أثبتت دولة الإمارات في العقود الأخيرة قدرتها على تطويع الأزمات وخلق بدائل أكثر أمنا واستدامة في قطاعات الاقتصاد والإنتاج والخدمات.
أخصُّ هنا بالذكر ما يتعلق بمجال الطاقة النظيفة، حيث عقدت دولة الإمارات شراكة مع الولايات المتحدة في هذا المجال، وأعلنت بموجب هذه الشراكة عن استثمار 100 مليار دولار في مشروعات الطاقة النظيفة، على أن تصل الإمارات بحلول عام 2050 إلى "الحياد المُناخي"، الذي يُعتبر هدفًا أساسيًّا من أهدافها الريادية في هذا الإطار، كما تأتي هذه الاتفاقية بعد أن أعلنت الإمارات عزمها استضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ COP28 عام 2023.
ولعل أبرز أهداف الشراكة المعقودة بين البلدين، الإمارات وأمريكا، يكمن في توسيع حجم الاستثمار في الطاقة والتمويل وخلق حلول أكثر فعالية عبر وضع خطة لخفض نسبة انبعاثات الكربون والميثان، وانبعاثات قطاعَيْ الصناعة والنقل، ليصبّ كل ذلك عمليا في ابتكار نموذج طاقوي مستدام، وبأقل كلفة بيئية ممكنة، على أن تكون للدول النامية حصة من هذه المشاريع عبر إمدادها بالمساعدات الفنية واللوجستية والتمويلية اللازمة لتعميم التجربة على الدول كافة.
هذه الشراكة أتت بعد أن أثبتت دولة الإمارات نجاحها الباهر في مجال استثمار الطاقة النظيفة والبديلة، حيث تمتلك اليوم ثلاثة من أهم مشروعات الطاقة الشمسية في العالم، والتي تهدف إلى أن تغطي 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء دون انبعاثات كربونية.
وتدرك دولة الإمارات أن تغير المناخ أزمة حقيقية للكرة الأرضية، لكن معالجتها ليست بالمستحيلة، وإنما هي بحاجة إلى مجموعة حلول وخطوات فعالة، فأخذت على عاتقها -مع أكبر الدول الصناعية استخدامًا للطاقة- إيجاد بدائل لخفض الانبعاثات الخانقة للأرض، مُعتبرةً أنه لم يفُت الأوان لوقف النزيف البيئي المهدِّد لسلامة وجودنا، لافتة إلى أن التكنولوجيات الجديدة ذات الكفاءة يمكن أن تساعد في الحد من صافي الانبعاثات وجعل العالم مكانا أكثر سلما وأمنا، حيث أكدت دولة الإمارات أنه بمقدور الدول تهيئة مستقبل أخضر تضيق فيه دائرة المعاناة وتسود العدالة، عندما تتصافر جهود الحكومات والمؤسسات في هذا الشأن.
وتترافق جهود دولة الإمارات مع مساعٍ أخرى تبذلها الولايات المتحدة في إطار مشاركتها في قمة المناخ العالمية على أرض مصر، Cop27، الذي حضره الرئيس الأمريكي جو بايدن، وسط ضغوط لبذل مزيد من الجهد تجاه الدول، التي ترزح تحت وطأة كوارث طبيعية.. حيث ستحدد دول -تمثل أكثر من نصف الاقتصاد العالمي اليوم- الخطوات التي ستتخذها للمساعدة في تسريع التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون.
وتعززت خطط الرئيس الأمريكي المناخية كثيرًا خلال العام الحالي عندما أقر الكونغرس تشريعا لاستثمار 369 مليارًا في الطاقة النظيفة بالولايات المتحدة.
وتعهد بايدن بالإسهام بمبلغ 11.4 مليار دولار في آلية سنوية لتقديم 100 مليار دولار من الدول الغنية إلى الدول النامية للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة وتعزيز مقاومتها للتغير المناخي.
هذه الخطوات والتدابير، المتخذة من قبل دولة الإمارات والولايات المتحدة، تدل على حزم الدولتين بالشراكة والتنسيق لإيجاد حلّ دائم وسريع ومستدام لأزمة تهدد الكوكب برمته.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة