إيجابيات كورونا.. خبراء يكشفون "الآثار المفيدة"
خبيرة نفسية تؤكد أن عقولنا مستعدة للتغلب على مواقف أكثر تعقيدا من كورونا بفضل القدرة الهائلة على التكيف التي نمتلكها
قد يزعج الناس ويبدو لهم أنه من غير المناسب أن يُطلب منهم "الاسترخاء" في وقت معين يمرون فيه بلحظات من التوتر النفسي أو العاطفي الشديد، هذا هو الحال عندما يتحدث البعض في هذه الأوقات عن "البحث عن الجانب الإيجابي" لفيروس كورونا المستجد بينما يواصل حصد أرواح ضحاياه في معظم أنحاء العالم.
وبحسب وكالة الأنباء الإسبانية يتوقع بعض خبراء علم النفس أن أزمة الفيروس التاجي يمكن أن يكون لها بعض الآثار المفيدة للناس، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، في ظل الأمل المعلق على الإنسان بطبيعته الخيرية في جوهره، وفي قدرته على التكيف والتطور والتعافي.
تحديات "الطبيعة الجديدة"
تشير الخبيرة النفسية ومؤسِسة المعهد الأوروبي لعلم النفس الإيجابي، دافني كتالونيا، إلى أنه "عندما نبدأ في العيش في الحالة الطبيعية الجديدة التي ستنشأ بعد أزمة الفيروس التاجي الحالية، فسوف نواجه سلسلة من التحديات النفسية والعاطفية".
وتقول كتالونيا: "على سبيل المثال، سنعود لتكريس المزيد من الوقت للعمل، وأقل لأنفسنا وللرعاية الذاتية وممارسة الرياضة والتغذية الجيدة والأقارب الذين كنا نعيش معهم في الحجر الصحي، مما يعني مواجهة صراع من نوع ما".
وقد يكون هناك تحد آخر يتمثل في مواجهة الخسائر الاقتصادية والديون المستحقة والأزمات المالية، سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى الشركات.
وفي هذا الإطار، تذكر الخبيرة أنه من المحتمل أيضا "أن يتولد بداخلنا شعور بالظلم، لأننا عشنا تجربة المرض بأنفسنا أو عانى منه شخص مقرب منا، أو بسبب التدابير التي اتخذتها الشركة التي نعمل بها، كتخفيض ساعات العمل أو الفصل المؤقت أو الإجازات بدون أجر".
وتشير كتالونيا إلى أن هذه التحديات يمكن إدارتها من خلال العلاج بالمعنى الوجودي (الروحي)، وهو علاج نفسي له بعد روحاني طوره طبيب الأعصاب والخبير النفسي النمساوي فيكتور فرانكل، ويركز على التغلب على الصراعات والمواقف التي تجعل الإنسان يشعر بمعاناة، وتجد لها معنى وجوديا وتحولها إلى فرص للنمو.
وتستطرد الطبيبة النفسية: "من خلال العلاج بالمعنى يُفهم أن كل شيء يحدث لسبب ما، وأن كل واحد منا سيجد معنى ومغزي لما حدث لنا أثناء الوباء".
وأردفت: "من أجل العثور على إجابات والكشف عن هذا المعنى والتعلم، يمكننا أن نفكر ونتساءل: ما الذي سمح لي الوباء بتعلمه؟ هل جعلني أتطور بأي شكل من الأشكال، على الرغم من مدى صعوبة الوضع؟".
وأشارت خبيرة علم النفس بيلار كوندى إلى أن "الشعور بأننا جميعا مترابطون، وأن ما يفعله شخص يؤثر على الآخر، وأننا جزء من وحدة عالمية واحدة، يساعد على تطوير التضامن والكرم والإنسانية والوحدة".
وتقول كوندى: "كل هذا يساهم في قبول تدابير الحجر الصحي والقيود المفروضة على التحرك أو التباعد الجسدي من قبيل الوعي المجتمعي وليس من قبيل الالتزام. وقد يساعد هذا في أن تمر الأزمة بأسرع وقت ممكن وبأقل عواقب".
ومن جهتها، تنصح الخبيرة النفسية بمعهد "IMEO"، ماريا جونزاليث، بـ"إيجاد هدف خلال هذا الوباء. يجب أن نفكر في القرارات التي اتخذناها أو نرغب في اتخاذها من الآن فصاعدا، بهدف جعلنا أكثر وعيا ومسؤولية عن حياتنا وعن عالمنا العاطفي".
وتقول جونزاليث: "يجب أن يكون واضحا لنا أن عقولنا مستعدة للتغلب على مواقف أكثر تعقيدا بفضل القدرة الهائلة على التكيف التي نمتلكها".
التعرف على سلبياتنا
تشير مديرة وحدة علم النفس العام في معهد "Centta" وخبيرة علم النفس، جوليا دي بينيتو، إلى أنه أثناء مواجهة الوباء "نفوسنا تقاوم الشدائد ولا تريد تغيير أي شيء، وهو ما يمكن اعتباره بشكل مجازي على أنه مرض آخر".
واستطردت: "تظهر إخفاقاتنا ونقاط ضعفنا وانعدام أمننا ومخاوفنا، ولكن إذا استفدنا من هذه اللحظة الصعبة وعدم التوازن في مراجعة طريقتنا المعتادة، فإننا بذلك نغادر النقطة التي نقف عندها ونتجرأ على أن نتحلى بالوعي؛ وهنالك يولد النمو وتخلق الفرص".
وتقول "إذا تجرأنا على مراجعة الفردية وغرس التضامن، فيمكننا المساهمة في بناء مجتمع أقل اعتمادا على عوامل خارجية غير الطبيعة البشرية".
وأضافت "الفيروس يخرج ما كان بداخلنا بالفعل في شكل مرض (سواء كنا مصابين أم لا). الحقيقة تُقدم إلينا بمثابة مرآة لمعرفة ماهيتنا، وكيف نرى أنفسنا والآخرين والعالم".
وفيما يتعلق بالحجر الصحي، تقول إنه يمكن أن يساعدنا على الملاحظة وأن نكون أكثر حضورا في "المكان الحالي والوقت الراهن" حيث إن "هناك عددا أقل من الأماكن التي يمكن أن نلجأ إليها، جسديا على الأقل. لدينا الفرصة للتواصل مع ما نحتاج إليه، مع الناس من حولنا، مع الأنشطة التي نقوم بها".
وتقترح هذه الخبيرة البحث عن مساحات ولحظات يمكننا أن ندرك فيها تماما حالاتنا الداخلية وما نتفاعل معه خارجيا، وأن نحافظ عليها بمجرد انتهاء فترة الحجر.