الصراعات والانشقاقات تضرب أوصال إخوان موريتانيا
الصراع الحالي بين قادة إخوان موريتانيا يعتبر آخر مسمار في نعش التنظيم الإرهابي الذي يواجه سلسلة من الأزمات والتصدعات الداخلية.
تضرب الصراعات والانشقاقات تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية في موريتانيا، حيث هاجم الرئيس السابق لحزب "تواصل" الإخواني محمد جميل منصور، خلفه في قيادة الحزب محمد محمود السييدي، واصفا إياه بانتهاج "القياس الفاسد" و"مجانبة الحقيقة".
في غضون ذلك، استلمت الداخلية الموريتانية قبل أيام ملف حزب جديد يتزعمه قيادي إخواني مؤسس وهو المختار محمد موسى، الذي كان قد أعلن الانشقاق عن حزب التنظيم "تواصل" في فبراير الماضي.
تصعيد ولد منصور، تجاه خلفه، جاء ردا على كلمته التي قلل فيها ضمنيا من أهمية ما حققه خلال رئاسة "تواصل" في رئاسيات سابقة سنة 2009، قياسا لما حققه الحزب في انتخابات 2019 الرئاسية.
رد منصور الذي يعتبر أحد مؤسسي إخوان موريتانيا وأحد منظريه البارزين، كان قويا ومباشرا، واصفا مقارنة ولد السييدي بين المرحلتين بـ"القياس الفاسد"، ومعتبرا أن تقييم ولد السييدي للانتخابات الأخيرة بوصفها بـ"السيئة" بأنه تقويم مجانب للحقيقة لا تعززه الوقائع والمؤشرات والتقويمات".
الصراع الحالي بين القادة المؤسسين لحزب إخوان موريتانيا، يعتبر في نظر المراقبين آخر مسمار في نعش التنظيم الإرهابي الذي يواجه سلسلة من الأزمات والتصدعات الداخلية التي أخذت منحى جهويا وفكريا.
فرغم أن ولد منصور لا يشغل منصبا رسميا في الحزب منذ الإطاحة به في مؤتمر الحزب العام سنة 2017، إلا أنه لا يزال يحتل نظريا موقع القيادة للتنظيم وأبرز منظريه وموجهي سياساته وبوصلته السياسية، بل يعتبر في نظر البعض مرشدا للإخوان في موريتانيا.
مستقبل غامض
الكاتب والمحلل السياسي محفوظ الجيلاني، رئيس تحرير موقع "النشرة المغاربية"، اعتبر أن الصراع الحالي بين قيادات الإخوان يكشف ما وصفها بأزمة غامضة، مشيرا إلى أن أزمة الفرع المحلي للإخوان لها ارتباط بتصاعد العزلة المتزايدة للتنظيم الدولي للإخوان عالميا.
واعتبر الجيلاني في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الضغوط المتزايدة على الدول التي تقدم الاحتضان والرعاية للإخوان الإرهابية في العالم وهي تركيا وقطر، ستساهم مستقبلا في انزواء الفروع المحلية لهذا التنظيم في كل دولة وتحولها إلى فصيل سياسي لا يمتلك القدرة على تهديد الأمن والاستقرار في هذه البلدان.
الكاتب والمحلل السياسي، المستشار السابق في الرئاسة الموريتانية الدكتور إسحاق الكنتي، أرجع الصراع الحالي في حزب الإخوان إلى أزمة التيار التي يعاني منها، معتبرا أن التناوب الذي حصل في قيادة حزب "تواصل" الإخواني عام 2017 لا علاقة له بالديمقراطية، بل تصفية حسابات بين أجنحة متصارعة.
وأشار الكنتي في تدوينة بحسابه على الفيس بوك، إلى أن ما يجري حاليا تصفية للجناح الذي يقوده ولد منصور في التنظيم، من خصومه في نفس الحزب، وانعكاس لاستفحال الأزمة بين تيارين جهوين يقود أحدهما الرئيس الحالي للحزب، بينما يقود الآخر غريمه محمد جميل منصور.
وبدأت أزمة تنظيم الإخوان الإرهابي في موريتانيا، خاصة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها محمد ولد الغزواني.
وظهرت الانقسامات بداية من الإعلان عن إجراء انتخابات رئاسية، رشح فيها رئيس الوزراء الموريتاني آنذاك محمد ولد بوبكر نفسه لمنافسة محمد ولد الغزواني.
واختلف أعضاء التنظيم حينها على المرشح الذي سيؤيده الحزب، حيث فضل محمد جميل منصور القيادي المؤسس للتنظيم هناك دعم محمد ولد الغزواني، فيما أيد أعضاء آخرون رئيس الوزراء محمد ولد بوبكر.
وشكلت سلسلة تدوينات ولد منصور -أكبر منظري التنظيم في موريتانيا، المنتقدة لخطه السياسي- ضربة قوية لوحدة التنظيم الداخلية في مقتل، ووجهت له أكبر صفعة لحزبه منذ إنشائه عام 2007.