كورونا وليبيا ومكافحة الإرهاب تتصدر أجندة قمة الساحل وفرنسا
يتنظر أن تناقش القمة ترتيبات إنشاء قوة أفريقية جديدة، قوامها 3 آلاف جندي، لدعم مجموعة الساحل الأفريقي في مواجهة التهديدات الإرهابية.
تستضيف موريتانيا في 30 من يونيو الجاري قمة جديدة تجمع قادة دول الساحل الأفريقي الخمس، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لبحث تنسيق الجهود لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة، وتداعيات أزمة كورونا المستجد (كوفيد 19) على جهود مكافحة الإرهاب.
القمة المقرر عقدها في نواكشوط تعد استثنائية في دلالاتها وتوقيتها، كونها أول تجمع دولي يستضيف قادة ووفودا مشاركة، في ظل إجراءات بلدان العالم الاحترازية ضد انتشار الوباء والتي فرضت إغلاقا للأجواء والمطارات.
واعتبر عدد من الخبراء والمحللين أن التدخل العسكري التركي في ليبيا وتداعياته السلبية على أمن الساحل، سيتصدر ملفات القمة، من أجل بلورة رؤية مشتركة للتصدي لمخاطر تمدد المليشيات والعناصر المتطرفة نحو المنطقة انطلاقا من الأراضي الليبية.
كما يتنظر أن تناقش القمة ترتيبات إنشاء قوة إفريقية جديدة، قوامها 3 آلاف جندي، لدعم مجموعة الساحل الأفريقي في مواجهة التهديدات الإرهابية بالمنطقة.
ضد التدخل التركي في ليبيا
وتهدف القمة بحسب خبراء إلى تقييم الإجراءات التنفيذية لنتائج والتزامات قمة "بو" المنعقدة في 13 من يناير الماضي، في فرنسا بحضور رؤساء بلدان الساحل الإفريقي، والتي كان من أهم نتائجها إطلاق "الائتلاف من أجل الساحل" كإطار سياسي واستراتيجي يجمع بين دول المنطقة وقوة برخان ودول شريكة.
الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني أحمد مولاي أمحمد، يتوقع أن تتبنى دول الساحل الإفريقي وفرنسا خلال قمة نواكشوط موقفا "حاسما رافضا للتدخل والاحتلال التركي لمناطق مهمة من ليبيا، بل واتخاذ مواقف قد يكون لها أثر مهم في تغيير مسار الأحداث" وفي تعبيره.
وأوضح مولاي أمحمد في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن الاحتلال التركي لمناطق مهمة في ليبيا، بات يمثل تهديدا لمنطقة الساحل والصحراء بسبب "جيش الإرهابيين الذي نقلته أنقرة إلى المنطقة من سوريا".
وأكد أن هذا التدخل التركي عن طريق الإرهابيين والمليشيات في ليبيا، سيمكن إمدادات الإرهابيين في الساحل الإفريقي بالسلاح والعناصر المتطرفة، في ظل سهولة التواصل الجغرافي بين الأراضي الليبي وبلدان المنطقة.
زخم جديد
أما محمد يحيى أشفاغة، وهو باحث موريتاني في مجال العلوم السياسية، يرى أن ما يجري في ليبيا سيكون في أولوية ملفات قمة نواكشوط، نظرا لارتباط جهود محاربة الإرهاب في منطقة الساحل بالملف الليبي.
وأوضح أشفاغة في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن انعقاد القمة يأتي في ظل زخم الانتصار الكبير الذي تحقق أخيرا في المنطقة ضد الإرهاب بعد مقتل زعيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد الملك دروكبال على يد القوات الفرنسي في ال5 من يونيو الجاري.
وأشار إلى انعقاد القمة يأتي في ظل نجاح بلدان المنطقة وفرنسا في حشد دعم منقطع النظير لمؤتمر "الائتلاف من أجل الساحل" الذي عقد قبل أسابيع عن بعد انطلاقا من موريتانيا وتميز بمشاركة أكثر من خمسين دولة ومنظمة.
واعتبر أشفاغة أن القمة مع هذه التطورات الإيجابية تنعقد أيضا في ظل وضعية وبائية مقلقة جرى استغلالها بسرعة من طرف الجماعات المسلحة لتكثيف العمليات العسكرية في بعض دول المنطقة وتأجيج العنف بين مجتمعاتها المحلية.
وخلص الباحث إلى انعقاد القمة برئاسة موريتانيا الدورية للتجمع الإقليمي، يعزز من "جاذبية الرؤية الاستراتيجية التي يطرحها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في مجال مكافحة الجماعات المسلحة، والمتمثلة أساسا في ما يمكن أن نطلق عليه "المحاصرة والتجفيف في المنابع".
بدوره توقع الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني عبد الرزاق سيدي محمد، أن تتناول القمة حشد الدعم لمواجهة تداعيات جائحة كورونا على الأوضاع الأمنية وجهود مكافحة الإرهاب في المنطقة.
وأوضح عبد الرزاق لـ"العين الإخبارية"، أن موضوع التدخل التركي في ليبيا سيكون له حضورا معتبرا في أجندة أعمال القمة، متوقعا أن تدعو إلى عقد حوار عاجل يجنب ليبيا ويلات الأزمة ويرفض الحلول العسكرية، مضيفا أن الأمن في منطقة المغرب العربي والساحل مرتبط بالاستقرار في ليبيا.
دعم المبادرة المصرية
وأعلنت موريتانيا في الـ12 من يونيو الجاري تأييد المبادرة المصرية في ليبيا، حيث تؤثر هذه الأزمة على أمن واستقرار منطقة الساحل الأفريقي.
وحثت موريتانيا الشركاء الدوليين لمجموعة الساحل الإفريقي على دعم الجهود الدولية لإنهاء الاقتتال في ليبيا، وإيجاد حل سياسي مستدام لهذه الأزمة، في إشارة للمبادرة المصرية.
ودعا وزير الدفاع الموريتاني حننه سيدي حننه، المجموعة الدولية إلى العمل على الوقف الفوري للاقتتال الدائر في ليبيا، وإيجاد حل للأزمة التي تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وعبر وزير الدفاع الموريتاني عن هذا الموقف باسم بلاده خلال ترأسه عبر تقنية الفيديو، لمؤتمر وزراء دفاع الساحل الإفريقي، وممثلين عن كل من: الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة المتحدة وكندا.
قمة دولية في 2021
وكان الائتلاف من أجل الساحل أعلن في الـ12 من يونيو الجاري عزمه عقد قمة لرؤساء الدول العام المقبل (2021) من أجل مناقشة الوضع في منطقة الساحل الأفريقي، ودعم دول المنطقة في مواجهة خطر الإرهاب.
وترأس وزير الخارجية الموريتاني الاجتماع عبر تقنية الفيديو فيما شهد مشارك ممثلون عن 60 دولة وهيئة دولية.
وناقش المشاركون التطورات الأمنية وما حققته القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل من إنجازات على الأرض، بالإضافة إلى الاستعداد لإطلاق القوة العسكرية الأوروبية "تاسك تاكوبا" الموجهة إلى دول الساحل لدعم قوات برخان الفرنسية.
وشدد المشاركون في الاجتماع الوزاري على التزامهم المشترك بدعم الجهود التي تبذلها دول الساحل الخمس في مواجهة التحديات البنيوية مثل الفقر وهشاشة التنمية والتغير المناخي.
ويضم التحالف الدولي من أجل الساحل مجموعة معتبرة من الدول التي عبرت عن استعدادها لمساعدة دول المجموعة في التغلب على مشاكلها الأمنية والتنموية وتمكين شعوبها من العيش بسلام وأمان.