الانقلابات بأفريقيا.. آفة القارة السمراء تتواصل في 2022
الانقلابات العسكرية آفة أصابت العديد من الدول، وارتبطت بشكل خاص بأفريقيا التي شهدت العديد منها خلال الـ 40 عاما الماضية.
وخلال عام 2022 تواصلت تلك الآفة في القارة السمراء وآسيا، ورغم أن العام الماضي شهد انقلابين في دولة واحدة وفشلت محاولة ثالثة في دولة أخرى بأفريقيا، فإن غرب ووسط أفريقيا شهد 6 انقلابات خلال أكثر من عام ونصف العام.
ويرجع كثيرون ظاهرة الانقلابات في أفريقيا إلى تفشي الفقر والفساد، وسوء إدارة الحكم، وتدني الأداء الاقتصادي، ما يجده العسكريون مبرراً للانقضاض على السلطة من أجل إنقاذ البلاد من الانهيار، وإصلاح مؤسساتها واقتصادها.
وذكرت دراسة أعدها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) ونشرت مطلع العام 2022، أن 20 دولة من بين 49 دولة أفريقية واقعة جنوب الصحراء انخرطت وتورطت في نزاعات مسلحة منذ عام 2020، ما يضع الجيوش الأفريقية في بؤرة الأحداث.
وتسلط الدراسة على السمعة السيئة للجيوش الأفريقية، إذ غالبا ما تعاني من نقص في التدريب وعدم فاعليتها بشكل كبير، فيما يرجع الأمر في ذلك إلى نقص التمويل ويظهر ذلك جليا في محاربة هذه الجيوش للجماعات المتمردة كما في نيجيريا وموزمبيق.
ويضاف إلى ذلك أن الجيوش الأفريقية تتحمل مسؤولية تنفيذ انقلابات عسكرية مدعومة من كيانات سياسية فعالة مثلما حدث في مالي وغينيا.
وخلال أكثر من عام ونصف العام، وفي الفترة من أبريل/نيسان 2021 إلى ديسمبر/كانون الأول 2022 ضربت حمى الانقلابات القارة، خاصة جنوب الصحراء الكبرى، بأن شهدت 6 انقلابات، في بوركينا فاسو ومالي وغينيا وتشاد.
بوركينا فاسو
أطاح جيش بوركينا فاسو بالرئيس روش كابوري في يناير/كانون الثاني 2022، ملقيا باللوم عليه في تقاعسه عن احتواء عنف الإرهابيين.
وتعهد زعيم الانقلاب اللفتنانت كولونيل بول هنري داميبا بإعادة الأمن، ولكن الهجمات تفاقمت، ما أدى إلى تراجع الروح المعنوية في صفوف القوات المسلحة.
وعلقت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" المكونة من 15 دولة عضوية بوركينا فاسو بعد الانقلاب، لكنها وافقت بعد ذلك على فترة انتقالية لمدة عامين للعودة إلى الحكم المدني.
وفي 30 سبتمبر/ أيلول الماضي وقع ثاني انقلاب عسكري خلال عام في الدولة الواقعة غرب أفريقيا، إذ أطيح القائد العسكري، الرئيس بول هنري داميبا، الذي قاد انقلاب يناير، وتولى النقيب إبراهيم تراوري منصبه مع حل الحكومة الانتقالية ووقف العمل بالدستور.
وفي حين أسهمت عوامل كثيرة في هذا الانقلاب الأخير، إلا أنه يؤشر إلى اتجاهات جديدة تقبل عليها منطقة غرب أفريقيا بشكل عام، ودولة بوركينا فاسو التي تشترك في الحدود مع مالي في الشمال الغربي والنيجر في الشمال الشرقي وبنين من الجنوب الشرقي وتوغو وغانا من الجنوب وساحل العاج من الجنوب الغربي، بشكل خاص.
غينيا بيساو
وفي مطلع فبراير/شباط الماضي، أعلن رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو إمبالو أن المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد أوقعت قتلى والعديد من الجرحى.
وقال الرئيس في تصريحات صحفية، إنّه "كان بإمكان المنفّذين أن يتحدّثوا إليّ قبل هذه الأحداث الدامية التي أوقعت العديد من المصابين بجروح بالغة وقتلى"، من دون أن يحدّد بشكل واضح هوية منفّذي المحاولة الانقلابية التي قال إنّ دوافعها "قرارات (كان قد) اتّخذها، خصوصاً مكافحة المخدّرات والفساد".
وأكد الرئيس في خطاب ألقاه إلى الأمة أن الوضع تحت السيطرة.
وكان الأخير وهو جنرال سابق فاز بكرسي الرئاسة عام 2020 في انتخابات شابها الكثير من الجدل وطعن فيها منافسه دومينغوس سيمويس بيريرا، لكن هذا لم يمنع الرئيس الفائز من تشكيل حكومة جديدة لقيت دعما من الجيش فيما لم تكن المحكمة العليا قد بتت في دعوى الطعن في نتائج الاستحقاق الرئاسي.
وشجبت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، "محاولة الانقلاب" الجارية في غينيا بيساو وطلبت من العسكريين "العودة إلى ثكناتهم".
غينيا
في سبتمبر/ايلول 2021، أعلن ضباط من القوات الخاصة الغينية اعتقال الرئيس ألفا كوندي والسيطرة على العاصمة كوناكري، وحل مؤسسات الدولة في انقلاب أنهى دور أحد مخضرمي السياسة الأفريقية.
وقاد الانقلاب الضابط ممادو دومبويا الذي ينحدر من إثنية المالينكي من منطقة كانكان، تم استدعاؤه عندما كان ضابطًا في الجيش الفرنسي 2018 إلى غينيا، ليقود "تجمّع القوات الخاصة"، وهي وحدة النخبة في الجيش الغيني المدربة بشكل جيد، والحائزة على المعدات العسكرية الأكثر تطورًا.
مالي
وفي 25 مايو/أيار، أطاح الضابط الذي قاد الانقلاب في أغسطس/آب 2020 بالرئيس الانتقالي ورئيس الوزراء وعيّن نفسه نائبا للرئيس.
وقال العقيد أسيمي غويتا: إن الرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار عوين فشلا في أداء مهامهما، وكانا يريدان تخريب عملية التحول في البلاد.
واعتُقِل الرئيس الانتقالي ورئيس الوزراء بعد تعديل وزاري أقيل فيه اثنان من القيادات العسكرية، وبعد أن استتبّت الأمور عيّن غوينا نفسه رئيسًا للدولة، ورفض تنظيم الانتخابات في موعدها المقرر سلفًا؛ الأمر الذي أدى إلى فرض عقوبات على مالي من مجموعة "الإيكواس".
تشاد
أما في تشاد فبعد مقتل الرئيس إدريس ديبي 20 أبريل/نيسان 2021 خلال مواجهات مع ميليشيات "جبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد" شمالي البلاد، لم يجرِ انتقال السلطة إلى رئيس البرلمان، حسب الدستور، بل قام نجله محمد إدريس ديبي بتولي السلطة وحل الحكومة وأوقف العمل بالدستور.
أفريقيا لم تكن القارة الوحيدة التي شهدت انقلابات خلال الأشهر الماضية، فقد تواصل الانقلاب في ميانمار الذي وقع في مطلع فبراير/ شباط 2021.
ميانمار
وبدأ الانقلاب في ميانمار في 1 فبراير/شباط عام 2021، عندما عزل الأعضاء المنتخبون ديمقراطيًا من الحزب الحاكم في البلاد، ومن الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، من قبل جيش ميانمار، الذي رسخ نفوذه بشكل ستراتوقراطي.
الانقلاب جاء بعد انتخابات حقق فيها حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بزعامة "أونغ سان سو تشي" فوزاً ساحقاً.
وبحسب مراقبون، فإن ضعف الاقتصاد والبيئة الأمنية المضطربة، إضافةً إلى عدم احترام المواثيق الديمقراطية، ولجوء العديد من الحكام المدنيين لتمديد فترات حكمهم، والصراعات العِرْقية والقبَلية، عوامل تهيئ بيئة الانقلابات العسكرية في أفريقيا والتي تزيد الأمر تعقيدًا.
aXA6IDE4LjE5MC4xNzYuMTc2IA==
جزيرة ام اند امز