COP28 يضع خارطة طريق لوقود المستقبل.. تحولات قادمة بقطاع الطاقة (تحليل)
اختتم مؤتمر COP28 أعماله في دبي بتعهدات كبيرة، بما في ذلك الاتفاق الأول من نوعه بشأن الابتعاد عن الوقود الأحفوري.
عادة ما كان ينتهي كل مؤتمر للأمم المتحدة بشأن المناخ بمزيج من الإرهاق والحيرة والاختلافات، إلا أن مؤتمر COP28 الذي استمر لمدة أسبوعين في دبي كان استثناءً على القاعدة، إذ بدأت البلدان والشركات -من خلال المفاوضات الدبلوماسية- في صياغة اتفاقيات لاتخاذ إجراءات مناخية أكثر إلحاحاً يمكن أن تقلل الطلب على الوقود الأحفوري والقضاء على الانبعاثات القوية.
- COP28.. إيلون ماسك يعلن تأييده لاتفاق الإمارات بشأن الوقود الأحفوري
- أصداء COP28.. نجاح التعاون الدولي مع ثقب الأوزون قابل للتكرار مع أزمة المناخ
هناك ثلاثة تعهدات في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين تستحق النظر فيها بالتفصيل:
أولًا: ميثاق الطاقة النظيفة لشركات النفط الكبرى
شهد مؤتمر COP28 تقديم "ميثاق إزالة الكربون من النفط والغاز" من قبل شركات الوقود الأحفوري الكبرى، مع الالتزام بخفض انبعاثات غاز الميثان والقضاء على الحرق الروتيني للغاز الزائد بحلول عام 2030.
يشير هذا الميثاق إلى أنه على الرغم من أنه طوعي، إلا أنه يمثل تحولاً في نهج الصناعة تجاه تغير المناخ.
وانطلاقا من هذا الميثاق تعهدت شركات النفط والغاز الكبرى بخفض الانبعاثات الناجمة عن عملياتها، ووقعت بتروبراس البرازيلية وأرامكو السعودية وإكسون موبيل وبي بي من بين 50 شركة من أكبر منتجي الوقود الأحفوري في العالم على الميثاق.
ومن جانبه أشار "آدم بولارد" من شركة وود ماكنزي للأبحاث إلى أن الأمر سيكون مختلفاً بالنسبة للشركات المختلفة؛ حيث إن بعض شركات النفط الكبرى وعدت بالفعل بالتوقف عن حرق الغاز بشكل روتيني وخفض انبعاثات الميثان إلى الصفر تقريبًا، وقد أظهر عدد منها أنه يمكن تحقيق تقدم كبير في هذا الأمر الأخير.
وتابع "مع المراقبة المستمرة والكشف والتخفيف، يبدو من الممكن تحقيق نسبة قريبة من الانبعاثات الصفرية من غاز الميثان".
ولكن بالنسبة للشركات العاملة في أماكن أخرى، فإن الأمر سيعتمد على استعدادها للاستثمار في المعدات اللازمة للكشف عن التسريبات وتحديد كميتها، والمراقبة من قبل وكالات خارجية.
إن أي شركة تحاول التهرب من تعهداتها المتعلقة بغاز الميثان تواجه اللوم، وذلك بفضل الكشف عن الأقمار الصناعية المتاح على نطاق أوسع، كما تسهل تقنيات التتبع الجديدة على الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تحديد تسربات غاز الميثان وآثار ثاني أكسيد الكربون على مدار الساعة.
لماذا التخلص من غاز الميثان أمر مهم بالنسبة للمناخ؟
يعد غاز الميثان أحد الغازات الدفيئة القوية، فضلًا عن كونه مسؤولاً عما يصل إلى 30% من ظاهرة الاحتباس الحراري منذ بداية العصر الصناعي، لذا فإن ميثاق دبي يقدم مكسبا للمناخ.
وعليه فإن الالتزامات في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، خاصة فيما يتعلق بخفض غاز الميثان، حاسمة للتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري، ويمكن أن يكون الحد من انبعاثه تأثير إيجابي كبير على البيئة.
ثانيا: مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة
من الممكن أن يؤثر الالتزام الثاني لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين على الطلب على الوقود الأحفوري من خلال مضاعفة قدرة توليد الطاقة المتجددة في العالم ثلاث مرات إلى 11 ألف غيغاواط على الأقل بحلول عام 2030.
وعليه، فقد وقعت أكثر من 120 دولة على هذا التعهد، الأمر الذي سيتطلب قفزة كبيرة في الجهود مقارنة بما تم إنجازه من قبل، وسيكون تحقيق هذا الهدف "صعبا، لكنه قابل للتحقيق".
والخبر السار هو أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أصبحتا الآن أرخص مصادر توليد الطاقة الجديدة في معظم البلدان، وفقا لوكالة بلومبرغ، ولم تعد الإعانات المباشرة العنصر الرئيسي اللازم لتسريع نشر الطاقة في العديد من الأماكن، هذا وقد شكلت طاقة الرياح والطاقة الشمسية معظم الزيادات في الطاقة المتجددة في العالم.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 600 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة كانت في مرحلة التشغيل في خمس دول أوروبية في نهاية عام 2022، وهو ما يكفي لمضاعفة قدرة المنطقة.
وتجدُر الإشارة إلى أن إحدى الدول التي من المتوقع أن تحقق هدف مضاعفة الطاقة ثلاث مرات بحلول عام 2030 هي الصين، التي تعد بالفعل قوة هائلة في توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية، حيث تم استثمار المليارات في خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي للغاية.
ثالثا: طاقة أكثر كفاءة
ويهدف الالتزام الثالث لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين إلى تعزيز كفاءة استخدام الطاقة، إذ يُشار على نطاق واسع إلى الاستخدام الأكثر كفاءة وذكاء "للطاقة الكهربائية" على أنها "الوقود الأول" في تحولات الطاقة النظيفة، لأنها توفر بعض الخيارات الأسرع والأكثر فعالية من حيث التكلفة لخفض الانبعاثات وخفض فواتير الطاقة وتعزيز أمن الطاقة.
إن التكنولوجيا والسياسات المطلوبة راسخة بالفعل، من المضخات الحرارية والمصابيح الصديقة للبيئة إلى قوانين البناء والنقل المنخفضة الكربون.
في هذا الصدّد اتفقت البلدان التي وقعت على تعهد مصادر الطاقة المتجددة لعام 2030 على مضاعفة المعدل السنوي العالمي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة بشكل جماعي من حوالي 2% إلى أكثر من 4% كل عام حتى عام 2030.
ومن ثمَّ سيتطلب الوفاء بتعهد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) على أساس مستدام، عملية صنع سياسات أكثر نشاطًا، إذ إن معدلات الكفاءة العالمية ستتضاعف إذا تبنت كل حكومة سياسات تتطابق مع:
- معايير الإضاءة في جنوب أفريقيا
- قوانين البناء في تركيا
- معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود للسيارات في الولايات المتحدة
- لوائح المحركات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي
- سياسات الصناعات الثقيلة في الهند
- قواعد تكييف الهواء في الصين (فيما يتعلق بمسألة تكييف الهواء: اعترافًا بالمخاطر المتزايدة التي يشكلها في عالم يزداد حرارة، وقعت 63 دولة أيضا على تعهد عالمي للتبريد في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، وتهدف إلى خفض الانبعاثات المرتبطة بالتبريد في جميع القطاعات بنسبة 68% على الأقل على مستوى العالم).
إن الوفاء بتعهدات الطاقة الثلاثة الكبرى المتعلقة بانبعاثات النفط والغاز، والطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة سوف يتطلب اتخاذ إجراءات حكومية بطبيعة الحال لوضع العالم على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاق باريس للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.
aXA6IDE4LjE4OC4xMDEuMjUxIA== جزيرة ام اند امز