أمريكا واليابان ترممان تحالفهما القديم.. نظام تجاري جديد يهمش الصين
لطالما كانت التجارة هي أكبر مصدر للخلاف بين الولايات المتحدة واليابان، ولكنها تبدو حاليا كعامل ترابط وثيق بين الاقتصادين الكبيرين.
ومع تزايد المخاوف المشتركة بالنسبة لمرونة سلسلة الإمداد والاعتماد المبالغ فيه على الصين، أبرمت الدولتان اتفاقية تجارية لتعزيز سلسلة إمداد المعادن المهمة للدولتين من خلال عدم قيام أي من الطرفين بفرض رسوم تصدير على الليثيوم، والكوبالت، والنيكل، والجرافيت، والمنجنيز على الطرف الآخر.
وتقول المحللة شيهوكو جوتو، مديرة برنامج الاقتصاديات الجغرافية والمشروع الهندي- الهادئ، ونائبة مدير برنامج آسيا بمركز ويلسون الأمريكي، إن هذا بدوره سوف يتيح للولايات المتحدة واليابان التعاون معا لمواجهة هيمنة الصين على قطاع بطاريات السيارات الكهربائية.
وعلى أي حال، لا يمكن الاستهانة بالأهمية السياسية طويلة الأمد للاتفاق الذي يعزز علاقات الولايات المتحدة مع اليابان.
وتضيف جوتو -في تقرير نشره مركز ويلسون-: إن الاتفاق يوضح استعداد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للتعاون مع الحلفاء الرئيسيين فيما يتعلق بالجبهة التجارية.
السياسات الحمائية
ورغم أن البيت الأبيض قام بتعزيز جهود التنسيق بشأن الأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لوحظ أن سياساته التجارية تتفق بدرجة كبيرة مع سياسات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب وأنها حمائية بصورة متزايدة.
وقد تزايد قلق اليابان والاتحاد الأوروبي بوجه خاص، جراء ما نص عليه القانون الأمريكي الذي استهدف الحد من التضخم، والخاص بأن الائتمانات الضريبية لن تتاح سوى لاستيراد قطع الغيار والمواد من الدول التي تربطها بها اتفاقية تجارة حرة.
إذ لا ترتبط طوكيو أو بروكسل بأي اتفاقية تجارة حرة شاملة مع الولايات المتحدة، ورغم أن قانون الحد من التضخم يُعد محاولة من جانب إدارة بايدن لتعزيز قطاع الطاقة الخضراء الأمريكي، أوضحت اليابان وأوروبا مخاوفهما إزاء حرمانهما من الائتمانات الضريبية التي ينص عليها قانون الحد من التضخم.
وفي الوقت نفسه، تؤكد الاتفاقية الأخيرة أن المواد التي ستتم معالجتها في اليابان سوف تكون مؤهلة أيضا للتمتع بالإعفاءات الضريبية التي يكفلها قانون الحد من التضخم الأمريكي، حيث أشارت كاترين تاي ممثلة التجارة الأمريكية إلى أن اليابان "من أهم شركائنا التجاريين".
الاختلالات التجارية
وثانيا، لم تعد العلاقات التجارية بين اليابان والولايات المتحدة تقتصر على معالجة الاختلالات التجارية والضغط للوصول إلى الأسواق، إذ ركزت اليابان بدرجة أكبر على تجنب التعرض لأضرار الإجراءات الحمائية من جانب واشنطن، حيث تركز الولايات المتحدة على تعزيز المزيد من المرونة المحلية وقدرة شركاتها على التنافس.
وفي ظل عدم رغبة واشنطن توقيع اتفاقيات تجارية جديدة، تسعى الدول من شركاء الولايات المتحدة التي لا تربطها اتفاقيات تجارة حرة بها، إلى إيجاد أرضية مشتركة مع واشنطن للتوصل إلى سبيل جديد لتطوير علاقات تجارية مع الولايات المتحدة.
وقد برزت إدارة الاختلالات في سلاسل الإمداد كقضية رئيسية للاهتمام المتبادل بالنسبة لليابان والولايات المتحدة على السواء، وتعتبر الدولتان المواد المهمة والبطاريات ذات السعة الكبيرة مجالات رئيسية لا تحتاج فقط إلى المزيد من الاستثمارات المحلية، ولكن أيضا إلى تعاون بين الدول الشريكة الموثوق بها لتدعيم المرونة لمواجهة الاختلالات.
الشراكة بين الصين واليابان
ثالثا: تعد الصين أكبر شريك تجاري بالنسبة لليابان وكذلك بالنسبة لباقي دول آسيا، وقد بدأ يظهر بوضوح إجماع باعتبار الصين تمثل تهديدا اقتصاديا.
ويعد العمل على حرمان الصين من التكنولوجيا المتقدمة، والحد من بروزها كدولة منافسة في مجال التكنولوجيا، هدفا من أهداف السياسة الخارجية الأمريكية يحظى بدعم الحزبين الرئيسيين في الكونغرس، وكذلك هدف يؤيده أيضا بصورة متزايدة حلفاء الولايات المتحدة.
ففي مطلع هذا العام، وقعت الولايات المتحدة، واليابان، وهولندا اتفاقية لتقييد صادرات آلات تصنيع الرقائق المتقدمة للصين، في أعقاب قرار الولايات المتحدة الأحادي بفرض قيود على الصادرات بالنسبة لتكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة.
وتعتمد اتفاقية سلسلة إمداد المعادن الأخيرة بين الولايات المتحدة واليابان على تلك الجهود. كما أن الاتفاقية تعزز الجهود الثنائية ليس فقط للتحوط في مواجهة الاختلالات غير المتوقعة بالنسبة لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ولكن أيضا لمواجهة التعنت الاقتصادي الصيني واستغلال بكين لهيمنتها في مجال المعادن المهمة التي يمكن استخدامها كسلاح ضد خصومها.
وتقول جوتو إنه مع استعداد اليابان لاستضافة قمة مجموعة السبع في مايو/أيار المقبل، من المتوقع أن يكثف رئيس الوزراء فوميو كيشيدا الجهود لمزيد من التعاون بين أغنى الدول في العالم للتصدى للعنت الاقتصادي من جانب الصين التي تزيد من هيمنتها في قطاع المعادن البالغ الأهمية.
وبداية من حرمان الصين من تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة إلى تقليص الاعتماد على الصين بالنسبة للصناعات المهمة، من المتوقع أن تنهض بشكل أكبر شبكة أوسع نطاقا تضم دولا ذات تفكير متماثل اتحدت لدرء التعنت الصيني من خلال إعادة توجيه سلاسل الإمداد.