حققت رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 في دولة الإمارات، أفضل انطلاقة على الإطلاق بمؤتمرات الأطراف للمناخ، ممهدة الطريق أمام مندوبي 198دولة (197 دولة بالإضافة للاتحاد الأوروبي) لحسم خلافاتهم والتحلي بمسؤولياتهم تجاه الكوكب.
وذلك في الفترة الحاسمة المتبقية من القمة والتي تتوزع مسؤولية نتائجها بين الجميع.
ونتيجة لسلسلة من الإنجازات والتمويلات والاتفاقيات والتعهدات التاريخية وغير المسبوقة، التي شهدتها القمة في أيامها العشرة الأولى، حاز الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي رئيس مؤتمر الأطراف COP28، على دعم غير مسبوق من أكثر من 800 من قادة العمل المناخي وممثلين لقيادات قطاعات الأعمال والتمويل والعمل الخيري والسياسة والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني.
- رئيس مؤتمر الأطراف COP28 يدعو للمرونة وقبول «حل وسط».. ويؤكد: تقليص الطموح ليس خيارا
- الإعلام الدولي يحلل رسالة الدعم التاريخية لرئيس COP28: تجسيد للثقة والأمل في نتائج حاسمة
كما حصدت القمة التي تستضيفها دولة الإمارات، إشادات دولية متدفقة، اعترافا بكم الجهود الدؤوبة التي بذلت قبل وأثناء مؤتمر الأطراف COP28، وبالكفاءة التي تحلى بها الفريق القائم على تنظيم القمة وفعالياتها، وبالمنظور الشامل للرئاسة والهادف إلى إيجاد أرضية مشتركة تخاطب الجميع وتعمل على تحقيق المصلحة المشتركة.
ومع دخول مؤتمر الأطراف COP28 إلى أيامه الحاسمة، وجه الدكتور سلطان الجابر العديد من الرسائل الحاسمة والواضحة إلى جميع المشاركين، مؤكدا أن الفشل ليس خيارا، ولا حتى تقليص الطموح قد يكون مطروحا، ومشيدا بالتقدم في الطريق الصحيح، لكن مع إصراره على المضي بوتيرة أسرع.
وفي كلماته قبيل المرحلة الحاسمة، تعهد الدكتور سلطان الجابر للجميع بأن تكون أصواتهم مسموعة وملاحظاتهم على الطاولة ومخاوفهم تحت المجهر، ومسلطا الضوء على أن دولة الإمارات وفرت بالفعل فرصة سانحة وربما غير مسبوقة لصياغة أجندة ناجحة جدا للعمل المناخي وإحراز تقدم غير مسبوق ونتائج وتعهدات والتزامات تاريخية، مناشدا الجميع الإبقاء على الروح الإيجابية والانفتاح.
ومع تطميناته، ظل الدكتور سلطان الجابر حاسما بشأن دعوة الدول إلى التحلي بالمسؤولية والمرونة وقبول "الحل الوسط" لتحقيق أعلى سقف ممكن من الطموحات، والتأكيد دوما على أن النتائج هي مسؤولية الجميع.
الإمارات.. سعي دؤوب لأفضل مسارات المناخ
سعت دولة الإمارات على نحو دؤوب إلى تحقيق نتائج طموحة للغاية في هذه القمة، ولم تؤمن بتقليص الطموح كخيار مطروح على الإطلاق، وهو الأمر الذي أثمر بالفعل عن إعلانات تاريخية منذ اليوم الأول للمؤتمر، شملت إعلان تنفيذ صندوق الخسائر والأضرار، وإعلان ميثاق COP28 لخفض انبعاثات قطاع النفط والغاز الذي شهد انضمام 52 شركة تمثل 40% من إنتاج النفط العالمي.
وجمع COP28 أكثر من 83 مليار دولار في أيامه الخمسة الأولى، ليدشن مرحلة جديدة من العمل المناخي، كما تم إطلاق مجموعة من الإعلانات والتعهدات الأولى من نوعها التي تشمل الانتقال إلى أنظمة غذائية مستدامة وإعلانات COP28 بشأن الصحة، والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بالإضافة إلى مبادرات لخفض الانبعاثات من الصناعات كثيفة الانبعاثات.
وشهد المؤتمر 11 تعهداً وإعلاناً تم إصدارها وحظيت بدعم استثنائي واسع النطاق.
وقال فرانشيسكو لا كاميرا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) لـ"العين الإخبارية"، إن البيئة التي وفرتها دولة الإمارات لقمة المناخ هذه كانت "رائعة"، وتابع: "يجب أن أقول هذا هو مؤتمر الأطراف الأكثر تنظيمًا على الإطلاق".
وعدد لا كاميرا الإنجازات التي توصل إليها المؤتمر في وقت مبكر، وعلى رأسها مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات، والذي وقعت عليه عشرات الدول.
وتابع: "بوضوح شديد، إذا أردنا الحفاظ على الأمل في تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، فيجب علينا خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 43٪ بحلول عام 2030، بمعنى أن نقوم بإنتاج 11 تيراواط من الطاقة المتجددة لسد الفجوة بين الطلب على الطاقة".
COP28 على الطريق الصحيح
توصلت رئاسة COP28 في اليوم الأول من المؤتمر إلى اتفاق تاريخي لتفعيل صندوق عالمي يختص بالمناخ ومعالجة تداعياته، وتم تقديم تعهدات دولية لتمويله بقيمة 792 مليون دولار.
وأطلقت دولة الإمارات صندوقاً للاستثمار المناخي برأس مال تحفيزي بقيمة 30 مليار دولار، تحت اسم "ألتيرّا"، يركز على جذب وتحفيز التمويل الخاص ويهدف الصندوق إلى جمع وتحفيز 250 مليار دولار إضافية على مستوى العالم، كما أعلنت عن تخصيص 200 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة إلى "الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة"، و150 مليون دولار لأمن المياه.
وأعلن البنك الدولي عن زيادة قدرها 9 مليارات دولار سنوياً (للسنتين 2024 و2025) لتمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، وأعلنت بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى عن زيادة إضافية في الدعم المقدم للعمل المناخي بقيمة تتجاوز 22.6 مليار دولار.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لـCOP27 في تصريحات لـ"ألعين الإخبارية": "إن هناك العديد من الأمور المشجعة في COP28 وأبرزها الديناميكية الفائقة للقمة منذ بدايتها".
وأشار إلى أن بداية تفعيل صندوق الخسائر والأضرار في الجلسة الأولى أكدت أن هناك رغبة كبيرة لتفعيل المشاركة بين الدول وأيضاً بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص، رغم التحديات المتشعبة التي تحيط بالعالم.
وقالت كريستي كلاس نائبة وزير المناخ للتحول الأخضر بإستونيا في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "أعتقد أن مؤتمر الأطراف الجاري ناجح جدا بالفعل منذ البداية، لأنه في الأيام الأولى، تم الاتفاق على إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار"، كما تم الإعلان عن تعهدات كثيرة لتمويله، وآمل أن يتم التوصل أيضًا إلى اتفاق بشأن الوقود الأحفوري".
النتائج مسؤولية الجميع
وبينما تم التأكيد على أن COP28 يسير على الطريق الصحيح ويحرز تقدما جيدا، إلا أن الأمر يتطلب تحلي الدول الـ195 المشاركة في الحدث إلى التحلي بالمسؤولية والمرونة لقبول الحلول الوسط والمضي نحو تحقيق الأهداف بوتيرة أسرع.
وقد أكد الدكتور سلطان الجابر أن النتائج القادمة من المفاوضات الجارية حاليا ضمن COP28 هي مسؤولية الجميع، ويجب ألا تتخلف أبدا عن الطموح العالمي، وأن ترقى إلى السقف المأمول من هذه القمة.
وقال كيان أكرم الجاف، مستشار السياسات الزراعية في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، إن الإمارات قدمت إنجازات كبيرة وتاريخية وغير مسبوقة خلال COP28، والآن المسؤولية ملقاة على عاتق الدول الأخرى من أجل الوصول إلى اتفاق نهائي، لاسيما في المفاوضات الجارية.
وأوضح: "المسؤولية لابد وأن تكون على جميع الدول وليست دولة بعينها، مشيرا إلى أن دولة الإمارات قدمت الدور المطلوب منها باحترافية وقوة".
من جهته، قال أنتوني ميلر منسق مبادرة الأمم المتحدة لأسواق الأوراق المالية المستدامة ومنسق مبادرة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية": "الشيء الوحيد الذي يمكنني قوله من خلال ما استنتجته من مؤتمرات الأطراف السابقة، أننا شهدنا بالفعل تقدماً جيداً حتى الآن، وهذا أمر جيد لقمة ناجحة".
وعلى مسار دعم رئاسة مؤتمر الأطراف لاستشراف نظم غذائية مستدامة حول العالم، قال رافائيل بودسيلفر، رئيس شؤون الأمم المتحدة في منظمة "برو فيچ إنترناشيونال" في جناح الغذاء من أجل المناخ، في مقابلة مع "العين الإخبارية": "من المشجع للغاية إننا شهدنا بالفعل إنجازات غير مسبوقة وكبيرة في بداية مؤتمر الأطراف COP28 في دبي، إنها بداية لتحقيق هدف إدراج التحول في النظم الغذائية على جدول أعمال مؤتمرات المناخ".
وأضاف، "لقد رأينا بالفعل أطعمة ذات تكلفة معقولة للغاية وأكثر اعتماداً على النباتات، كذلك طريقة تقديم الطعام خلال الفعاليات والطريقة التي يأكل بها المندوبون، وهذا أمر مهم بالفعل، وقد عملنا بجد لتحقيق ذلك. ولذلك فإنه بهذه الطريقة، سيكون إعلان دولة الإمارات بشأن الزراعة واستدامة الغذاء، بمثابة بداية لجعل الدول تقوم بتحويل النظم الغذائية والتحول نحو المزيد من النظم الغذائية الغنية بالنباتات خاصة دول شمال العالم التي تستهلك البروتينات ذات المصادر الحيوانية بشكل مفرط في مساهمتها المحددة وطنيـاً".