تدابير كورونا تخفف الأزمات بالسودان
المواصلات العامة في السودان تشهد انفراجة كبيرة بعد سنوات من أزمة مستفحلة يواجهها هذا القطاع الحيوي
لم تكن التدابير الوقائية التي اتخذتها السلطة الانتقالية في السودان لمواجهة "كورونا"، لتحد من تفشي هذا الفيروس القاتل فحسب، بل امتدت لتسهم في معالجة بعض الأزمات المعيشية في البلاد.
وعلى مدى 4 أيام ماضية، تشهد الموتصلات العامة، لا سيما في العاصمة الخرطوم، انفراجة كبيرة بعد سنوات من أزمة مستفحلة يواجهها هذا القطاع الحيوي، بينما تقاصرت الطوابير أمام محطات المنتجات البترولية والمخابز بشكل ملحوظ.
ورغم الجهود التي بذلتها السلطة الانتقالية بكافة مستوياتها في سبيل معالجة مشكلة نقص الخبز والوقود وتدهور المواصلات العامة، إلا أن كثيرا من المهتمين يرون بأن الإجراءات الاحترازية ضد "كورونا" أسهمت في تخفيف هذه الأزمات لكونها خفضت الضغط الشعبي على الخدمات.
ويقول أحمد إبراهيم، موظف حكومي "لقد خفت الحركة كثيرا وأصبح بمقدوري الذهاب إلى مكان عملي والعودة للمنزل بكل سهولة منذ مطلع الأسبوع الجاري، مقارنة بالوضع السابق الذي كنت أمضي ساعات طوال في سبيل البحث عن المواصلات العامة".
وأضاف إبراهيم خلال حديثه للـ"العين الإخبارية": "نأمل في أن تستغل الحكومة انشغال الناس بفيروس كورونا وتجري المعالجات الدائمة لأزمة المواصلات والوقود والخبز، حتى تتحقق أهداف وشعارات ثورة ديسمبر/كانون الأول المجيدة وتطلعات المواطنين لحياة كريمة".
وشملت التدابير السودانية لمواجهة كورونا التي تم اتخاذها بعد وفاة مريض بهذا الفيروس، إعلان حالة الطوارئ الصحية وإغلاق كل المعابر البرية والبحرية والجوية، وإيقاف الدراسة في كل المراحل لمدة شهر.
وتضمنت الإجراءات الاحترازية منع التجمعات والملمات وتجفيف المجمعات السكنية، وخفض المعاملات الحكومية، وهو الأمر الذي أصاب العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى بشلل كبير، وخفت الحركة بصورة ملحوظة.
وبحسب متابعات "العين الإخبارية" فإن الأسبوع الجاري شهد عمليات هجرة عكسية واسعة من الخرطوم نحو الولايات الإقليمية بصورة مماثلة لتلك التي تحدث إبان عطلة أعياد الفطر والأضحى، الشيء الذي خفف الضغط السكاني على العاصمة السودانية.
ووفق آخر تعداد سكاني أجري في عام 2010، فإن العاصمة السودانية الخرطوم تحتضن نحو 9 ملايين نسمة، ولكن تقديرات لاحقة تشير إلى ارتفاع هذا الرقم لنحو 12 مليون فرد.
وقدر حسين سعد، الناشط السوداني في مجال حقوق الإنسان، الأشخاص الذين غادروا الخرطوم إلى الولايات خلال الأيام القليلة الفائتة بنحو 25% من مجموع سكان العاصمة، بينما لزم العدد نفسه منازلهم خوفا من فيروس كورونا".
وقال سعد خلال حديثه للـ"العين الإخبارية" "تشير التقديرات إلى أن الضغط السكاني بالخرطوم تقلص إلى النصف، وهو الأمر الذي أدى إلى خفض الطلب على الخدمات مما أسهم في انفراجة كبيرة في أزمات الخبز والوقود والمواصلات العامة".
وأضاف "من المؤكد أن هذه التدابير غير معنية في الأساس بمعالجة أزمة المعيشة بقدر ما أتت للحفاظ على حياة المواطنين وسلامتهم من فيروس كورونا، لكنها امتدت لتلقي بظلال إيجابية على الضائقة التي تشهدها البلاد".
وتابع "كل الإجراءات الوقائية التي اتخذتها السلطة الانتقالية سليمة تماما، ووجدت رضاء الشارع الذي شعر بالاهتمام الرسمي وحرص الحكومة على صحته لأول مرة منذ سنوات، ولا يضير إذا أسهمت في تخفيف الضائقة المعيشية".
وشدد حسين سعد على أنه لم تكن كل الانفراجة في الأزمات المعيشية نتيجة إجراءات كورونا، فنهاك معالجات وجهود كبيرة بذلتها أجهزة الحكم الانتقالي في سبيل حل مشكلات الوقود والخبز والمواصلات، والتي كان لها مردود إيجابي واسع".
وأفادت عايدة قسيس، الصحفية السودانية المختصة في الشأن الاقتصادي، بأن تقلص الضغط السكاني اتضح من خلال قلة الحركة في الطرقات والأسواق وضعف القوة الشرائية التي تشتكي منها التجارة هذه الأيام.
وقالت قسيس في حديثها للـ"العين الإخبارية" "لم تنجلِ الأزمات المعيشية حتى الآن، ولكن الوضع تحسن كثيرا عقب تدابير كورونا، حيث تقلص سكان العاصمة الخرطوم بالعودة طواعية للأرياف التي يعتقدون بأنها أكثر نظافة".
وأضافت "كانت العاصمة تشهد سيولة في الحركة وتواجه ضغطا كبيرا، ولكن تحسنت الأوضاع كثيرا وتقلصت الطوابير أمام المخابز ومحطات الوقود".
aXA6IDE4LjE4OC45MS4yMjMg جزيرة ام اند امز