ليست كورونا.. "الصحة العالمية" تكشف السبب الأكبر للوفيات التنفسية
رغم استمرار إعلان فيروس كورونا المستجد كجائحة عالمية، إلا أنه في المقابل، لا تزال إصاباته والوفيات التي يسببها، أقل من الإنفلونزا.
هذا ما أكده خبراء المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية خلال مؤتمر عُقِد بالعاصمة العمانية مسقط.
وقال عبدالناصر أبوبكر، مدير وحدة إدارة مخاطر العدوى بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية وممثل المنظمة في لبنان، خلال المؤتمر العلمي الثالث والاجتماع السادس لشبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة في إقليم شرق المتوسط، والذي بدأ أعماله الإثنين واختتم اليوم الأربعاء في مسقط، إن "العدوى التنفسية الحادة واحدة من الأسباب الرئيسية للاعتلال والوفاة في إقليم شرق المتوسط، وتؤثر تأثيرا كبيرا على الصحة والتنمية الاقتصادية فيه".
وأوضح أبوبكر أن "الإنفلونزا الموسمية هي السبب الأكبر للأمراض والوفيات المرتبطة بالالتهابات التنفسية الحادة في جميع بلدان الإقليم، بالمقارنة مع الفيروسات التنفسية الأخرى مثل الفيروس المخْلَوي التنفسي، والفيروسة الأَنْفِيَّة، وفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية".
وأضاف أن "من المهم تتبع هذه الفيروسات والتصدي لها لأن من الممكن أن تتحول إلى أوبئة أو جوائح".
ولفت أبوبكر إلى أن الجهود المشتركة والتعاونية لمنظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء والشركاء الآخرين، أحرزت تقدماً مدهشاً ملحوظاً في تعزيز النظم الصحية وتطويرها لأجل الاستعداد للأمراض التنفسية المستجدة في الإقليم والوقاية منها واكتشافها ومكافحتها.
وأشار إلى أن المنظمة تواصل تقديم الدعم لتحسين ترصد العدوى التنفسية الحادة الوخيمة والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا في جميع بلدان الإقليم، حيث يعكف حاليا 21 من أصل 22 بلدا على تنفيذ ترصُّد العدوى التنفسية الحادة الوخيمة والأمراض الشبيهة بالإنفلونزا بطرق وسمات متطورة لجمع البيانات وتحليلها.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت العام الماضي في هذا الإطار، عن خطة إقليمية لترصُّدِ الإنفلونزا وفيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة "النوع 2" وفيروسات تنفسية أخرى يمكن أن تتحول إلى أوبئة أو جوائح.
وقال أبوبكر: " نحن مستمرون في هذه الخطة، وتعكف كثير من بلدان الإقليم حاليًّا على تنفيذ الترصُّد المتكامل للإنفلونزا وأمراض تنفسية أخرى".
وأضاف أنه "إلى جانب ذلك، تتلقى بلدان الإقليم دعمًا من المنظمة في استحداثِ سياساتها الوطنية للتطعيم ضدَّ الإنفلونزا والتوسع فيها، وتعزيز برامجها للتطعيم ضدَّ الإنفلونزا مسترشدةً في ذلك بخارطة الطريق الإقليمية لخمس سنوات (2022 - 2026)، الرامية إلى الإقبال على التطعيم ضد الإنفلونزا والتوسع في تلقيه".
ومن جانبه، أثنى أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، على الجهود المضنية التي بذلتها شبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط في السنوات الأخيرة، لا سيّما في أثناء جائحة كوفيد-19.
وشدَّد على أهمية التعزيز المستمر لترصُّد الأمراض ونُظم الإنذار المبكر من أجل الكشف المبكر عن فاشيات الأمراض التنفسية، ولا سيما في حالات الطوارئ المعقدة، كتلك التي تواجهها عدة بلدان في إقليم شرق المتوسط.
وقال إن الفيروسات والميكروبات لا تعرف الحدود، موضحا أن معاناة أحد البلدان من أي مرض ينتشر بسرعة فائقة في الدول الأخرى، وهو ما حدث مع فيروس كورونا.
وأشاد في هذا الإطار بالإنتاج السريع للقاحات الفيروس، موضحا أنه تم إعطاء حوالي 13 مليار جرعة منه على مستوى العالم.
وحول الدروس المستفادة من الجائحة، قال ريشتارد برينان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية: يأتي في مقدمتها المراقبة والكشف المبكر.
وأشاد في هذا الإطار بجهود المكتب الإقليمي والشركاء والعاملين في مجال المراقبة والكشف المبكر، حيث يوجد لدى المنظمة قائمة بـ200 مرض تنفسي يجري مراقبتها.
وأعتبر أن المؤتمر العلمي الثالث والاجتماع السادس لشبكة ترصُّد العدوى التنفسيّة الحادة في إقليم شرْق الـمُتوسط هو انعكاس حقيقي لرؤية منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط لعام 2023 ، والتي تضع التأهب المبكر في قائمة الأولويات.
واتفق ديفيد إي وينتورث، رئيس قسم ترصد الفيروسات وتشخيصها، بشعبة الإنفلونزا، في مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالمنظمة، مع ما قاله برينان، وقال إن "الاستجابة العالمية لفيروس كورونا المستجد كانت غير مسبوقة، فلقد وجدنا أنفسنا، كشبكة عالمية، أمام تحدٍ يستلزم التكيف بسرعة مع مرضٍ مستجدٍ، والقدرة على الاستفادة بمرونة من قدراتنا الموجودة بالفعل".
وأكد إي وينتورث أيضًا أن منصات ترصد الإنفلونزا على مستوى العالم أدت دورا محوريا شديد الأهمية في التصدي لكوفيد-19.
واعتبر سعيد اللمكي، وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية في سلطنة عُمان، مؤتمر شبكة ترصُّد العدوى التنفسية الحادة لشرق المتوسط 2023 واجتماعها، فرصة لإبراز الوحدة والتكاتف ضد التهديد المستمر للأمراض التنفسية التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة وجوائح، بالإضافة إلى الاستفادة من دروس جائحة كوفيد-19.
وقال إن "جميع الأطراف قد عانت انتكاسات مريرة، ولكن الأزمة دفعتنا أيضًا إلى زيادة الاستثمار في استراتيجيات الوقاية وإلى التحلي بمزيد من اليقظة بشأن فيروسات تنفسية أخرى يمكن أن تسبب جوائح".