كشف أصل التنفس الكوني.. كيف دخل الأكسجين محيطات الأرض لأول مرة؟
كشف فريق دولي عن واحدة من أهم التحولات البيئية في تاريخ الأرض، وهي ظهور الأكسجين في المحيطات، وهو الحدث الذي مهد لظهور الحياة المعقدة.
وعلى مدار نحو 2 مليار سنة من تاريخ الأرض المبكر، كان الغلاف الجوي خالياً من الأكسجين، العنصر الحيوي للحياة المعقدة. وقد بدأ تراكم الأكسجين خلال ما يعرف بـ " الحدث الكبير للأكسدة "، لكن توقيت وكيفية دخوله إلى المحيطات ظل لغزاً حتى الآن.

وأظهرت الدراسة المنشورة في مجلة "نيتشر كومينيكشنز"، والتي أعدها علماء من مؤسسة وودز هول للمحيطات، عن تفاصيل جديدة حول انتقال الأكسجين من الغلاف الجوي إلى المحيطات الضحلة خلال بضعة ملايين من السنين فقط، وهو ما يُعد لحظة جيولوجية خاطفة مقارنة بعمر الكوكب.
وقال آندي هيرد، المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم مساعد في مؤسسة وودز هول للمحيطات "في تلك الحقبة، كان معظم أشكال الحياة موجودة في المحيطات، ولتتمكن الحياة المعقدة من التطور، كان على الكائنات أن تتعلم استخدام الأكسجين أو حتى التعايش معه، ومعرفة متى تراكم الأكسجين في الغلاف الجوي والمحيطات أمر أساسي لفهم تطور الحياة".
وأضاف هيرد أن سرعة انتقال الأكسجين إلى المحيطات تعني أنه إذا اكتشفنا الأكسجين في الغلاف الجوي لكوكب بعيد، فهناك احتمال كبير بوجود الأكسجين أيضاً في محيطاته.
كيف رصد الباحثون الأكسجين القديم
واستخدم الباحثون تحليلات كيميائية متقدمة لصخور الصفائح السوداء الغنية بالمواد العضوية في جنوب أفريقيا، والتي تكونت في المحيط أثناء الحدث الكبير للأكسدة.
وأظهرت النتائج أن عنصر الفاناديوم أظهر تغيرات في نظائره المستقرة في الصخور التي تكونت قبل وبعد مستوى الأكسجين في الغلاف الجوي، ما وفر دليلاً واضحاً على الأكسدة البحرية المبكرة.
وأشار تشاد أوستراندَر، أحد مؤلفي الدراسة وخبير النظائر الكيميائية من جامعة يوتا: "جنوب أفريقيا من الأماكن القليلة التي تحافظ على سجلات صخرية ممتازة من هذه الحقبة المفصلية. هذه الصخور تمنحنا أقوى المؤشرات على ارتفاع الأكسجين الجوي".

أهمية الفاناديوم والاكتشافات الجديدة
يعتبر الفاناديوم مؤشراً قوياً لأنه يستجيب للمستويات العالية نسبياً من الأكسجين المذاب مقارنة بمؤشرات جيولوجية أخرى. وقد مكّن هذا الباحثين من تحديد وقت تجاوز الأكسجين في المحيطات حوالي 10 ميكرومول لكل لتر، أي نسبة قليلة من المستويات الحالية، لكنها كانت خطوة كبيرة في عالم كانت محيطاته خالية تقريباً من الأكسجين.
قال سون نيليسن، أحد مؤلفي الدراسة: "للسياق، متوسط الأكسجين في محيطات اليوم حوالي 170 ميكرومول لكل لتر. رغم أنه قليل مقارنة بالمعايير الحديثة، إلا أنه كان إنجازاً هائلاً في تلك المحيطات التي كانت خالية تقريباً من الأكسجين".
تُظهر هذه النتائج أن محيطات الأرض بدأت تراكم الأكسجين مبكراً وبسرعة أكبر مما كان يُعتقد سابقاً، مما يعيد تشكيل فهمنا لكيفية جعل كوكبنا صالحاً للحياة المعقدة.
وخلص هيرد إلى القول: "تساعدنا هذه الدراسة على توضيح إحدى أكبر التحولات في تاريخ الأرض. من خلال تتبع وصول الأكسجين إلى المحيطات، نقترب أكثر من فهم كيفية نشوء الظروف الملائمة للحياة المعقدة على كوكبنا، وربما على كواكب أخرى".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNCA= جزيرة ام اند امز