اللاجئون السوريون في تركيا.. كورونا يفاقم المعاناة
عمال سوريون في تركيا يعيشون أياما صعبة بعد إغلاق المصانع ضمن إجراءات كبح كورونا وحرمانهم من المعونة الحكومية وعدم وجود مصادر دخل
شل فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) حركة التجارة في تركيا وأجبر أغلب المصانع على الإغلاق، ما عصف بأحوال أغلب اللاجئين السوريين الذين فقدوا أعمالهم.
عندما أغلق مصنع الملابس الذي كان اللاجئ السوري محمد عيد يعمل فيه منذ وصوله إلى إسطنبول، نقل مديره رسالة كئيبة للعمال المفصولين مفادها: "أصبحتم مسؤولين عن أنفسكم".
ومثل ملايين في مختلف أنحاء تركيا انقطع مرتب عيد بين عشية وضحاها، لكنه على خلاف ما حدث للعمال الأتراك الذين تعطلوا عن العمل بسبب القيود السارية لم يجد ما يحمي به أسرته من الأزمة المفاجئة.
يعول عيد زوجة وبنتا (3 أعوام) وطفلا ثانيا ينتظر وصوله خلال أيام. ولم يعد له مصدر دخل لسداد مصروفاته أو إيجار الشقة التي يسكن فيها في الدور السفلي من مبنى في حي اسنيورت الذي تقطنه الطبقة العاملة ويعيش فيه عدد كبير من اللاجئين السوريين.
وقال عيد في بيته الصغير الذي استأجره بعد وصوله من الأردن في ديسمبر/كانون الأول: "عندما أغلق المصنع قال لي الرئيس الإجازة على حسابك لا حسابي.. علي أن أدبر تكاليف معيشتي وطعامي. لم يعطني شيئا".
وفي حين يحق للعمال الأتراك الذين تم الاستغناء عنهم منذ مارس/آذار الحصول على 1200 ليرة (170 دولارا) شهريا من الدولة، لا تسري هذه الإعانة على مئات الآلاف من السوريين الذين يعمل أغلبهم في الاقتصاد غير الرسمي وكثيرون منهم باليومية.
وأغلقت متاجر الملابس والمراكز التجارية في مختلف أنحاء تركيا، كما أوقف العديد من الموردين نشاطهم في الوقت الذي تحاول فيه أنقرة احتواء الوباء الذي تسبب في وفاة ما يقرب من 3000 شخص.
وقال مسؤول تركي كبير إن الحكومة تهدف إلى بدء إحياء النشاط الاقتصادي في أواخر مايو/أيار، وقال عيد إنه يتوقع أخبارا من صاحب العمل في ذلك التوقيت تقريبا.
وإلى ذلك الحين سيظل هو وغيره معلقين يخشون طردهم من مساكنهم ولا يعرفون كيفية إطعام أسرهم.
في أنقرة، قال عمر كادكوي، محلل السياسات لدى مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية في تركيا (تيباف): "نحن لا نعلم كم من السوريين تم الاستغناء عنهم. نتحدث تقريبا عن احتمال أن يكون بين 700 ألف و80 ألف عامل سوري غير رسمي في سوق العمل".
تستضيف تركيا 3.6 مليون سوري يمثلون أكبر تجمع من اللاجئين في العالم فروا جميعا من الحرب التي بدأت قبل 9 أعوام. ويعيش أغلبهم في إسطنبول أو قرب الحدود التركية الجنوبية مع سوريا، وأقلية صغيرة منهم تعيش في مخيمات للاجئين.
ويعمل هؤلاء في الغالب في شركات صناعة الملابس والتصنيع والبناء أو قطاع الضيافة.
وقالت متحدثة باسم وزارة العمل التركية إن العمال الأتراك فقط هم الذين يمكنهم الحصول على المساعدات التي قررتها الحكومة في إطار تدابير احتواء فيروس كورونا، وإن السوريين يحصلون على دعم من خلال مشروعات للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
غير أن السوريين يقولون إن خطة يمولها الاتحاد الأوروبي لتوزيع مبالغ نقدية شهرية عن طريق الهلال الأحمر التركي على اللاجئين تقتصر على الأسر التي لديها 3 أطفال أو أكثر أو الأسر التي ليس بها رجال في سن العمل.
وقال صهيب البكر (33 عاما) وهو أب لطفلين من محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا: "لم نتلقَ أي دعم من أي مكان".
وعمل البكر، الذي كان طبيبا بيطريا في سوريا، في السنوات الأربعة الماضية مساعدا في شركات لصناعة الملابس في إسطنبول، وكان يعمل باليومية ويحصل على أجر يعادل 13 دولارا، إذا توفر العمل.
ولم يعمل البكر منذ 6 أسابيع، ووافق صاحب البيت الذي يسكن فيه على التنازل عن إيجار مارس/آذار، لكنه يتوقع سداد الدفعة التالية.
وقال البكر إنه لو كان الأمر بيده لعاد هربا من المجهول إلى الأطلال التي تركها في بلاده، مضيفا: "الوضع سيء هناك. أسوأ من هنا. لكن أمي وأبي هناك. يمكن أن نعيش معهما. لكن الطريق مغلق. فما الذي يمكن أن أفعله؟".