الكل في الإمارات يفتخر بتجاربها وإنجازاتها ويشعرون بأنهم جزء منها، وهي واحدة من القيم الإنسانية التي تحسب في هذه التجربة الرائعة.
أجد تطابقاً في "القيم الوطنية" لمناسبتي: يوم الشهيد الإماراتي الذي يوافق الـ(30) من نوفمبر من كل عام، واليوم الوطني لاتحاد دولة الإمارات؛ الذي أعلن في الثاني من ديسمبر، والذي نحتفل به خلال هذه الأيام بمرور (49) عاماً على إعلان الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه بتأسيسه في الثاني من ديسمبر من عام 1971.
فالمناسبة الأولى تبرز قيمة التضحية وكيفية الفداء من أجل الأوطان؛ فالأرواح أمامه ترخص. والمناسبة الثانية: تبرز فكر ورؤى لقادة استطاعوا أن يبهروا العالم ويلهموا نموذج بناء الدول.
أما عن القاسم المشترك بينهما، لا يكمن (فقط) في أنهما حدثا في نفس العام وهو العام 1971 الذي يعتبر علامة فارقة في تاريخ دولة الإمارات وفي المشهد السياسي العربي بالكامل حيث سجلت أنجح تجربة اتحادية عربية، وإنما (أيضاً) أنهما يحملان رسالة وطنية تتساوى فيها كل المجتمعات الإنسانية بمختلف ثقافاتها حول قيمتها الأخلاقية والمعنوية، فالشهيد له رمزيته والوطن له حقوقه.
واللافت في دولة الإمارات، أنه قبل يومين فقط من الإعلان عن تأسيس الدولة الاتحادية التي تقدم اليوم أفضل تجربة تنموية من كل النواحي تنافس فيها أعرق الدول في العالم، ارتقى أول شهيد إماراتي دفاعاً عن راية بلاده حيث قاوم المحتل الإيراني الغاشم في محاولته إنزال العلم في جزيرة طنب الكبرى، وهي إحدى الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران بجانب طنب الصغرى وأبوموسى.
وإذا أردنا أن نذهب إلى أبعد من ذلك، فمن السهل أن نكتشف أنه في المناسبتين إبهار للرأي العام العالمي، ففي حين تستمر القيادة الإماراتية في تحقيق الإنجازات التنموية في المجالات الحياتية المختلفة إلى حد أن بعضها يمكن أن تصل إلى مرحلة "المستحيل" مثل إطلاق "مسبار الأمل" لاستكشاف المريخ، أو التفكير ضمن رؤية عالمية من أجل الرفاه الإنساني وإسعاده من خلال التفاعل مع المنظمات الدولية في تحقيق السلام والتعايش الإنساني وتقليل الاختلافات والفروقات. في مقابل ذلك، نجد ذلك الاندفاع الكبير لدى أبناء هذه الدولة في الدفاع عنها وحماية مكتسباتها وتقدم من أجل ذلك كل غال ونفيس لأنه لا كرامة لإنسان في ظل دولة محتلة أو بلا سيادة بل هناك تنافس بين أبنائها للذود عنها. ولهذا يكون إحياؤنا ليوم الشهيد استذكارا لتضحياتهم واستخلاصا للعبر مما قدموه.
لا يمكن أن تمر أي مناسبة وطنية في دولة الإمارات دون تفاعل المقيمين بإعجاب وحب شديدين لها، ليس فقط لأن خطاب قادتها وتوجهاتهم السياسية الحكيمة تأتي متجاوبة مع الحاجات الإنسانية في عموم العالم وإنما هم شركاء في هذه الإنجازات، وبالتالي فالكل في الإمارات يفتخر بتجاربها وإنجازاتها ويشعرون بأنهم جزء منها، وهي واحدة من القيم الإنسانية التي تحسب في هذه التجربة الرائعة. ولعل اهتمام القيادة الإماراتية ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عن وقوف دولة الإمارات مع الجميع خلال أزمة كورونا التي ما زلنا نعيش تداعياتها وتأثيراتها أفضل مثال للخطاب الإنساني الإماراتي.
تكتسب المناسبتان الوطنيتان في الدولة (يوم الشهيد واليوم الوطني) مع كل ذكرى سنوية معان جديدة تضاف إلى تلك المعاني المجيدة التي تخلدها المجتمعات الإنسانية الأخرى، فهذان اليومان يرتبطان هنا بقصص واقعية وحقيقية حول الفداء والبناء نراها ونشاهدها تحدث أمام أعيننا كل يوم.
لا أبالغ إذا قلت: إن تقاليد إحياء الأيام الوطنية في دولة الإمارات أكثر عمقاً من المجتمعات الأخرى، لأن المسألة لها أكثر من بعد. الأول: فلسفة العلاقة التي تربط القيادة مع الشعب. الثاني: أن شعور الإماراتي وإحساسه بأن وطنه لم يبخل عليه بشيء وبالتالي فانتماؤه أعمق.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة