5 خطوات عملية تلبي الاحتياجات الفلكية لتمويل المناخ
تشكل فجوة تمويل المناخ تهديدا كبيرا لقدرة الدول على التكيف مع تغير المناخ والتخفيف منه وبناء القدرة على الصمود، ومع ذلك فإن الاحتياجات المالية الفلكية قابلة للتدبير إذا ما تم اتباع 5 خطوات عملية على رأسها تفعيل الأدوات المالية المبتكرة.
وحسب تقرير للمركز الأوروبي لإدارة سياسة التنمية ECPDMن فإن سد فجوة تمويل المناخ ليس مجرد أولوية؛ بل ضرورة وجودية. حيث تحتاج مشاريع مبادرة سياسة المناخ إلى 2.8 تريليون دولار في الفترة من 2020 إلى 2030. ونظرا لمحدودية تدفقات تمويل المناخن فإن قارة مثل أفريقيا مثلا ستواجه فجوة تتراوح بين 200 إلى 400 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030.
وحسب المركز، يمكن تلبية الاحتياجات من خلال 5 خطوات عملية يتعين على زعماء أفريقيا والعالم أن يدعموها وفق استراتيجية متعددة الأوجه، والخطوات هي تعزيز الأدوات المالية المبتكرة، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتسخير التكنولوجيات الناشئة، وتأمين التزامات مالية مناخية كبيرة من أكبر الملوثين في العالم، وخلق بيئة تمكينية.
- COP28.. الإمارات تمنح العالم فرصة إنقاذ الكوكب
- تجاوزت 83 مليار دولار.. COP28 يضخ تمويلات تاريخية في شرايين المناخ (بث مباشر)
الأدوات المالية المبتكرة
لعبت الأدوات المالية التقليدية دوراً مهماً، ولكنها تعجز بشكل مؤسف عن تلبية احتياجات التمويل الفلكية. ولسد هذه الفجوة، يتعين على الزعماء الأفارقة أن يحتضنوا الابتكار والتغيير الجذري في استراتيجياتهم المالية. ولابد أن تكون الأنظمة الفعّالة لتداول الغازات الدفيئة، والسندات الخضراء، والقروض الخضراء، والسندات المرتبطة بالاستدامة، والقروض المرتبطة بالاستدامة، وأسواق الكربون الفعالة، ومقايضات الديون بالمناخ، وأدوات تعبئة الموارد المحلية التطلعية، في طليعة هذه الثورة المالية.
وقد أثبتت أنظمة تداول الغازات الدفيئة نجاحها في تحفيز تخفيضات الانبعاثات. ومن خلال إنشاء سوق حيث تستطيع الكيانات شراء وبيع بدلات الانبعاثات، تستطيع الدول الأفريقية تحفيز السباق نحو القمة في مجال الإشراف البيئي. وهذا لا يقلل من الانبعاثات فحسب، بل يولد أيضًا إيرادات يمكن إعادة استثمارها في مشاريع القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
وتمثل السندات والقروض الخضراء وسيلة أخرى لجمع الأموال بشكل مستدام. ومن خلال تخصيص هذه الأموال لمشاريع صديقة للبيئة، تستطيع الدول الأفريقية جذب المستثمرين المسؤولين اجتماعيا. تعمل هذه الأدوات المالية على مواءمة مصالح المستثمرين مع الأهداف المناخية للقارة، مما يخلق سيناريو مربحًا لجميع أصحاب المصلحة.
وتقدم السندات والقروض المرتبطة بالاستدامة تطوراً مبتكراً، حيث تربط الحوافز المالية بتحقيق أهداف الاستدامة المُحددة سلفاً. ولا تقتصر هذه الأدوات على جمع الأموال فحسب، بل تضمن أيضًا المساءلة في السعي لتحقيق الأهداف المناخية.
ومن الممكن أن توفر أسواق الكربون التي تتسم بالكفاءة، عندما يتم تصميمها بشكل سليم، نهجاً مرناً وفعالاً من حيث التكلفة للحد من الانبعاثات. ويمكن للدول الأفريقية أن تستكشف إمكانات أسواق الكربون لتحفيز خفض الانبعاثات وجذب الاستثمارات في التقنيات النظيفة. وفي هذا العام، التزم المستثمرون في دولة الإمارات بالحصول على أرصدة كربون بقيمة 450 مليون دولار من مبادرة أسواق الكربون الأفريقية (ACMI)، خلال قمة المناخ الأفريقية الافتتاحية التي نظمها الرئيس الكيني ويليام روتو.
وتمثل مبادلة الديون بالمناخ فرصة لإعادة هيكلة الديون الحالية في مقابل التزامات العمل المناخي. ويسمح هذا النهج الجديد للدول الأفريقية بتخفيف أعباء الديون مع توجيه الموارد نحو مشاريع قادرة على التكيف مع المناخ. وقد التزمت ألمانيا بتبادل ديون بقيمة 65 مليون دولار مع كينيا خلال قمة المناخ الأفريقية الافتتاحية. وكما أن العديد من البلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ تعاني أيضًا من ضائقة ديون عالية، ويمكن للمبادلة أن توفر الموارد التي تشتد الحاجة إليها لمواجهة تحديات المناخ.
وتستفيد أدوات تعبئة الموارد المحلية التطلعية من القدرات المالية الداخلية للقارة. ومن خلال تعزيز توليد الإيرادات من خلال الضرائب التصاعدية والسياسات المالية الأخرى، يمكن للدول الأفريقية استكمال التمويل الخارجي وممارسة سيطرة أكبر على مصائر تمويل المناخ.
دور القطاع الخاص
وفي حين تظل مصادر التمويل التقليدية ضرورية، فإن القطاع الخاص يمثل مستودعًا غير مستغل لرأس المال والخبرة في أفريقيا، حيث لا يمثل سوى 14% مقارنة بـ 96% في كندا. ويعد توسيع دورها بشكل كبير في تمويل المناخ أمرا أساسيا. ويجب أن تصبح الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والاستثمارات الخضراء، وممارسات الأعمال المستدامة أمرًا أساسيًا.
ومن الممكن أن يؤدي إشراك القطاع الخاص في المشاريع القادرة على الصمود في وجه تغير المناخ إلى إطلاق العنان لموارد مالية كبيرة. ومن خلال مواءمة الحوافز المالية مع أهداف الاستدامة، تستطيع الدول الأفريقية جذب مؤسسات القطاع الخاص للاستثمار في المشاريع التي لا تخفف من تغير المناخ فحسب، بل تعزز أيضا النمو الاقتصادي.
ويمكن أن تستفيد تلك الشراكات، التي تتسم بالمخاطر والمكافآت المشتركة، من نقاط القوة في كلا القطاعين. ويمكن أنأن يؤدي هذا التعاون إلى تسريع تنفيذ المشاريع المناخية، مما يضمن الكفاءة والفعالية في استخدام الموارد.
ويمكن لممارسات الأعمال المستدامة، المدفوعة بمسؤولية الشركات والإشراف البيئي، أن تقوم بتعزيز دور القطاع الخاص. ويتعين على الزعماء الأفارقة أن يعملوا على تحفيز الشركات على تبني التكنولوجيات الخضراء، والحد من الانبعاثات، ودمج الاعتبارات المناخية في عملياتها.
الاستفادة من التقنيات الناشئة
وفي العصر الرقمي، توفر التكنولوجيات الناشئة فرصا لا مثيل لها لتحويل أفريقيا وإحداث ثورة في تمويل المناخ. ومن الممكن أن تعمل حلول التكنولوجيا المالية، وتكنولوجيا سلسلة الكتل، وغيرها من الابتكارات على تعزيز الشفافية والكفاءة والأمن في المعاملات المالية المرتبطة بمشاريع المناخ.
ومن الممكن أن تعمل الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، والمحافظ الرقمية، وغير ذلك من ابتكارات التكنولوجيا المالية على تعزيز الشمول المالي، مما يضمن وصول تمويل المناخ حتى إلى المجتمعات النائية.
ويتطلب دمج هذه التقنيات في مشهد تمويل المناخ شراكات استراتيجية بين الحكومات والمؤسسات المالية والمبتكرين في مجال التكنولوجيا. ويتعين على الزعماء الأفارقة أن يعملوا على تهيئة بيئة مواتية للإبداع التكنولوجي، وضمان تسخير فوائد هذه التطورات لتحقيق التنمية المستدامة في القارة.
تأمين الالتزامات المالية المتعلقة بالمناخ
ولا ينبغي أن يقع عبء تمويل العمل المناخي على عاتق الدول الأفريقية فحسب، بل يجب أن يكون مسؤولية عالمية. ويتعين على أكبر الملوثين في العالم، وخاصة الاقتصادات المتقدمة، أن تعمل على تكثيف التزاماتها المناخية والوفاء بها. إن مضاعفة هذه الالتزامات وتعزيزها أمر ضروري لمعالجة المساهمات التاريخية والمستمرة في الانبعاثات العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المؤسسات المالية العالمية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن تلعب دورا أكثر نشاطا في تعبئة الموارد وضمان إتاحة تمويل المناخ للدول الأفريقية بشروط عادلة.
خلق بيئة تمكينية
ولكي تؤتي هذه الاستراتيجيات ثمارها، فإن تهيئة بيئة مواتية أمر بالغ الأهمية. إن الحوكمة الرشيقة، التي تتميز بالمرونة والاستجابة والالتزام بالعمل المناخي، تشكل ضرورة أساسية للتغلب على تعقيدات تمويل المناخ.
aXA6IDMuMTQ0LjEyMi4yMCA= جزيرة ام اند امز