تعديلات الإخوان بدستور الجزائر.. تسلق ومتاجرة
الرئاسة الجزائرية تنشر مقترحات الإخوان لتعديل الدستور وتكشف زيف مواقفهم العلنية بينها دعوتهم ضمناً لـ"دسترة العمالة".
أسقط الدستور الجزائري الجديد المزمع عرضه على الاستفتاء الشعبي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، الأقنعة عن تنظيم الإخوان بالبلاد، كما كشف أجندتهم الخفية للوصول إلى الحكم.
وكشفت الرئاسة الجزائرية عن نسخة المقترحات المقدمة في إطار النقاش العام حول مشروع مراجعة الدستور، والمكونة من 1230 صفحة، جمعت 5018 مقترحاً من شخصيات سياسية وأكاديمية وأحزاب سياسية.
- جزائريون ردا على انتقاد الإخوان لمسودة الدستور: تُبخر أحلامكم
- أبرز تعديلات دستور الجزائر.. هذا ما يحدث عند التصويت بـ"لا"
وقاطعت التيارات الإخوانية والتي تضم حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية، الأسبوع الماضي، جلسة مناقشة والتصويت على المشروع النهائي للدستور بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية للبرلمان).
ووفق مراقبين فإن المقاطعة الإخوانية تعكس حالة الإفلاس السياسي والتذبذب الذي باتت تعيشه تيارات الإخوان بالجزائر خاصة منذ الحراك الشعبي العام الماضي، الذي عرّى زيف الشعارات الإخوانية وأفشل مخططاتها.
تسلق دستوري
وحصلت "العين الإخبارية" على نسخة من المقترحات التي كشفت عنها الرئاسة الجزائرية، وأسقطت، بحسب المتابعين، أقنعة المتاجرة السياسية للإخوان وفضحت جانباً من النوايا المبيتة للتنظيم للاستياء على الحكم بأي شكل.
وزادت مقترحات الإخوان حول مسودة الدستور من عزلتهم حتى بين الطبقة السياسية، وكشفت عن الوجه الحقيقي الذي لطالما نجح التنظيم في إخفائه، وفق ما كشفته ردود أفعال الجزائريين عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ووصل الأمر بتيارات الإخوان إلى محاولة الركوب من جديد على الحراك الشعبي وإعطائه "طابعاً إخوانياً" من خلال مقترح مسموم في الفقرة الـ9 من ديباجة الدستور.
وطالبت ما تسمى بـ"حركة مجتمع السلم الإخوانية" بتغيير تسمية "الحراك الشعبي" إلى "الحركة الشعبية" مستمدة ذلك من التسميات التي يطلقها الإخوان على تياراتها من قبيل "الحركة والجبهة".
تجارة الأمازيغية
وثيقة الدستور الجديد فضحت أيضا متاجرة الإخوان بالقضايا الحساسة في الجزائر، على رأسها مسألة اللغة الأمازيغية.
وكشفت وثيقة المقترحات عن تناقض رهيب في مواقف قيادات الإخوان بين تصريحاتهم ومقترحاتهم، في مؤشر واضح وفق تعليقات الجزائريين عبر منصات التواصل على "إدمانهم على ركوب الأمواج ليحفظوا ما تبقى لهم من ماء وجه".
ورغم أن حركة مجتمع السلم الإخوانية تقدمت بنحو 123 مقترحاً، اعتبر رئيسها الإخواني عبد الرزاق مقري في منشور له بأن "الشعب الجزائري أمازيغي مسلم وانتسب إلى العربية بمحض إرادته" وأبدى "سعادة" بترسيم الأمازيغية لغة رسمية في البلاد، وهي التصريحات التي أثارت سخطاً شعبياً.
غير أن رأي الحركة الإخوانية تغير بالمقترحات التي أرسلتها للرئاسة الجزائرية، إذ طالب الإخوان بأن "تظل العربية هي اللغة الرسمية دوماً"، ما يعكس زيف مغازلتهم للأمازيغ ومتاجرتهم بمسائل الهوية.
دسترة العمالة
ومن بين أكثر مقترحات جماعة الإخوان المسومة والأكثر غموضاً دعوتها الضمنية إلى "طمس كل أدلة العمالة" وركزت في ذلك على المراسلات والاتصالات الخاصة.
واقترحت "حمس" الإخوانية "أن لكل شخص الحق في سرية مراسلاته واتصالاته الخاصة في أي شيء كانت"، وكذا "لكل شخص الحق في حماية مراسلاته البريدية والإلكترونية والهاتفية ومختلف اتصالاته الخاصة بكل أشكالها".
بالإضافة إلى مقترح إضافة بند 3 فيما يتعلق بمادة "حماية خصوصيات المواطنين"، حيث ورد فيها "لكل شخص الحق في الحماية من سوء استخدام بياناته عن معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي".
وسبق للأجهزة الأمنية الجزائرية أن أطاحت بشبكات أو أفراد تورطوا في عمليات تجسس أو عمالة لجهات أجنبية، وفق أدلة دامغة من بريدهم الإلكتروني أو هواتفهم.
العمل الخيري
ومن بين الأقنعة المتساقطة عن إخوان الجزائر، ما تعلق منها بالنص الدستوري الذي يضع شروطاً لتأسيس الجمعيات وطرق حلها، إذ طالبت حركة "حمس" الإخوانية بـ"إضافة بندين يضمن تأسيسها بدون تقييد".
ومنذ العام الماضي، طفت إلى واجهة الأحداث السياسية مسألة "الأذرع الخيرية الإخوانية" التي يتم توظيفها في مخططات سياسية وأيديولوجية، من خلال تمرير الأفكار الإخوانية عبر "الأعمال الخيرية".
سلاح الإعلام
كما كشف تنظيم الإخوان خلال مقترحات تعديل الدستور عن حقيقة دوره المشبوه إعلامياً وما يعرف بـ"قضية اختراقها الإعلام عبر عملاء ومخبرين صحفيين، غالبيتهم يُخفي انتمائه الإخواني"، وفق ما أكدته مصادر إعلامية جزائرية في وقت سابق لـ"العين الإخبارية".
وتجلى ذلك في مقترحات سياسية قدمتها حركة "حمس" الإخوانية، بينها واحد يدعو "إلى معاقبة كل مخالف لهم" وأن لا تسقط ما تسميه "عقوبته بالتقادم".
ومما ورد فيها: "الحق في حماية واستقلالية المؤسسات الإعلامية والصحفية وأسرارهم المهنية"، وكذا "يعاقب القانون على القذف والإشاعة والتشهير ولا تسقط العقوبة بالتقادم".
إقالة الرئيس
ولم تجد حركة الإخواني عبد الزراق مقري حرجاً في تقديم مقترح يدعو صراحة إلى إقالة رئيس الجزائر، مستغلة في ذلك مادة دستورية جديدة فصلت حالة مرض الرئيس عن حالات المانع الأخرى لبقائه رئيساً للبلاد، لتفادي تكرار سيناريو الفراغ الذي حدث عقب مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
ونصت المادة على أنه "إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، تجتمع المحكمة الدستورية وجوبا، وبعد أن تتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، تقترح بأغلبية ثلاثة أرباع أعضائها على البرلمان التصريح بثبوت المانع".
إلا أن الحركة الإخوانية أرادت القفز على صلاحيات المحكمة الدستورية والبرلمان، بأن طالبت بإضافة بند آخر "يتيح لرئيس البرلمان أو بطلب من 50 نائباً إقرار حالة شغور منصب الرئيس".
ورأى مراقبون أن هذا المقترح المسموم يسعى من خلاله تنظيم الإخوان إلى "ابتزاز الرئيس أو الاستفراد بالسلطة في الحالات الاستثنائية، أو خلق توترات سياسية بما يتماشى مع أجنداتها المشبوهة".