كورونا يعيد الحدود بين دول أوروبا.. والمحاصيل لا تجد من يجنيها
منع فيروس كورونا الآلاف من العمال الموسميين من تأمين الحصاد السنوي للخضر والفواكه، ما ينذر بموسم زراعي صعب.
أعاد فيروس كورونا رسم الحدود بين بلدان الاتحاد الأوروبي ومنع الآلاف من العمال الموسميين من تأمين الحصاد السنوي للخضر والفواكه، ما ينذر بموسم زراعي صعب قد يهدد الأمن الغذائي للقارة العجوز.
وبحلول موسم الحصاد في ظل أزمة الفيروس، لم تجد المزارع في مختلف أرجاء أوروبا عمالاً موسميين لقطف الفواكه أو الخضر، ما يشي بأن حتى مرحلة ما بعد كورونا لن تكون هينة على الأوروبيين.
- كورونا في أوروبا.. المعنويات الاقتصادية تهوي بأعنف وتيرة في تاريخها
- "معركة طويلة".. جملة عمقت جراح الأسهم الآسيوية
"الهليون" وهو أحد النباتات الربيعية، عادة ما يتصدر الأطباق الألمانية والأوروبية في هذا التوقيت مبشراً بقدوم الفصل المناخي الأروع، لكن هذا العام قد يصبح هذا النوع من الخضار نادراً نظراً لنقص العمال الموسميين بسبب القيود المفروضة على التنقلات مع انتشار الوباء.
ودأبت المزارع الألمانية سنوياً على استقبال الآلاف من العمال الموسميين القادمين من أوروبا الشرقية، لكن برلين حظرت، الأربعاء، على هؤلاء العمال دخول أراضيها، ضمن تدابير الوقاية من كورونا.
إجراءات منعت العمال الموسميين، الذين يأتي معظمهم من رومانيا، من الوصول عن طريق البر إلى ألمانيا، بعد إغلاق الحدود النمساوية والمجرية على خلفية انتشار الفيروس.
قلق كبير
مستثمرون في مجال الزراعة أعربوا عن قلقهم الكبير من التداعيات السلبية لعدم وجود عمال لموسم الحصاد لهذا العام.
توماس سيرينغ مستثمر زراعي في بلدة بيليتس الواقعة قرب برلين، قال معقباً عن الموضوع: "حالياً ليس لدينا إلا عشرة عمال، لكننا نحتاج إلى ستين عاملاً بدوام كامل لحصاد كل شيء".
وتابع سيرينغ الذي أقفرت حقوله عملياً منذ أيام: "الوضع مثير جداً للقلق بالنسبة إلينا حالياً".
من جانبه، قال أودو هيرمرلينغ الأمين العام لأكبر لـ"أو دي أف"، أكبر منظمة زراعية في ألمانيا، إن البلاد تستقبل سنوياً نحو 300 ألف عامل موسمي أجنبي لقطاعها الزراعي، يأتي معظمهم من رومانيا وبولندا.
أزمة قارية
أزمة العمالة الموسمية لحصاد الفواكه والخضر لا تقتصر على ألمانيا، حيث تواجه دول أوروبية عدة الإشكال نفسه مع حلول فصل الربيع.
ففي سويسرا، بات أصحاب الحقول يشعرون بقلق بالغ عقب فرض السلطات إلزامية حصول العمال الموسميين على تصاريح إقامة ليتم استخدامهم.
وفي النمسا، أطلقت الحكومة منصة خصصتها لتوظيف الذين فقدوا عملهم بسبب انتشار الوباء، في أعمال الزراعة الموسمية، لكن لا يبدو أن المبادرة ستحظى بنجاح يذكر في ضوء غلق دول القارة حدودها.
أما في ألمانيا، فقد حاول بعض المستثمرين الزراعيين التوصل إلى حلول لإنقاذ المحاصيل عبر شراء بطاقات سفر بالطائرة لعمالهم الموسميين. لكن رئيس رابطة مزارعي الهليون في بيليتس يورغن ياكوب، قال إن "بعضهم لا يسمح لهم بدخول الأراضي على الرغم من تصاريح العمل الصالحة التي يحملونها".
قيود وتدابير أطاحت بجميع جهود أصحاب المزارع والحقول في أوروبا، حيث لم تفلح سياسة زيادة الأجور في كسر الحواجز التي ترسمها الإجراءات الرسمية في كل بلد، كما أن بلوغ الوباء ذروته في عدد من دول التكتل، جعلت الكثير من العمال الموسميين يقررون عدم المجازفة بحياتهم، ملازمة منازلهم.
وتقول إيميسي مولنار المسؤولة في شركة رومانية ترسل عمالاً موسميين خاصة إلى ألمانيا وهولندا: "بالنسبة لمنتجي الهليون، يقدم شركاؤنا خصوصاً ضعف الأجر المحدد عادة وشروط إيواء جيدة جداً وطعاماً حتى لا يخرج عمالنا مطلقاً".
وفي فرنسا، أطلق وزير الزراعة ديدييه غيوم، الثلاثاء الماضي، نداء إلى "جيش من الرجال والنساء" ممن "لم يعد لديهم نشاط" بسبب أزمة فيروس كورونا، "للالتحاق بجيش الزراعة الفرنسي الكبير" الذي تنقصه هو أيضاً أيدي عاملة. لكن الاستجابة إلى دعوات الوزير لم تكن مطمئنة البتة، وفق مصادر أكدت أن الوضع الصحي في البلاد لا يسمح بالخروج من المنازل أو جني المحاصيل في الحقول.
إحداثيات تنذر، وفق خبراء، بأن أوروبا التي تعتبر حتى الآن من المناطق الأكثر تضرراً من كورونا، ستواجه أزمة لا تقل حدة فيما يتعلق بأمنها الغذائي المستقبلي.
aXA6IDMuMTQyLjE3Mi4xOTAg جزيرة ام اند امز