شاركوا مرضى كورونا السرير ولم يصابوا.. اكتشاف سر الفئة المحظوظة
انهار زوجها قبل أن يصل إلى غرفة النوم الواحدة التي يتكون منها منزلهما في ساو باولو بالبرازيل. أمسكت "تايلاندي أندرادي" بمقياس الأكسجة النبضي المحمول الذي اشترته بعد أن سمعت أن قراءة الأكسجين المنخفضة، يمكن أن تكون أول علامة على فيروس كورونا الجديد.
كانت قراءة زوجها إيريك تحوم حول 8 نقاط أقل مما كانت عليه في ذلك الصباح، كما بدا محموما، وعندما وصل إلى 90٪ "على مقياس التأكسج"، أدركت أنه لا يمكن الانتظار بعد الآن، واتصلت بسيارة إسعاف".
في المستشفى في ذلك اليوم، يونيو/حزيران 2020، أظهر الفحص بالأشعة المقطعية وجود آفات متعددة في رئتي زوجها، وهو مؤشر على عدوى "كوفيد-19" الشديدة، والتي تم تأكيدها لاحقا عن طريق فحص الدم، ومن المحتمل أن يكون إريك، 44 عامًا، أصيب بالفيروس قبل أسبوع من أحد أصدقائه الذين زاروا منزلهم.
أمضى الأسابيع العديدة التالية على الأكسجين في وحدة العناية المركزة، وهي إقامة كانت معقدة بسبب جلطات الدم قبل أن يخرج من المستشفى، لكن لم يكن تراجعه المفاجئ والتعافي اللاحق هو ما يُلاحظ، لقد كانت أندرادي تشارك زوجها في نفس الأماكن المقربة عندما كان مصابًا وقادرًا على نقل الفيروس، ولم ترتد قط قناعا في المنزل معه، وتقاسموا نفس السرير، ومع ذلك عند تم اختبارها بحثا عن عدوى نشطة أو سابقة -مرتين- جاء تحليل دمها سلبيًا.
ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي يُحتمل أن تتعرض فيها "أندرادي" للعدوى، فقد ذهبت كجزء من عملها البحثي كطبيبة أعصاب بيطرية، إلى اجتماع في جامعة ساو باولو، وتبين أن عددا من الحاضرين كان لديهم العدوى، لكن أندرادي لم تصب، وكانت اختباراتها سلبية مرة أخرى.
وتشير كلتا التجربتين إلى أن أندرادي ربما فازت بنوع من اليانصيب البيولوجي، فهي واحدة من القلائل المحظوظين "المقاومين" للفيروس الذي أودى بحياة أكثر من 4 ملايين شخص. ولكن كيف؟ هذا هو اللغز الذي شرع الباحثون في جميع أنحاء العالم في حله.
وسعت مايانا زاتز، أستاذة علم الوراثة بجامعة ساو باولو، وهي مهتمة منذ سنوات بالمقاومة الفيروسية، بدراسة هذه الحالة، فاهتدت إلى إطلاق دعوة للأزواج المتنافرين، أي الذين أصيب أحدهم ولم يصب الآخر، لعزل الارتباطات الجينية المقاومة.
وبعد إطلاق هذه الدعوة على التلفزيون البرازيلي؛ تلقت زاتز ما يقرب من 3000 رسالة بريد إلكتروني من الأزواج المختلفين، حيث أصيب أحدهم وأعراضه كانت شديدة، بينما كان الشريك بدون أعراض ولدية اختبار سلبي.
بعد التأكد من حالة إصابة الأزواج بالعدوى، اختار فريقها البحثي 100 منهم لتسلسل جيناتهم، على أمل تحديد الطفرات الأكثر شيوعًا في المناطق الرئيسية من جينومات المشاركين غير المصابين.
افترضت زاتز أن مسارين بيولوجيين رئيسيين يمكن أن يكونوا سببا في المقاومة، الأول هو معقد التوافق النسيجي الرئيسي (MHC)، والذي يتضمن جينات مختلفة تتحكم في كيفية تعرف الجهاز المناعي على البروتينات الفيروسية والتعامل معها، وعامل آخر هو مركب مستقبلات الكريات البيض (LRC)، والذي يشارك في كيفية استجابة أنواع مختلفة من خلايا الدم البيضاء -مثل الخلايا القاتلة الطبيعية (NK)- لمسببات الأمراض.
وفي أبريل/نيسان 2021، نشر فريق زاتز النتائج الأولية لدراسة الأزواج المتناقضة في نسخة أولية نُشرت في medRxiv، وعلى عكس فرضية المختبر، لم تكن هناك طفرة جينية واحدة في هذه المسارات مسؤولة عن مقاومة "كوفيد-19".
وفي يوليو/تموز، أعاد مختبر زاتز تحليل النتائج، ومن بين الجينات المتعلقة بالتعديل المناعي، ارتبط 46 نوعا مختلفا في جينات MICA و MICB بالعدوى العرضية، وكلها أثرت على نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية في الأفراد المصابين ولكن ليس في شركائهم المقاومين.
ووجدت زاتز أن نشاط NK كان أقل كفاءة في الأفراد الذين يعانون من الأعراض، وكان الأفراد المقاومون في الغالب من النساء، وتتراوح مهنهم بين الأطباء والمعلمين، وخضعت هذه الدراسة لمراجعة النظراء وتنتظر النشرة في دورية "فورنتيرز إن إميونولوجي".
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yMzEg جزيرة ام اند امز