي، يتم اتباع برامج مختلفة على المستوى الحكومي، وليس لدينا نقص في العملة في الدولة.
وأضاف: "ما يؤثر على سعر الصرف هو السوق غير الرسمي، الذي يكون مستواه وحجمه أقل بكثير من السوق الرسمي".
واعتبر صالح آبادي أن "الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي مهم للغاية، ونحن نتحكم في السيولة والتضخم في البنك المركزي، ونتبع تنسيق سياسات العملة مع السياسات التجارية بجدية، لافتا إلى أن مسألة سعر الفائدة البنكية تعتبر مهمة وتتم مناقشتها الآن في مجلس النقد والتسليف.
الدولار يواصل الارتفاع
في سياق متصل، واصل الدولار الأمريكي الارتفاع في الأسواق الحرة بإيران وضرب العملة الإيرانية المتدهورة من الأساس.
وفيما يستجوب البرلمان رئيس البنك المركزي، ارتفع سعر الدولار إلى 410 آلاف ريال، الأمر الذي يؤكد فشل سياسات البنك المركزي الإيراني.
وتوجه وزير الاقتصاد الإيراني إحسان خاندوزي إلى البرلمان الأحد، ليشرح للبرلمانيين الموقف بشأن التضخم وارتفاع سعر الصرف، حيث وعد خاندوزي أنه مع سياسات البنك المركزي، سنشهد استقرارًا في السوق قريبًا في غضون الشهر المقبل.
وأعلن خاندوزي أن الاحتجاجات الشعبية هي سبب عدم استقرار الاقتصاد الإيراني وزيادة سعر الصرف، وقال "هذه الحكومة ليست حكومة تخلق منافع لنفسها من خلال إيذاء الناس في سوق الأوراق المالية، ولكن مع سياسة متوازنة فهي تحاول قلب عجلة اقتصادنا".
وتابع: "إذا لم تكن هناك حرب، فلن تنقلب دورة الاقتصاد الأمريكي، وسيستند نموذج التنمية الأمريكية إلى الحرب، وبعض الأشخاص الذين يهتفون بالحرية لا ينتبهون إلى حقيقة أن معنى الحرية هو أننا نحدد مصيرنا، وليس أن شخصًا من الخارج يقرر مصيرنا".
وزعم وزير الاقتصاد والشؤون المالية الإيراني أن "الاضطرابات الأخيرة في سوق الصرف مؤقتة، وأن هذه الزيادة في أسعار العملات هي أيضًا مؤقتة للسبب نفسه"، زاعما "أن التقدم الذي أحرزته الجمهورية الإسلامية في الأربعين سنة الماضية لا يمكن مقارنته بدول المنطقة، لقد أصيبوا بخيبة أمل بسبب انعدام الأمن في الشوارع، وحاولوا دفعها إلى الاقتصاد".
وليست هذه هي المرة الأولى التي يلقي فيها مسؤولو إيران الكرة في ملعب الشعب، وبغض الطرف عن سياساتهم الاقتصادية، فإنهم يعتبرون الناس سبب ارتفاع سعر الصرف والتضخم في إيران.
وقال محمد رضا ميرتاجوديني، عضو لجنة البرنامج والميزانية، إن الاحتجاجات العامة هي سبب ارتفاع أسعار العملات، مضيفاً أن "الاضطرابات الأخيرة لم يكن لها تأثير على ارتفاع سعر الصرف فقط، بل تسببت الاضطرابات في أن تكون بيئتنا الاقتصادية غير مستقرة لفترة، لذا مع انتهاء الاضطرابات ستحل هذه المشكلة بإجراءات الحكومة والبنك المركزي، وسنرى استقرارًا في سوق العملة".
كما قدم الممثلون في جلسة البرلمان، يوم الأحد، مقترحات للسيطرة على سوق العملات، تتراوح من التنفيذ إلى المساءلة، على أمل أن يتمكن البرلمان والحكومة من إيجاد حل للهروب من هذه الأزمة بمساعدتهم.
دعوة لاستقالة الفريق الاقتصادي
وقال كمال حسين بور، ممثل سردشت وبيرانشهر في البرلمان، في معارضة لبعض النواب ووزير الاقتصاد الذين اعتبروا الاحتجاجات سبب ارتفاع سعر الصرف: "كل القضايا والمشاكل لا يمكن عزوها إلى خارج البلاد؛ بل يجب أن تتم الإدارة السليمة في المجال الاقتصادي".
وطالب النائب حسين بور بإقالة الفريق الاقتصادي لحكومة إبراهيم رئيسي، وقال: "ذات يوم سيكون وضع سوق العملات مضطربًا ولن يتمكن وزير الاقتصاد من إدارته".
كما رد ممثلان آخران بربط زيادة سعر الصرف بالاحتجاجات الشعبية، وفي إشارة إلى زيادة سعر الصرف بنسبة 50% في حكومة إبراهيم رئيسي، قال روح الله ازدخاه، ممثل طهران في البرلمان: "لا تعزو هذه الزيادة إلى الاضطرابات والشهر الماضي دون سبب، أمرك خاطئ. الطلب على تحويل الريال إلى العملات الأجنبية موجود في البلاد منذ 30 عامًا، ويمثل السوق غير الرسمي 10٪ فقط من العملات المعادلة، كيف تؤثر نسبة الـ 10 في المائة هذه على سوق العملات بأكمله؟".
وأضاف النائب ازدخاه: "قوة العملة الوطنية لسوريا التي مزقتها الحرب أكبر بثماني مرات من قوتنا، لأنها قادرة على إدارة السوق غير الرسمية".
كما وصف محسن زنكنه، ممثل مدينة تربة حيدرية في البرلمان، إشارة زيادة سعر الصرف إلى "الاضطرابات" والخارج بأنها هروب من المسؤولية، مشيرا إلى "أن وجهة نظر الحكومة أنه عندما يرتفع التضخم بنسبة 50%، يجب أن يرتفع سعر الصرف أيضًا، وهذا خطأ".
كما صرح كاظم موسوي، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان، أن قيمة العملة الوطنية انخفضت بأكثر من 33٪ في الأسبوعين الماضيين، وأعلن "أنه لو كان ضمن فريق أعضاء مجلس الوزراء، لقد استقالته إلى البرلمان بشأن ما يحصل للعملة المحلية".
من جهة أخرى، اعتبر محمد تقي نقد علي، عضو الهيئة القضائية بالبرلمان، الإعدام وسيلة للسيطرة على التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي.
وقال: "يا مجلس! القضاء والحكومة! ألم يحن الوقت لشنق أربعة من الطفيليات التي تراق دماء الناس في البيئة الاقتصادية علانية وبأسرع وقت؟ والله إذا فعلنا هذا وعاقبنا المفسدين الاقتصاديين الرئيسيين مثل المشاغبين، سيخلق أمل وثقة جديدة في قلوب الناس، وسيهدأ جو السرقة الاقتصادية والاستغلال وسيتحكم التضخم".
وانتقد علي رضا مير سليمي، وهو عضو آخر بالبرلمان، غياب الشفافية تجاه التقارير التي تتحدث عن اختفاء ثلاثة مليارات دولار لدى الحكومة، وقال: "يذكر التقرير أن ثلاثة مليارات دولار من العملات الأجنبية أعطيت لآخرين؛ لماذا ليس من الواضح من هؤلاء الآخرين؟".
بدوره، قدم علي بهادري جهرمي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، الذي كان موضوع الإعلام في الأشهر الأخيرة بتصريحاته الغريبة، أسبابًا مختلفة عما ورد في البرلمان، وزعم أن جزءًا من ارتفاع سعر الدولار يرجع إلى زيادة الأسعار العالمية.
واعتبر جهرمي أن الاحتجاجات العامة هي سبب هذا الحادث، وقال: "عندما أصيب الأعداء بخيبة أمل من انعدام الأمن في الشارع، حاولوا دفع هذه الفوضى وانعدام الأمن إلى الساحة الاقتصادية وضرب الناس، ومثلما كانت الاضطرابات التي حدثت في الأشهر القليلة الماضية مؤقتة، فإن هذه الزيادة في سعر العملة هي أيضًا مؤقتة لنفس السبب".
aXA6IDMuMTQ1LjcuMTg3IA== جزيرة ام اند امز