تسميد مخلفات الطعام.. البطل الخفي بمعركة المناخ المتطرف
في كل مرة ننتهي فيها من تناول وجبة ما، ونرمي بقايا الطعام في سلة المهملات، فإننا نساهم دون قصد في مشكلة عالمية ضخمة.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من ثلث إنتاج الغذاء العالمي يدخل في مجرى النفايات، وتعد مخلفات الطعام مكونًا رئيسيًا في مدافن النفايات حول العالم، ومصدرًا عالميًا كبيرًا لغازات الاحتباس الحراري.
كشفت دراسة جديدة نشرت مؤخرًا في دورية Nature عن بطل خفي في مكافحة تغير المناخ، وهو التسميد.
وجد الباحثون أن تحويل مخلفات الطعام إلى سماد يمكن أن يساعد في تقليل الانبعاثات، وخفض بصمتنا الكربونية بشكل كبير، مما يساعد على تقليل تأثير مخلفات طعامنا على ظاهرة الاحتباس الحراري.
هدر الطعام والانبعاثات
تُقدر انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن فقد الأغذية وهدرها بـ124 غرامًا من ثاني أكسيد الكربون للفرد على مستوى العالم و315 جرامًا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد في الدول ذات الدخل المرتفع.
في الولايات المتحدة وحدها، يطلق ما بين 73 و152 مليون طن متري من الانبعاثات بسبب نفايات الطعام.
يفقد العالم الغذاء في جميع مراحل سلسلة التوريد، أثناء الزراعة والنقل والاستهلاك، ومع ذلك فإن هدر الطعام في مدافن النفايات يمثل مشكلة خاصة.
ذلك لأن نفايات الطعام تحتوي على مستويات عالية من الكربون والمغذيات والرطوبة، وتحللها ينتج عنه انبعاثات غاز الميثان، التي تعد أخطر بكثير من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
بشكل عام، تعد مدافن النفايات من أكبر مصادر انبعاثات الميثان في العالم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تحلل المواد العضوية في بيئة خالية من الهواء، وهي عملية تعرف باسم التحلل اللاهوائي.
التسميد هو الحل
شرعت الدراسة في تقييم إمكانات التسميد للمساعدة في معالجة هذه المشكلة.
للقيام بذلك راقب الباحثون باستمرار الانبعاثات في مرافق التسميد التجارية، ووجدوا أن التسميد يمكن أن يغير قواعد اللعبة، حيث ينتج كميات أقل بكثير من الانبعاثات الناتجة عن تحلل الطعام في مدافن النفايات.
إجمالًا، وجدت الدراسة أن تحويل المواد العضوية إلى سماد بدلا من إرسالها إلى مدافن النفايات يمكن أن يقلل من انبعاثات الميثان بنسبة 38-84٪، اعتمادا على كفاءة العملية.
كما كشف الباحثون أن فوائد التسميد لا تقتصر على الانبعاثات فقط، بل يمكن تحقيق المزيد من الفوائد بعد استخدام السماد العضوي في الزراعة، حيث يحل محل الأسمدة غير العضوية والأسمدة التي تطلق مستويات عالية من الانبعاثات.
في الوقت نفسه، يمكن أن يساعد استخدام السماد في حبس الكربون في التربة.
وجدت الدراسة أيضا أن تحسين عملية التسميد يمكن أن يزيد من الفائدة على البيئة، حيث أدى الدوران المنتظم إلى تقليل كمية الانبعاثات، مع انخفاض انبعاثات الميثان بعد تحويل السماد.
كما وجد الباحثون صلة بين حجم انبعاثات غازات الدفيئة أثناء عملية التسميد من جانب، والرطوبة والأكسجين وظروف درجة الحرارة في كومة السماد من جانب آخر، حيث ارتفعت انبعاثات الميثان بعد إضافة كميات كبيرة من الماء أثناء عملية التسميد.
تقول تيبيساي بيريز، الباحثة بقسم العلوم البيئية بجامعة كاليفورنيا، وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة، إن السبب في ذلك ربما كان الظروف اللاهوائية، وهي الظروف التي يقل فيها توفر الهواء أو الأوكسجين على وجه الخصوص.
يمكن أن يؤدي تقليل كمية المياه المضافة، خاصة أثناء منتصف ونهاية عملية التسميد، إلى تقليل الضرر الذي يلحق بالبيئة.
نصائح لعملية التسميد
تنصح بيريز في البداية بنشر الوعي بين الناس لتقليل هدر الطعام، وفي حال اضطرت الظروف للهدر، يمكن وقتها استخدام حل التسميد لتقليل الانبعاثات.
وتقول: "بشكل عام، نوصي بأن يتبع الأشخاص التسلسل الهرمي لاستعادة الغذاء الذي تتبعه وكالة حماية البيئة الأمريكية والذي يؤكد، حسب الأهمية، ثلاثة إجراءات رئيسية: الوقاية (تقليل الهدر)، ثم التحويل (الإدارة البديلة مثل التسميد)، وأخيرًا (الطمر والحرق)".
كما وضعت بيريز أيضا عددا من التوصيات لصنع السماد من مخلفات الغذاء بطريقة تقلل من الانبعاثات لأقصى درجة.
تقول: "بشكل عام، التوصية الجيدة لأي نوع من عمليات التسميد هي تعظيم الظروف الهوائية، والحصول على الكثير من الأكسجين في السماد، يمكن القيام بذلك عن طريق الدوران المنتظم لتحسين التهوية، بتردد لا يقلل من درجة الحرارة اللازمة للوصول إلى عملية سماد ناجحة".
وتضيف: "يجب إجراء إضافات المياه عند الضرورة لتحقيق قيمة مثالية بنسبة 60٪، وربما مراقبة الرطوبة باستمرار في كومة السماد لتقييم احتياجات إضافة المياه بشكل أفضل".
aXA6IDE4LjE5MC4xNTMuNzcg جزيرة ام اند امز