كورونا يثير الذعر في قطاع السياحة الآسيوي
النشاط التجاري في عدة دول تعتمد على السياحة الصينية مثل تايلاند واليابان بدأ يشكو من الشواطئ والمحلات الخالية ومخاوف إزاء المستقبل.
يثير فيروس كورونا الجديد، الذي دفع الصين لفرض قيود على السفر، الذعر في قطاع السياحة الآسيوي الذي يزداد اعتماده على تنامي أعداد الزوار الصينيين.
وقضى 81 شخصا على الأقل منذ اكتشاف هذا النوع الجديد من فيروس كورونا في مقاطعة ووهان.
وحسب وكالة الأنباء الفرنسية، تفرض السلطات حاليا حجرا صحيا على ملايين الأشخاص، إضافة إلى منع جميع الرحلات الجوية من وإلى المدينة، وحظر الجولات السياحية محليا وخارجيا.
وتأتي التدابير وسط طفرة في سفر الصينيين إلى الخارج، فيما تزايدت أعداد السياح الصينيين نحو عشر مرات منذ 2003 وفق تقرير لمركز الأبحاث كابيتال إيكونوميكس.
غير أن النشاط التجاري في وجهات تعتمد على الأعداد الكبيرة من السياح الصينيين بدأ يستشعر التداعيات مع شكاوى عن شواطئ ومحلات خالية ومخاوف إزاء المستقبل.
ولن تشعر أوروبا على الفور بتأثير الفيروس على السفر نظرا لأنها ليست حاليا في ذروة موسم السياحة الوافدة من الصين.
ويذكر هذا الوباء بأزمة متلازمة الالتهابات التنفسية الحادة "سارس" التي شلت حركة السفر الإقليمية وضربت اقتصادات محلية من أواخر 2002. بعد ذلك تراجع عدد السياح الصينيين بنحو الثلث.
وقالت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس: "إذا تراجع عددهم بنفس المقدار مجددا، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي ما يتراوح بين 1.5 و2 نقطة مئوية في الدول الأكثر ضعفا".
وارتفعت تكلفة تأمين الانكشاف على الدين السيادي للصين إلى أعلى مستوياتها منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي وسط مخاوف متصاعدة من الأثر الاقتصادي المحتمل لتفشي الفيروس التاجي.
وحسب رويترز، قفزت عقود مقايضة مخاطر الائتمان الصيني لخمسة أشهر أربع نقاط أساس عن إغلاق الجمعة لتصل إلى 41 نقطة أساس، حسبما أظهرته البيانات الصادرة عن آي.اتش.اس ماركت.
وفي اليابان بدأ تراجع أعداد الزوار الصينيين يرخي بظلاله على أساكوسا، الوجهة السياحية المعروفة قرب معبد سنسوجي.
وقالت يوشي يونياما (31 عاما) مسؤولة متجر لبيع الحلوى اليابانية التقليدية وشراب أمازاكي المصنوع من الأرز "بالتأكيد نرى عددا أقل من الناس هذا العام".
شواطئ خالية
وتابعت لوكالة الأنباء الفرنسية "أعتقد أن هناك أقل من نصف أعداد العام الماضي أو العام الذي سبقه".
وارتفع عدد الصينيين الذين يمضون عطلات في اليابان من نحو 450 ألفا في عام 2003 إلى 8.4 مليون في عام 2018، يمثلون 27% من جميع السياح.
لكن خبير الاقتصاد لدى مركز نومورا سيكوريتز قال إنه سيكون "من الصعب جدا" الآن لليابان تحقيق هدفها جذب 40 مليون سائح في 2020.
وستتأثر قطاعات أخرى عدا عن الفنادق والمطاعم والمواقع السياحية، نظرا لأن العديد من السياح الصينيين يزورون اليابان بشكل خاص للتسوق.
وعلى رأس قائمة التسوق المعدات الإلكترونية ومستحضرات التجميل، وفق تاكاشيما. لذا، ستتأثر مبيعات محلات بيع التجزئة.
وقد تسببت الأزمة بالفعل بتراجع مؤشر نيكي الياباني، فيما انخفضت أسهم مستحضرات التجميل شيسيدو، الرائجة لدى السياح الصينيين، بأكثر من 5% الإثنين.
وقال كبير الاستراتيجيين لدى إكسيكورب، ستيفن إينيس "يمكننا أن نتوقع أن تستمر تلك الأسهم في التهاوي مثل أحجار الدومينو".
لكنه قال إن اليابان ستكون في موقع أفضل للوقوف بوجه الأزمة، مقارنة مع وجهة سياحية أخرى رائجة لدى الصينيين، هي تايلاند.
فحصة السياحة تبلغ 18%من الناتج المحلي الإجمالي، إذ يمثل السياح الصينيون أكثر من ربع العدد.
وكان وزير السياحة في تايلاند قد حذر بالفعل من أن أزمة بحجم "سارس" يمكن أن تكلف نحو 1.6 مليار دولار، والأثر يبدو واضحا في فوكيت.
الكل يترقب
قال كلود دو كريسي الذي يملك فندقا يضم 40 غرفة ومطعما في الجزيرة "ليومين، كانت الشوارع والمتاجر والشواطئ مقفرة".
وأضاف أن "فوكيت ركزت (جهدها) حصرا تقريبا على السياحة الصينية.. إذا استمر الوضع فسنتأثر جميعا".
وأستراليا التي تسعى لتجاوز أزمة حرائق الغابات، ستتأثر على الأرجح بتراجع عدد السياح.
فعدد السياح الصينيين سجل ارتفاعا بمقدار الضعف خلال السنوات الست الماضية المنتهية في 2019، في وقت يمثل القادمون من البر الرئيسي 15% من عدد السياح القادمين إلى أستراليا.
وقال الرئيس التنفيذي لرابطة آسيا المحيط الهادئ للسفر ماريو هاردي إنه من الصعب معرفة المدة التي ستستغرقها هذه الأزمة.
وقال "أظن أن التداعيات ستستمر لما بين ثلاثة إلى ستة أشهر، لكن ذلك سيتوقف حقيقة على تطورات الأوضاع في الأسابيع القليلة القادمة".
الصيف لأوروبا
ولن تظهر التداعيات على الفور في أوروبا التي لا تجتذب مثل هذا العدد الكبير من السياح الصينيين خلال الشتاء.
وقال جان بيار ماس الذي يرأس مجموعة ضغط فرنسية خاصة بالسفر "نحن في موسم أقل نشاطا في الوقت الحاضر لكن إذا استمر الوضع.. فسيكون الأثر الاقتصادي كبيرا".
العام الماضي، زار أكثر من مليوني سائح صيني فرنسا وهي الوجهة الأكثر طلبا على السفر في أوروبا، وأمضوا ما معدله خمسة أيام وأنفقوا بالإجمال أربعة مليارات يورو.
وقال مسؤولو السياحة السويسريون إنهم يتوقعون أيضا تراجع الحجوزات من الصين التي تمثل 4.5% من حجوزات الفنادق.
وقال مدير تحالف السياحة البريطاني كورت جانسون إن السياح الصينيين إلى المملكة المتحدة يمثلون أقل من 2% من العدد الإجمالي السنوي "وبالتالي لن تكون هناك أي تداعيات تذكر بشكل عام".
وتهدد الإجراءات التي اتخذتها الصين لاحتواء وباء كورونا على غرار تقييد حركة وسائل النقل وشلّ قطاع السياحة بمفاقمة تباطؤ الاقتصاد، ما يذكّر بتداعيات فيروس سارس عام 2002-2003.
وسعيا لاحتواء فيروس كورونا المستجد، الذي أصاب أكثر من 2700 شخص، اتخذت الصين إجراءات غير مسبوقة تهدد بتعطيل الحركة الاقتصادية، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وصارت مدينة ووهان، مهد الفيروس، معزولة عمليا عن العالم، على غرار كامل مقاطعة هوباي.
ولتقييد الحركة خلال رأس السنة الصينية، ألغت الحكومة الإثنين الرحلات المنظمة داخل الصين وخارجها، ما يمثل ضربة للسياحة التي ساهمت بـ11% من إجمالي الناتج المحلي عام 2018، وفق الأرقام الرسمية.
aXA6IDE4LjExNi44NS4xMDIg جزيرة ام اند امز