"دبي أبهرت الجميع بنجاحها في استضافة 192 دولة من مختلف أنحاء العالم في إكسبو 2020 دبي، لأول مرة منذ تفشي جائحة كوفيد-19".
تصريح أعلنه عمدة لندن، اللورد وليم راسل، في تعقيبه قبل شهر على تقدم الإمارات لاستضافة أعمال الدورة 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، "COP.28"، المقرر عقدها في عام 2023.
كما حظى الطلب الإماراتي بدعم عربي، ودولي غير مسبوق.. فقد أكد أمين عام جامعة الدول العربية في بيان له في سبتمبر الماضي الثقة التامة في قدرة دولة الإمارات على استضافة هذا الحدث.
إشادة "راسل" و"أبو الغيط"، ترسخ استثنائية الإمارات وجاهزيتها، وتأثيرها العالمي.
فوز الإمارات بتنظيم الحدث العالمي الكبير، جاء في ظل الدعم والتأييد من غالبية دول العالم نظراً لما حققته الإمارات من جهود عالمية وتاريخية غير مسبوقة خلال السنوات الماضية نحو التحول إلى مركز عالمي لحشد الجهود والطاقات من أجل مواجهة تحدي تغير المناخ وطرح الحلول والمبادرات التي تسهم في تسريع جهود حماية البيئة والتنوع البيولوجي.
استضافة أبوظبي لأعمال الدورة 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ "COP.28"، تؤكد الرؤية الثاقبة للقيادة الإماراتية، وحسن تخطيطها للمستقبل، والاستعداد لمستجداته بأجندة خلاقة، وتخطيط مدروس، يشمل أيضاً القضايا العالمية، ومنها قضية تغير المناخ.
وكان من أبرز تلك الخطط استحداث دولة الإمارات قبل خمس سنوات وزارة التغير المناخي، لتسبق الجميع بخطوات، وتضرب للعالم أروع مثال على إيمانها وحرصها على سلامة كوكب الأرض وحماية وتنمية مدخراته.
الجهود، التي تقدمها دولة الإمارات العربية المتحدة، للتصدي لآثار التغير المناخي، والوصول للحياد الصفري المناخي والاستثمار بالموارد الخضراء، تنطلق من قناعة قيادة الإمارات الحكيمة بأهمية الحفاظ على الكوكب، ففي قمة "كوب 26" في غلاسكو قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس وفد الإمارات في المؤتمر: "نتعامل مع هذه المسؤولية الكبيرة بكل ثقة وتصميم، ونؤكد التزامنا التام باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ونرى أن الشراكة هي سر النجاح والتقدم".
وعي قيادتنا الرشيدة بأن تغير المناخ يمثل أحد أهم القضايا المحورية على المستويين الوطني والعالمي، نظراً لما ينطوي عليه من مخاطر اقتصادية واجتماعية وبيئية.
لذلك حظيت هذه القضية باهتمام بالغ في بلدنا الحبيب، وتعددت الجهود التي تبذلها البلاد لمواجهة تداعيات التغير المناخي، بدءاً بالانضمام لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، والانضمام لاتفاق باريس للمناخ 2015، كأول دولة في المنطقة، مروراً بتبني مجموعة من المبادرات والاستراتيجيات والسياسات بهدف تعزيز الجهود المبذولة للتعامل مع قضية التغير المناخي، وكان آخرها إطلاق المبادرة الاستراتيجية الهادفة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
إماراتنا، التي تمتلك أكبر بصمة بيئية بحسب التصنيف العالمي، كانت سباقة في تنفيذ عدد من المبادرات المتعلقة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ورفع إسهام الطاقة النظيفة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، فعلى سبيل المثال تشغيل محطة الطاقة النووية "براكة" -وهي أول محطة في المنطقة العربية- أسهم في تخفيض ربع الانبعاثات الكربونية التي كانت تطلق من الإمارات، وهو إنجاز غير مسبوق، ويوضح اهتمام الإمارات، وقيادتنا الحكيمة بمسؤولياتها المناخية.
إنجازات الإمارات العربية المتحدة غير المسبوقة، وجهودها الملموسة في مواجهة التغير المناخي، جعلها مؤهلة لاستضافة قمة "كوب 28".
لقد قطعت الإمارات عهداً بالوصول إلى الحياد الصفري المناخي بحلول عام 2050، كما بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي الاتجاه نحو تنويع مصادر الاقتصاد والدخل الوطني بعيداً عن الطاقة الأحفورية، فضلاً عن أننا في الإمارات نمتلك أكبر 3 محطات لتوليد الطاقة الشمسية، ناهيك بأنها تسعى إلى تعزيز مبادئ الإنتاج والاستهلاك المستدامَين بكل القطاعات.
نجاحات دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة الارتدادات السلبية لتغير المناخ ودعم استقرار كوكب الأرض لم تكن لتقتصر على ما سبق، فنحن الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، التي لها جهود واضحة على المستوى العالمي فيما يتعلق بمكافحة ظاهرة التغير المناخي.
لذلك لم يكن مفاجئاً دخول الإمارات ضمن أول عشرين دولة عالمياً في المؤشرات الثمانية الخاصة بالتغير المناخي والبيئة في عام 2020، وهو الأمر الذي يؤكد أن الجهود الإماراتية كان لها مردود واضح على المستوى العالمي.
لقد وضعت الإمارات خطة طويلة الأجل، وهي "استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء"، وتستهدف من ورائها تعظيم الاستثمار في موارد التنمية المستدامة في العديد من مجالات الطاقة والنقل والزراعة المستدامة والبناء المستدام، ولذلك استغلت الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة محادثات مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ "كوب 26" لإطلاق جهود جديدة لتوجيه تمويل يهدف لجعل قطاع الزراعة قادرا على التأقلم مع تغير المناخ، وكذلك خفض انبعاثاته.
الإمارات، التي فازت باستضافة قمة "كوب 28"، دولة صاحبة سبق دائماً في تقديم المبادرات الخلاقة، لديها سجل من الإنجازات لا يرتبط فقط بنجاحاتنا في مجال العمل المناخي، وقطاع الاستثمار في الطاقة النظيفة والمتجددة، فكل عام تقدم الإمارات من الإنجازات ما يبهر العالم من حولنا، فقبل شهور أطلقت "مسبار الأمل"، أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ.. وفي سبتمبر 2020 استقبلت "جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي" -أول جامعة ذكاء اصطناعي في العالم- طلابها، كما افتتحت الإمارات في أكتوبر الماضي معرض "إكسبو 2020 دبي"، الذي ينظم لأول مرة في العالم العربي.
أحلام الإمارات لتعزيز سمعة الدولة وقوتها الناعمة يتجاوز الواقع، حيث تطمح القيادة الإماراتية وتخطط لمشاريع مستقبلية بعيدة، منها مشروع "المريخ 2117"، والذي يستهدف بناء أول مستوطنة بشرية على المريخ خلال مائة عام، وقد تم تكليف مركز محمد بن راشد للفضاء بقيادة المشروع ووضع "خطة أجيال" لمدة مائة عام تتضمن بناء قدرات وكوادر وطنية تخصصية في مجال علوم الفضاء والأبحاث.
فوز الإمارات باستضافة قمة المناخ "كوب 28" يؤكد من جديد حقائق راسخة، وهي أن الإمارات ستبقى شريكاً ملتزماً لدعم جهود العالم في الحد من آثار تغير المناخ، وإيجاد حلول مناخية عملية شاملة من شأنها تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
كما أن استضافة "كوب 28" تؤكد أن لدولة الإمارات رؤى استراتيجية واضحة، وخريطة طريق مُحددة لتحقيق إنجازات نوعية شاملة في شتى المجالات الحيوية، التي من شأنها تعزيز قوتنا الناعمة، وتحقيق الازدهار بشكل مستدام، وضمان بناء مستقبل راسخ للأجيال الإماراتية المقبلة بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة