إبداعات الثورة السودانية تعود لمكافحة كورونا
الساحة السودانية تشهد مبادرات مكثفة لمكافحة الفيروس بعضها تكافلي، والآخر إبداعي وتوعوي، وتشبه أيام الانتفاضة الشعبية
أطلت المبادرات الإبداعية برأسها من جديد في السودان لكبح فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، بعد أن نجحت سابقا في إلهاب الحماس الثوري، الذي أنهى 3 عقود من حكم الإخوان بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير.
وتشهد الساحة السودانية مبادرات مكثفة بعضها تكافلي، والآخر إبداعي وتوعوي، وتجسد واقع الحال عند أيام الانتفاضة الشعبية، حيث تعمل مجموعات شبابية بتفانٍ ملهم للحيلولة دون تفشي الفيروس في البلاد.
وتزينت معظم طرقات الخرطوم والجسور والأنفاق، بجداريات عملاقة رسمها فنانون تشكيليون، تحوي إرشادات متنوعة للتوعية بفيروس كورونا ووسائل الوقاية منه، الشيء الذي فعلوه إبان الانتفاضة، وأسهم في إشعال الحماس الثوري، وفق ناشطين.
وفي تكافل نوعي، أطلق ناشطون مبادرة "خليك في بيتك قروشك بتجيك"، وهي تحث المواطنين على البقاء في الحجر المنزلي على أن يقوم أصحابها بتقديم دعم مالي للأسر الضعيفة والمتعففة حتى يتمكنوا من مقابلة تكاليفهم المعيشية.
وهذه اللفتة الملهمة ربطها البعض بمبادرة "لو عندك خط، ولو ما عندك شيل" التي أطلقها شباب الثورة في ميدان الاعتصام أمام قيادة الجيش بالخرطوم، التي تتلخص في نصب أكياس كبيرة بمحيط الميدان لجمع التبرعات من المقتدرين، على أن تترك مفتوحة للضعفاء لتأخذ المبالغ التي تمكنهم من الذهاب للمنزل والعودة مجددا.
ويقول عمار محمد، أحد الفاعلين في مبادرة "خليك في بيتك"، إنهم يعملون على جمع التبرعات من الخيريين لمساعدة الشرائح الضعيفة، وذوي الدخل المحدود بغرض تشجيعهم على البقاء في المنازل حتى لا يصابوا بفيروس كورونا.
ويضيف عمار خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" أنهم يعتمدون آلية الطواف المباشر على بائعات الشاي والأطعمة وأصحاب الأعمال الصغيرة وتقديم المبالغ المناسبة لهم بالقدر الذي يكسبونه من عملهم اليومي والشهري، حتى يتمكنوا من البقاء في منازلهم.
ولم تتوقف المبادرات عند العون اللوجستي فحسب، بل امتدت لتستلهم مزيدا من أدب الثورة السودانية فيما يتصل برفع الوعي المجتمعي بخطورة كورونا عن طريق التنبيهات الصوتية المباشرة، مثلما كان يحدث إبان الانتفاضة عند الرقبة في حث المواطنين على الخروج في المظاهرات ضد المعزول عمر البشير.
وتنشط فرق ثورية "لجان المقاومة" داخل الأحياء السكنية بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى في إرشاد المواطنين بالطرق الوقائية والاحتزارية لمجابهة كورونا، وهو ما يفعله عبدالحليم سالم ورفاقه بشكل يوم منذ تفشي الجائحة.
ويقول سالم لـ"العين الإخبارية": "ما نقوم به الآن واجب وطني، لأن كورونا عدو السودان والعالم بأثره، وسنكافحه بكل ما نملك من قدرة مثلما فعلنا مع نظام الإخوان الذي هزمناه وألقينا به في مذبلة التاريخ".
وأضاف: "إرشاداتنا تقابل بتجاوب كبير من السكان بالقدر الذي كانوا يتفاعلون به مع دعوات التظاهر ضد النظام البائد، لذلك نحن متفائلون بهزيمة جائحة كورونا وتقليل فرص انتشاره في السودان".
واستدعت كورونا، مبادرة "شارع الحوادث" التي تأسست منذ سنوات وتنشط في مساعدة الأشخاص الذين يعجزون عن دفع تكاليف العلاج والدواء، وهي من أبرز المبادرات الإنسانية في السودان، يقودها شباب متطوعون، وكانت لها بصمة في ثورة ديسمبر/كانون الأول.
وبحسب ولاء الدين الأمين، أحد الفاعلين في "شارع الحوادث"، فإن المبادرة خططت لتوفير 5 آلاف سترة واقية للأطباء لحمايتهم من كورونا، جهزت منها 3 آلاف حتى الآن، ضمن جهودها لكبح الجائحة.
وقال الأمين لـ"العين الإخبارية"، إنهم يعملون في إطار الخطط والبرامج التي وضعتها وزارة الصحة واللجنة العليا للطوارئ الصحية لمجابهة فيروس كورونا.
وبقدر الدور الذي لعبته في الثورة الشعبية الأخيرة، كانت الأحزاب السياسية السودانية حاضرة في ساحة الحرب على الفيروس، بالدعم العيني والإرشادي.
وسارع حزب المؤتمر السوداني، أحد مكونات قوى الحرية والتغيير، بإنتاج عشرات الآلاف من عبوات مطهرات الأيدي وتوزيعها مجانا على المواطنين لحمايتهم من "كوفيد 19"، في بادرة عكست أدب الثورة.
وسجل السودان 7 حالات إصابة بكورونا حتى الثلاثاء، توفي اثنان، وتماثل أحدهم للشفاء التام.
aXA6IDMuMTUuNy4yMTIg جزيرة ام اند امز