مفارقات كورونا.. دول العالم تتهرب من استقبال السياح الأمريكيين
من بين مفارقات عديدة حملها الوباء، هناك واحدة لم يكن ليتخيلها أحد قبل أشهر.. السائح الأمريكي لم يعد مرحبا به
العالم قبل جائحة كورونا ليس هو نفسه بعد الفيروس، هذه حقيقة لمسها المراقبون على أصعدة عدة اقتصاديا واجتماعيا وربما سياسيا، ومن بين مفارقات عديدة حملها الوباء، هناك واحدة لم يكن ليتخيلها أحد قبل أشهر.. السائح الأمريكي لم يعد مرحبا به.
ويشتهر سياح الولايات المتحدة عموما، بأنهم من فئة الزوار الأكثر إنفاقا في الدول التي يسافرون إليها، ولذا كان الحصول على وفود الولايات المتحدة مغنما تتسابق عليه الوجهات السياحية الشهيرة عالميا.
- بريطانيا تفتح سماءها لـ59 دولة.. وتتجاهل أمريكا والصين
- الطيران بين أمريكا والصين.. حرب باردة في المجال الجوي
لم يعد هذا واقعا.. على الأقل الآن وحتى نهاية العام الجاري وفقا لأكثر التوقعات تفاؤلا.
الحقيقة الآن، هي أن الأكثرية الساحقة من دول العالم لا تزال تغلق أبوابها أمام الأمريكيين في ظل تسارع تفشي الوباء على أراضي الولايات المتحدة، وفقا لفرانس برس.
وقد أصاب الفيروس أكثر من 3,69 ملايين أمريكي وأودي بحياة أكثر من 140 ألف شخص.
والولايات المتحدة حاليا هي أكثر دول العالم من حيث عدد الإصابات بكورونا، والوفيات أيضا.
قمة الإحباط
كيث غيبونز، أمريكي يقيم في واشنطن ويبلغ من العمر 61 عاما، ويقول إنه "محبط للغاية" من إلغاء رحلاته الخارجية كلها هذا العام بعد أشهر من العمل من المنزل.
واعتاد المقتدرون من عائلات الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة تدليل أنفسهم برحلات استجمام خلال الصيف بعد أشهر طويلة من العمل المتواصل. لكن هؤلاء يعيشون حالا من الضياع حاليا.
الحصار المفروض على غيبونز سببه ضيق خيارات التنقل لقضاء العطلة الصيفية في ظل التفشي المتسارع لوباء كوفيد-19.
وقد ألغى غيبونز رحلة كانت مقررة إلى البرتغال في أيلول/سبتمبر.
وفضلا عن غلق الحدود، يرى غيبونز أن السفر في ظل الوضع الصحي الراهن "لا يبدو مفيدا".
وأوضح: "التدابير الوقائية التي تتخذها الفنادق والمؤسسات الأخرى تجعل من السفر أقل متعة.. لا يبدو من المفيد حقا الذهاب إلى فندق جيد لتمضية عطلة نهاية الأسبوع لكن مع مطاعم مغلقة ومسبح مقفل وخدمات محدودة".
خنق السياحة الداخلية
ورغم أن خيار السفر داخل البلاد متاحا، غير أن هذا الأمر ليس بالسهل في بلد عملاق تختلف فيه الإجراءات تبعا للولايات.
وتفرض بعض الولايات حجرا صحيا على الزوار، كما الحال في هاواي حيث يفرض حاكم هذه الولاية الواقعة في المحيط الهادئ على الزوار حجرا إلزاميا لمدة 14 يوما.
وقالت هاواي أن زوار الولاية سيتعين عليهم بدءا من الأول من سبتمبر/ أيلول تقديم نتيجة سلبية من فحص للكشف عن الفيروس خضعوا له قبل 72 ساعة من السفر كحد أقصى.
من ناحيتها، وسعت ولاية نيويورك هذا الأسبوع قائمة الولايات الأمريكية التي يتعين على الوافدين منها الخضوع للحجر بعد اجتياز الحدود، وهي باتت تضم 22 ولاية.
ومنذ الجمعة، التحق سكان ولايتي آيوا وأوكلاهوما بمواطنيهم من 15 ولاية أخرى لن يتمكنوا من زيارة شيكاغو إلا بشرط التزامهم الحجر الصحي، تحت طائلة دفع غرامة.
وفي الوجهات الصيفية الرائجة تقليديا في ولايتي كاليفورنيا وفلوريدا، تزداد أعداد الإصابات بسرعة كبيرة ما يلجم حماسة الراغبين بالزيارة رغم إعادة فتح متنزهات "ديزني" جزئيا قبل أسبوع.
كذلك تبقى رحلات الاستجمام البحرية، وهي من النشاطات السياحية المحببة في الولايات المتحدة، ممنوعة حتى منتصف سبتمبر/ أيلول على الأقل.
وقد كان لموجات الإصابة الأخيرة أثر مدمر، بحسب الاتحاد الأمريكي للسفر إذ إن حجوزات الطيران والفنادق تراجعت في يوليو/ تموز الجاري بنسبة 73 % مقارنة بالشهر عينه من 2019.
وبيّن تحقيق أجراه أخيرا معهد لونغوودز للبحوث أن 76% من المسافرين مستعدون لتغيير مشاريعهم للإجازات خلال الأشهر الستة المقبلة بسبب الوباء. كما أن 5 % من هؤلاء ألغوا حجوزاتهم.
وبحسب الاتحاد الذي يضم خصوصا العاملين في مجال الفنادق والمطاعم والترفيه والنقل الجوي، سيستخدم الأميركيون بغالبيتهم السيارة في رحلاتهم وسيحصرون تنقلاتهم ضمن دائرة جغرافية ضيقة قرب نطاق سكنهم.
وبنتيجة هذا الوضع، ستتراجع نفقات الأمريكيين على الرحلات الداخلية بنسبة 40% هذا العام، ما يشكل ضربة قوية للقطاع.