وأخيرًا تمت صفقة ملأت العالم ضجيجًا باستحواذ الملياردير الأمريكي المثير للجدل، إيلون ماسك، على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بقيمة 44 مليار دولار بعد أشهر مفاوضات معقّدة.
"ماسك"، عرفه العالم كرجل أعمال مبادر ومستثمر جريء في التقنية والذكاء الاصطناعي، حيث نجح في مشاريع ضخمة عادةً ما تكون حكرًا على الدول والشركات الكبرى، أبرزها: شركة تيسلا لتصنيع السيارات الكهربائيّة، وشركة صناعة الصواريخ SpaceX، ما جعله -بحسب مجلة "فوربس"- يتصدر قائمة أغنياء العالم بثروة 212 مليار دولار.
وهنا نتساءل: ما الأهمية التي يحظى بها "تويتر" وجعل إيلون ماسك يستحوذ عليه مقابل هذه الصفقة الكبيرة، رغم أنه ليس أكثر وسائل التواصل الاجتماعي انتشارًا أو ربحية؟
الحقيقة أن هناك أسبابًا كثيرة تجعل "تويتر" هو الأكثر أهمية والأعظم قيمة بين وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، لعلّ أبرزها أنه أصبح منصة اتصال سياسي بامتياز، تستقطب اهتمام السياسيين في كل دول العالم، حيث تجد المنظمات الدولية الرسمية ومعظم قادة العالم ومسؤوليه قد اختاروا "تويتر" دون غيره لبثّ رسائلهم عبره، وإصدار القرارات والبيانات الرسمية.
في "تويتر" تجدُ المصادر الإخبارية الأكثر مصداقية وتجدُ النخب العالمية في شتى المجالات، وهو أيضًا يسهم بنسبة كبيرة في إرساء أولويات العالم الجادة وتوجيه الرأي العام العالمي، بالإضافة إلى ذلك فإنه يبقى موضوعا أمريكيا بالدرجة الأولى، إذْ كان له تأثير واضح في المشهد السياسي داخل الولايات المتحدة منذ انتخابات 2016 الرئاسية وحتى اليوم.
إضافةً إلى هذه الأسباب مجتمعة، فقد اشترى "ماسك" هذه المنصة المُهمة لأنه يريد إشغال الناس بأفكاره، وإبقاء الأضواء مُسلّطة عليه، وتسويق مشاريعه المستقبلية.
أهم القرارات، التي اتخذها "ماسك" مع توليه زمام "تويتر"، هو فرض رسوم تُقدَّر بثمانية دولارات أمريكية شهريا للحصول على علامة التوثيق الزرقاء، وهي خطوة لاقت استياءً وجدلًا واسعَين من المستخدمين، ولكنها قد تبدو مبرّرة من الناحية الاقتصادية، فخسائر "تويتر" في تزايد منذ سنوات بسبب نموذج الأعمال فيه، ولذلك يمكن القول إنها خطوة إيجابية مُحتملة نحو تصحيح آلية العمل، التي تعتمدها المنصة، وستكون عادلةً بالنسبة للمستخدمين حال كانت مقابل ميزات جديدة، والأهم حماية بياناتهم.
نحن أمام تغييرات هائلة في "تويتر" مع وجود شخص لا يمكن التنبؤ بأفكاره مثل "ماسك".. صحيح أن الحكم على نجاح مراجعاته لا يزال مبكرا، وقد نحتاج إلى أشهر لتقييمها، لكنه نظريا يتصرف في الاتجاه الصحيح لإعادة المنصة لتوهُّجها وجاذبيتها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة