استضافة دولة الإمارات لـCOP28 تحمل العديد من الرسائل والأبعاد التي لا تقل أهميةً عن مستوى الحدث ببعديه المناخي والاقتصادي؛ فالاقتصاد والمناخ هما طرفا هذه المعادلة التي لطالما أربكت العالم واقتصاداته.
ورغم ذلك، فإنّ دولة الإمارات بمبادراتها ومشروعاتها الرائدة بدأت برسم معالم حلحلة هذه المعادلة الصعبة، باتباع خطواتٍ جريئة تسير على الموازنة بين جانبي المعادلة؛ اقتصاد المناخ ومناخ الاقتصاد.
المعادلة اليوم إماراتية بامتياز، تعتمد على معادلةٍ رائدةٍ تسير بتوازنٍ بين طرفيها في (اقتصاد المناخ ومناخ الاقتصاد)، وهو ما سيجعل COP28 تاريخياً وليس كغيره من المؤتمرات السابقة؛ من خلال ما تحمله دولة الإمارات في جعبتها من حقائق علمية واقتصادية واقعية وبالأرقام، بأنّ الحفاظ على المناخ مكسب اقتصادي لا خسارة اقتصادية، وهو ما سيغير الكثير من القناعات العالمية المرتبكة في هذا المجال.
في ظل التطور العالمي السريع اقتصادياً وعمرانياً وتكنولوجياً، وزيادة معدلات النمو السكاني على مستوى العالم، وما يتطلبه ذلك من موارد للطاقة، باتَ الهاجس الأكبر الذي يؤرق الإنسان والحكومات متعلّقاً بالشأن المناخي ومستقبل الحياة على كوكب الأرض.
فنمو هذه المعدّلات في العقود الأخيرة أفرزَ مُعدلاتٍ هائلةٍ من الانبعاثات الكربونية التي جعلت العالم يدق ناقوس الخطر تحت وطأة التغيّر المناخي الذي أصبح أمراً واقعاً بالفعل، وفي ظلّ هذه المُعطيات يأتي مؤتمر COP 28 الذي تستضيفه دولة الإمارات من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023 في استضافةٍ تاريخيّة تحمل أبعاداً كبيرةً.
لا شكَّ أنّ استضافة دولة الإمارات التاريخية لهذا المؤتمر تحمل العديد من الرسائل والأبعاد التي لا تقل أهميةً عن مستوى الحدث ببعديه المناخي والاقتصادي؛ فالاقتصاد والمناخ هما طرفا هذه المعادلة في البحثِ عن بدائل للطاقة الأحفورية الضارة بالمناخ، بما يضمن السوية الاقتصادية وعدم تأثّرها، وهي المعادلة التي لطالما أربكت العالم واقتصاداته، إلّا أنّ دولة الإمارات بمبادراتها ومشروعاتها الرائدة بدأت برسم معالم حلحلة هذه المعادلة الصعبة، باتباع خطواتٍ جريئة تسير على الموازنة بين جانبي المعادلة؛ اقتصاد المناخ ومناخ الاقتصاد؛ إذِ انتهجت دولة الإمارات هذا النهج قولاً وفعلاً، تصريحاً وتنفيذاً كما يأتي:
أولاً- اقتصاد المناخ: دولة الإمارات من أولى الدول التي اتجهت فعليّاً بسياساتها البيئية من مرجعيّة علمية تتخذُ من الأبحاث والدراسات المناخية الداعية إلى التنبّه الجادِّ لضرورة خفض الانبعاثات الكربونية وتحذير الخبراء من تفاقمه على المدى القريب جداً أولويةً مهمةً؛ فسنّت دولة الإمارات الكثير من القوانين الصارمة من أجل حماية البيئة ومنذ عقودٍ، كما اتبعت سياسات اقتصادية قائمةٍ على استهلاك أقلّ قدرٍ ممكنٍ من موارد الطاقة التي من شأنها زيادة هذه الانبعاثات الضارة، وهي تضع نُصبَ عينيها الوصول في هذا المجال إلى نقطة الاحتفال بتصدير آخر برميل نفطٍ خلال عقود قليلة، وهو ما يجعل دولة الإمارات سبّاقةً في هذا المجال، لا سيّما وأنّها من الدول التي يعد النفط أقوى موردٍ اقتصاديٍّ لها، لكنها تجعل المناخ والبيئة في مقدمة الأولويات من أجل اقتصاد المناخ والتقليل من استهلاكه ومنع المساهمة في التعجيل بتغيره، بغية الحفاظ عليه بدلاً من إهداره؛ فالمناخُ بات اليوم مثله مثل أي مخزونٍ طبيعيّ يمكن الحفاظ عليه كما يمكن استهلاكه وتغيير وجه الأرض إلى الأبد. وهذه حقيقة أثبتتها دولة الإمارات عندما جعلت المناخ جوهرةً نفيسةً وثروةً وطنيّةً وعالمية تنطلق منها كل قوانينها الاستثمارية الحالية والمستقبليّة بما يضمن التقليل من استهلاك وجهه الأخضر.
ثانياً: مناخ الاقتصاد: لا يشك أحدٌ بأنّ كلّ كيانٍ عالميٍّ على مستوى الحكومات والأفراد باتَ يدرك خطورة المرحلة الحاضرة على مناخ كوكب الأرض، وما يترتب على ذلك من كوارث طبيعية وإنسانيّة، لكنّ عدم الاعتراف بذلك على مستوى القوانين الفعالة والصارمة في حماية المناخ؛ يُردُّ إلى المعضلات الاقتصادية، ولا سيما في قطاع الطاقة، وما يفرضه التحولُ إلى موارد طاقة بديلة من أعباء قد تودي باقتصاد البلدان ما لم تسر على أرضٍ ثابتةٍ.
لكنّ دولة الإمارات بسياساتها الجريئة والمتزنة وإيماناً منها بالعلم وبالذات، انطلقت فعلاً في تحويل هذه المحنة الاقتصادية إلى منحة؛ وذلك ببناءِ اقتصادٍ جديدٍ قائمٍ على الموارد المُستدامة، فبدأتْ بالاستثمار علمياً في هذا المجال, من خلال ابتكار المشاريع الرائدة والضخمة، وعلى رأسها إرسال مسبار الأمل إلى المريخ قبل ثلاثة أعوام لدراسة الكوكب الأحمر واستكشافه ولا سيما على صعيد المناخ من أجل استثمار العلم والتطور التكنولوجي في هذا المجال عموماً وفي مناخ الأرض على وجه الخصوص، كما عمدت إلى استثمار مبالغ ضخمة في تطوير الطاقة المتجددة من طاقة شمسية وريحية، فضلاً عن إدارة الموارد المائية وتطوير الزراعة المستدامة والنقل المستدام، بالإضافة إلى المبادرة في تمويل واستثمار مشاريع الطاقة النظيفة التي ستكون عنوان اقتصاد المستقبل، وتأسيس مؤسساتٍ اقتصادية كبيرة لإدارة هذه المبادرات والاستثمار فيها، وعلى رأسها مؤسسة (مبادلة) التي وقعت اتفاقات ضخمة مع شركات عالمية رائدة مثل شركة (تاتا) الهندية المختصة بالطاقة النظيفة، وكتملّكها الكامل لشركة (سكايبورن رينيوابلز) للطاقة المتجددة والتي تعدّ أكبر مطوّرٍ للطاقة من الرياح البحرية في العالم, وغيرها الكثير من المشروعات الضخمة.
في نهاية المطاف لا بدّ من إدراك حقيقةٍ مهمة، وهي أنّ المناخ على حافة التغيرات الكبيرة، وأنّ ما يعدُّ اليوم حاجات للتحول إلى الطاقة النظيفة سيصبح غداً ضرورةً قصوى وأمراً واقعاً لا مفرّ منه، وهو ما تعيه دولة الإمارات على المستويين المناخي والاقتصادي، فالمناخ لا بد من الحفاظ عليه واقتصاده والاستثمار فيه لا استهلاكه، ومن أرادَ الاقتصاد الكبير والضخم والريادة في المستقبل؛ فالطاقة البديلة هي المستقبل.
المعادلة اليوم إماراتية بامتياز، تعتمد على معادلةٍ رائدةٍ تسير بتوازنٍ بين طرفيها في (اقتصاد المناخ ومناخ الاقتصاد)، وهو ما سيجعل COP 28 تاريخياً وليس كغيره من المؤتمرات السابقة؛ من خلال ما تحمله دولة الإمارات في جعبتها من حقائق علمية واقتصادية واقعية وبالأرقام، بأنّ الحفاظ على المناخ مكسب اقتصادي لا خسارة اقتصادية، وهو ما سيغير الكثير من القناعات العالمية المرتبكة في هذا المجال.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة