في قمة سنوية تجمع وفود 197 دولة، انطلقت في مصر قمة المناخ COP27، من أجل مناقشة تغير المناخ.
المناخ أصبح القضية الأولى على كل الموائد الدولية، اقتصادية كانت أم سياسية، وسط خوف بلغ حد الرعب في مجتمعات لم تكن تعرف من قبل معنى للجفاف أو الاحترار، ما سيؤثر في كل مناحي الحياة.
الحياة على الأرض باتت مهددة، لذلك يتحرك الجميع لإنقاذ الكوكب، ولم تعد أزمة المناخ أمرا يمكن تأجيل التعامل معه، إذ إن هذه الأزمة بدأت بالفعل في مناطق عديدة من العالم.
العالم تكبد خسائر من تداعيات تغير المناخ تقدَّر بتريليونات الدولارات، وقدَّر مشاركون وتقارير دولية تفاقم تلك الخسائر بحلول 2030 بنحو 300 تريليون دولار، لتقفز بحلول 2050 إلى 500 تريليون دولار، ولا أحد يتوقع مدى الأضرار.
"الأضرار والخسائر" هو المصطلح الذي التفَّت حوله محاور قمة المناخ COP27، في شرم الشيخ المصرية، والذي يعود في الأصل إلى عام 1991، حيث صاغه تحالف الدول الجزرية الصغيرة خلال مفاوضات المناخ في جنيف، مع اقتراح خطة تأمين ضد ارتفاع منسوب مياه البحر، بما يشمل تحمل الدول الصناعية التكاليف.
تكاليف تغير المناخ فاتورة حائرة بين القوى العظمى والدول النامية وشعوب ما تحت خط النمو، وتحديدا في القارة الأفريقية، التي تبلغ حصتها من نسبة الانبعاثات الضارة 3% فقط، رغم وجود 600 مليون نسمة داخلها يعيشون بلا كهرباء، فماذا لو قررت حكوماتها إنشاء محطات قد تكون بدائية حسب قدراتها المالية؟
القدرات المالية للشعوب الواقعة تحت خط النمو، لا تؤهلها إلى البدء من النقطة التي انتهت عندها الدول المتقدمة، أو حتى النامية، لتعتمد على الطاقة الجديدة والمتجددة المكلِّفة، لكنها الآمنة بالنسبة لبقاء البشر في درجة حرارة مناسبة على الأرض.
على الأرض شعوبٌ تتحمل العيش في درجات حرارة تقترب من 40 درجة مئوية أو يزيد قليلا على هذا الرقم، لكن مع ارتفاع معدل الاحترار قد يقفز هذا الرقم إلى 50 درجة مئوية.. فمَن يتحمل العيش؟
العيش في أمان على الأرض أصبح مرهونا بهؤلاء القادرين على تمويل قضايا المناخ، بل دفع تعويضات أيضا للشعوب المتضررة، والتي ليس ذنبها أنها تعاني الفقر وكذلك ضعف التعهدات.
تعهدات كوبنهاجن، التي خرجت في قمة المناخ في عام 2009، تضمنت تخصيص 30 مليار دولار حتى عام 2012، ترتفع إلى نحو 100 مليار دولار في عام 2020، للدول الفقيرة، وذلك لمواجهة مخاطر تغيرات المناخ، ومنذ ذلك التاريخ فإن ما تم تخصيصه رقم لا يرقى لإنقاذ البشر.
البشر أنواع مختلفة في جميع الصفات والأنماط، إلا أن اتفاقهم الوحيد في قضية المناخ تمحور حول عجز الثقة بجميع تعهدات الدول الكبرى تجاه هموم الكوكب المناخية، والذي يقابله فائض وفير في الأزمات، التي تحاصر الحياة على الأرض، فلا يوجد ضامن لتنفيذ تلك التعهدات التي تعلَن خلال مؤتمرات "كوب".
في كوب 27 الجميع متفائل مع إدراج بند التعويضات على أجندة مؤتمرات المناخ التابعة للأمم المتحدة، فهل تُنهي قمة المناخ في شرم الشيخ أزمة الثقة هذه انتظارًا لـ"كوب 28" في دولة الإمارات؟
في تقديري، الإجابة ليست حاضرة هنا في شرم الشيخ، لكن قد نجدها في أبوظبي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة