يئن العالم من التغيرات البيئية وارتفاع درجات الحرارة، التي تتسبب في كوارث طبيعية، يمتد أثرها إلى الكائنات جميعًا.
وتنتشر مشاهد جفاف الأنهار وحرائق الغابات وانحسار المسطحات الخضراء وانهيار الثلوج في أنحاء العالم كافة، في مشهد مؤسف لجميع بني البشر.
ورغم الجدل الدائر حول نسبة تسبب الإنسان في ذلك، فإن التحرك صار واجبًا ولزامًا لوقف تداعيات التغير المناخي، وتحويل مسار التاريخ عبر مبادرات تخفف من وطأة الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة، التي خلفت آثارًا مدمرة على الكرة الأرضية.
من أجل ذلك يلتئم زعماء العالم في مدينة "شرم الشيخ" المصرية، لمناقشة المشكلة الكبرى التي تواجه البشرية في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ "كوب 27"، في توقيت بالغ الصعوبة على المستويين السياسي والاقتصادي عالميًّا، فيما تجمعهم المسؤولية التاريخية أمام الشعوب للوصول إلى الحياد المناخي وخفض انبعاثات الكربون والتكيف مع الاحترار العالمي، وتقديم الدعم المالي لوقف النزيف المستمر والمتصاعد لكوكبنا، الذي ارتفعت درجة حرارته بمقدار 0.85 درجة مئوية منذ الثورة الصناعية.
ويتابع العالم أجمع الاتفاقياتِ والنقاشات الدائرة في مدينة شرم الشيخ، لما لها من آثار مباشرة في جميع البشر، حيث تؤدي الاضطرابات في الطقس إلى خسارة الأرواح والممتلكات والتأثير في الاقتصادات، لا سيما في الدول الأكثر فقرًا.
دول الخليج العربي أخذت زمام المبادرة عالميًّا في الحفاظ على البيئة، متعهدة بخفض انبعاثاتها من الكربون، حيث التزمت السعودية الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2060، فيما أعلنت دولة الإمارات الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2050، ووقّعت مؤخرًا اتفاقية مع الولايات المتحدة لتمويل 100 جيجاوات من مشاريع الطاقة النظيفة على مستوى العالم بحلول عام 2035، وقدَّمت مبادراتٍ وطنيةً ودولية تسهم في إنقاذ الكوكب، حيث تجاوزت استثماراتها 120 مليار دولار لتوليد نصف الطاقة من مصادر نظيفة، ما يسهم في انخفاض 34 مليون طن انبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون، كما تتوّج جهودها الدولية باستضافتها الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف العام المقبل.
ختامًا.. لا شك أن قضية التغير المناخي هي أكبر القضايا المشتركة بين جميع بني البشر، وتزداد أهميتها والاهتمام بها كل يوم، ما يقتضي حمايتها من التسييس والمبالغة في الهجوم على الطاقة الهيدروكربونية، التي تشكِّل أساسًا للاقتصادات العالمية، حيث يمكن الموازنة بين قضية البيئة والمناخ المهمة في حياة البشر، وبين الازدهار الاقتصادي، وحينها سيكون العالم أكثر قدرة على التعاون لمواجهة خطر لا يتهدد بقعة أو مكانًا واحدًا، أو حتى فئة دون غيرها، بل العالم أجمع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة