سحب الثقة من الغنوشي..هل يُسدل الستار على فصل الإطاحة؟
جلسة سحب الثقة هي بداية النهاية لمسيرة رجل تعلق به تاريخ من الإرهاب والعنف والتكفير ومحاولات تدمير الأوطان.
بالتهديد والإغراءات المالية، تخوض كتلة إخوان تونس بالبرلمان معركتها الأخيرة في محاولة لإجبار نواب على سحب توقيعاتهم، عشية جلسة عامة للتصويت على سحب الثقة من زعيمهم راشد الغنوشي.
جلسة لا تعتبر سابقة فقط في تاريخ البرلمان التونسي منذ استقلال البلاد عن فرنسا العام 1956، لكنها تعد أيضا ضربة سياسية قاصمة لزعيم الإخوان ولفرع الجماعة بالبلاد.
كما تُعد دليلا على أن الاستياء من الإخوان سرت عدواه من الشعب إلى السياسيين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم.
ويعقد البرلمان التونسي، غدا الخميس، جلسة عامة للتصويت على سحب الثقة من الغنوشي، في خطوة يرى محللون أنها ستكون بداية النهاية لمسيرة رجل يجر وراءه تاريخا من الإرهاب والعنف والتكفير ومحاولات تدمير الأوطان.
ومنذ توليه رئاسة البرلمان التونسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، واجه الغنوشي اتهامات بالتخابر مع جهات أجنبية، وخدمة أجندات مشبوهة مرتبطة بالتنظيم الدولي للجماعة.
كما أجرى الغنوشي، بالفترة الأخيرة، زيارات سرية إلى تركيا التقى خلالها الرئيس رجب طيب أردوغان، وتدخل في الملف الليبي عبر مكالمات مع قيادات إخوانية، في مخالفة للدستور التونسي الذي يعطي حصريًا صلاحية العلاقات الخارجية للرئيس قيس سعيد.
وفي غضون ذلك، أعلن مكتب البرلمان أن عملية سحب الثقة من الغنوشي ستكون سرية، في عملية تتطلب أغلبية 109 أصوات من إجمالي عدد النواب البالغ 217.
ضغوط وتشويش
عشية الجلسة، أفادت مصادر برلمانية أن نواب حركة النهضة الإخوانية مارسوا العديد من الضغوطات على زملائهم لسحب إمضاءاتهم، معتمدين في ذلك على أسلوب التهديد والإغراءات المالية.
وقالت نسرين العماري، النائبة عن كتلة الإصلاح (15مقعدا)، إن نواب النهضة يسعون للتأثير على عملية التصويت.
وحذرت العماري، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، من إمكانية افتعال مشاكل جانبية لتحويل وجهة جلسة التصويت على سحب الثقة من راشد الغنوشي.
بدوره، كشف النائب عن حركة "الشعب" (قومية)، زهير المغزاوي، في تصريحات إذاعية، أن حركة النهضة عرضت أموالا طائلة على العديد من النواب لسحب توقيعاتهم من عريضة سحب الثقة..
الغنوشي والمعركة الأخيرة
أستاذ علم الاجتماع السياسي، فهد ناصري، رأى أن جلسة سحب الثقة تشكل بداية النهاية لمسيرة رجل تعلق به تاريخ من الإرهاب والعنف والتكفير ومحاولات تدمير الأوطان.
واعتبر ناصري، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن التقاء 8 كتل برلمانية على ضرورة إزاحته، رغم خلافاتهم السياسية العميقة، هو إثبات واقعي على ترهل وتهاوي الفكر الإخواني في تونس الذي أفرز فشلًا في الحكم منذ سنة 2011.
وراشد الغنوشي البالغ من العمر 79 عاما، عاد إلى تونس مطلع 2011، وشهدت فترة حكم حزبه للبلاد عمليات إرهابية راح ضحيتها القيادي اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير /شباط 2013، والقيادي القومي محمد البراهمي في 25 يوليو/تموز من العام ذاته، إضافة إلى عشرات الجنود وعناصر الأمن ومدنيين.
وقال ناصري إن "خطاب الإخوان لاح عليه في الفترة الأخيرة ارتباك عميق تجسد في تلويح أنصار التنظيم باللجوء للعنف، وهو نفس الأسلوب الذي اعتمدته حركة النهضة في بداية معركتها مع الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي".
حشد جماهيري
وسبقت جلسة سحب الثقة من الغنوشي تحركات شعبية قادها "الحزب الدستوري الحر" (16 مقعدا) خلال الأسبوع المنقضي، على أن يلتحق أنصار الحزب بتجمع شعبي غدا أمام البرلمان.
وقالت رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي، خلال اجتماع شعبي لأنصار حزبها في ساحة "باردو" (قبالة مقر البرلمان التونسي في قلب العاصمة تونس)، إن عدم الحضور والتصويت لسحب الثقة "خيانة للوطن".
ووجهت موسي نداء للكتل البرلمانية (9 كتل ) للحضور، غدا الخميس، بكثافة، لممارسة الدور الوطني ضد مشاريع الإخوان الإجرامية وتحرير البرلمان التونسي من الغنوشي.
وتتكون الكتل الراغبة في سحب الثقة من الغنوشي من "تحيا تونس"(11مقعدا )، والتيار الديمقراطي، وحركة الشعب القومية، وكتلة الإصلاح (15مقعدا)، والكتلة الوطنية (10مقاعد) والعديد من المستقلين ونواب اليسار التونسي مثل منجي الرحوي، فضلا عن كتلة الدستوري الحر التي تخوض اعتصامًا مفتوحًا منذ أسبوعين.
وأكدت موسي على أن إزاحة الغنوشي "ستكون مكسبا للجمهورية التي أسسها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في 1957، وذلك لضمان شرف تونس وشرف شهداء حركة التحرر ضد الاستعمار الفرنسي"..
aXA6IDMuMTM1LjE5NC4xMzgg جزيرة ام اند امز