الأعراس الجماعية في غزة.. أمل وفرحة وسط الأزمات
العرس الجماعي الأخير الذي يرعاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قطاع غزة، استفاد منه 180 عروسا وحضر الحفل 3000 مدعو.
على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة والحصار الذي يعيشه أهل قطاع غزة، يحاول الشباب هناك فتح بارقة أمل للحياة وبعث الفرحة في مجتمع أنهكته الأزمات المتتالية من خلال الأفراح والأعراس الجماعية.
ولم تعد الأعراس حكراً على عائلتي العروسين، بل أصبحت جهات رسمية وغير رسمية تراعها وتقوم عليها، من بوابة التيسير على الناس في قطاع غزة والضفة الغربية، لتتحول تلك الأعراس الجماعية إلى نوع من أنواع التنافس السياسي للاستقطاب، مع وجود تيارات سياسية مختلفة على الأرض تحاول كل منها إثبات نفسها بوسائل مختلفة.
رمزي صيام، عروس ضمن فوج العرس الجماعي الأخير في قطاع غزة، يقول لـ"العين الإخبارية": "الأعراس الجماعية، يسّرت على كثير من الشباب، وشجعتهم على الزواج، بعد أن كانوا عازفين عنه بسبب قلة ذات اليد وانتشار البطالة وغياب الأفق لأي حلول واضحة في حياتهم".
يؤكد صيام أن الأعراس الجماعية فكرة جيدة، وحين سمع أن عرساً جماعيا سينظم في قطاع غزة قبل شهرين، سعى جاداً للاستفادة منه، وأن يكون من العرسان الـ180 الذين سيستفيدون من منحة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لصيف عام 2018.
من الترشح إلى التجهيز والمنصة
العروس محمد صقر، من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، يقول: "الأعراس الجماعية نعمة من الله وكنت أنتظر هذا العرس بفارغ الصبر، لأنني بصراحة حاولت جاهداً أن أتزوج منذ سنة تقريباً، إلا أن الظروف المادية لم تسعفني، وعندما سمعت بالعرس الذي سيرعاه الرئيس محمود عباس توجهت إلى اللجنة التحضيرية وسجلت اسمي".
يصف صقر فرحته بسماع قبوله ضمن العرسان لهذا الموسم، إذ بدأ في تجهيز نفسه هو وخطيبته للفرح، واضطر إلى الزواج في غرفة مع أسرته، وأنجز ما يمكن إنجازه، مضيفاً: "أنا اليوم عروس، أجلس على منصة كبيرة أمام جمهور غفير، وأتقبل التهاني بكامل سعادتي".
عرس جماعي بمرسوم رئاسي
في العرس الجماعي الأخير الذي يرعاه الرئيس محمود عباس في قطاع غزة، استفاد منه 180 عروساً، وحضر الحفل الذي أقيم على أرض الشاليهات غرب مدينة غزة، ما لا يقل عن 3000 مدعو، تقدمتهم قيادات العمل الوطني، ومثل الرئيس عباس في العرس، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أحمد حلس، الذي أشاد بمنظمي العرس الجماعي، ومقدماً تمنياته للعرسان في حياة سعيدة.
مواصفات العروس وضوابط العرس
"أم محمود عطا" إحدى المشرفات على العرس الجماعي، تقول لـ"العين الإخبارية"، إن العرس الجماعي الأخير هو الوحيد هذا العام الذي يقام في قطاع غزة والضفة الغربية، وبرعاية الرئيس محمود عباس، لافتة إلى أنه أعلنه قبل شهرين، وفتح باب ترشيح العرسان، وتشكلت لجنة اجتماعية، مهمتها الاطلاع على أوضاع المتقدمين لقبول أكثرهم حاجة وأقربهم للشروط الموضوعة.
وأبرز الشروط للعرس الجماعي تدور حول وضع العروس المالي وعجزه عن تكاليف الزواج، كما يجب أن يكون من عائلة مناضلة، والأولوية لأبناء الشهداء والأسرى، أو أشقائهم، والمناطق هي التي تقرر أسماء المستفيدين فيها، ويتم اعتمادهم بعد التأكد الأخير من سلامة البيانات التي وصلت لجنة الإقرار، وبعدها يتم إبلاغ العروس بقبوله، وتبدأ التجهيزات حسب ما هو متفق عليه مع لجنة تجهيز العرسان، ويحصل كل عروس على مكافأة مالية تقدرها اللجنة المختصة، كهدية له ولعروسه.
من جانبه، يؤكد العروس أحمد عوض، من المنطقة الوسطى لقطاع غزة، أن لجنة التجهيز تتوكل في جميع الأمور الخاصة بالعروسين، إذ اختاروا بدلات العرس والأحذية بمواصفات جيدة، أما بالنسبة للعرائس فاختاروا الثوب الفلسطيني الأبيض المزركش بالخيوط الحمراء والألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأحذية البيضاء المناسبة للثوب، واستمرت عملية تجهيزنا قرابة الشهر الكامل.
توصيات لحياة أفضل
يقول الصحفي أكرم اللوح، إن الأعراس الجماعية على الرغم من أهميتها للشباب المتعسر في إتمام مراسم الزواج، فإنها ليست حلولاً نهائيةً للمتزوجين الجدد، بل من الممكن أن تفشل كثير من الزيجات بعد ذلك العرس، بسبب الأوضاع المالية والأزمات الاقتصادية والبطالة، وغياب الوظائف ذات الدخل الثابت، لذا كان من المفترض خلق مشاريع صغيرة لهؤلاء الشباب، ومن ثم تزويجهم.
ويضيف اللوح: "هناك ملاحظات على لجان الأعراس الجماعية، وطريقة اختياراتها للعرسان، وغالباً ما تتدخل الميول الفصائلية، والانتماءات السياسية في عملية الاختيار، خصوصاً أن الأعراس الجماعية أصبحت نوعاً من أنواع إثبات الذات في المجتمع من قبل الجهات التي تمولها وترعاها، وهذا أمر يغيب العدالة في الأعراس، ويصرفها إلى الانتهازية السياسية والفصائلية، لأن كثيرا من الشباب الفلسطيني غير منتمٍ إلى فصيل أو حزب، وأوضاعه المعيشية غاية في الصعوبة والتعقيد، وعاطل عن العمل، ووصل إلى سن الزواج وتجاوزه، ولا يجد من يدعمه أو يأخذ بيده ليتم مشروع حياته بالزواج".
ويتابع قائلاً: "من الملاحظ أن الحكومة غائبة بالكلية عن هذا الموضوع، على الرغم من أن هناك وزارة للشباب وكان الأجدر أن تكون لجان الأعراس الجماعية مشكلة من الوزارة وليس خارجها، لإنعاش الحكومة ودعمها، وقد يتفهم سكان قطاع غزة، غياب الوزارة في هذه المرحلة لأسباب الانقسام، وعدم الوصول إلى المصالحة الداخلية، ولكن كان من الممكن تشغيل الموظفين التابعين للوزارة في هذه المهمة، بدلاً من إعطائها لغير المختصين، ولكن على الرغم من كذلك، فإن الأعراس الجماعية خطوة إيجابية في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها قطاع غزة".
aXA6IDE4LjE4OS4xODQuOTkg جزيرة ام اند امز