وصلت الحال بـ«الإخوان» أن ظهر أحدهم في شريط مصور أضحك الناس، حين حذر من أن التقاعس عن دعم الليرة سيكون سبباً في اغتصاب المسلمات!!
لم ينس المصريون بعد الجهود الحثيثة التي بذلها «الإخوان» لضرب عملة بلدهم، وكيف سعى التنظيم إلى تخفيض قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى، ولم يغب عن أذهانهم بعد، مشاهد مندوبي «الإخوان» أمام المصارف ومحلات الصرافة في الدول ذات الوجود الكثيف للعمالة المصرية لصيد كل مواطن مصري ذهب ليحول مبلغاً مالياً إلى أهله، فيتلقفه هذا الإخواني ليعرض عليه شراء ما معه من دولارات أو أي عملة أخرى بسعر يفوق حتى سعر السوق السوداء في مصر، على أن يقوم شخص إخواني آخر بتوصيل المبلغ بالعملة المصرية إلى الجهة أو الشخص الذي يرغب في تحويله له!! تلك كانت ألاعيب «الإخوان» وجهودهم للإيقاع بالاقتصاد المصري، ناهيك بالطبع عن حملات المنصات الإعلامية الإخوانية والقنوات التي تُبث من تركيا والدوحة ولندن، وما حوته من أكاذيب وفبركات لإشعال أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه، ومن ثم تحريض الناس ضد الحكم ودفعهم إلى الثورة والفوضى. تغير الحال وتبدل وظهر سلوك آخر للإخوان عكسته الأزمة الاقتصادية في تركيا وانهيار الليرة، وأيقن الناس إلى أي مدى صارت العلاقة بين تنظيم «الإخوان» وعناصره في أنحاء العالم وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكيف أصبحوا يعتبرون تركيا الدولة النموذج الذي يجب أن يحظى بالولاء، وأردوغان الزعيم الذي يجب أن تظل صورته بيضاء ليلتف المسلمون، حتى من دون «الإخوان»، حوله، ولا يمكن أن يُسمح أبداً بتشويه صورته أو سياساته أو تصرفاته.
لا يتعامل «الإخوان» مع تركيا باعتبارها دولة إسلامية!! أو حتى دولة داعمة لتنظيمهم، وإنما بكونها دولة إخوانية زاد ارتباطهم بها بعد فشل تجربة حكمهم لمصر، ويعتقدون أن الحفاظ على الصورة الانطباعية لأردوغان طيبة وناصعة ومن دون خطايا أو أخطاء قد يعوض ما لحق بالتنظيم من إهانة وخزي وسمعة سيئة
ربما كان طبيعياً أن يخرج بعض رموز «الإخوان» المقيمين في مدن تركيا للدفاع عن أردوغان والليرة، وأن يؤمنوا بكلام الرئيس التركي حول المؤامرة التي تتعرض لها بلاده واستهداف الولايات المتحدة والغرب ودول أخرى للإسلام، فهم لجأوا إلى ذلك البلد ويسعون لرد الجميل ويعتقدون أن انهيار الليرة أو أي مشاكل اقتصادية أو مالية تواجهها تركيا، أو أي معضلات سياسية أو أمنية يتعرض لها أردوغان لن تضر الرجل وحده أو حتى جموع الأتراك، وإنما ستؤذي «الإخوان» وستؤثر في وجودهم هناك ونشاطهم في المدن التركية والمنصات الإعلامية التي تُبث من أنقرة، وأن قدرة التنظيم على استهداف كل حاكم عارض «الإخوان» وتصدى لأفعالهم وخططهم وكل مجتمع لفظ الجماعة وطردها وطارد أعضاءها ورموزها ستتأثر إذا ما دخلت تركيا نفقاً مظلماً لأسباب اقتصادية أو سياسية أو أمنية، لكن أن يجيّش التنظيم الدولي للجماعة نفسه وعناصره وأمواله وآلياته للدفاع عن الليرة باعتبارها وحدة التعامل المالية الإسلامية!! وأن تنطلق دعاوى التنظيم من بلاد مختلفة إلى الشعوب الإسلامية لتشتري البضائع التركية وأن تجعل المدن التركية وجهتها للسياحة، وأن يجيش «الإخوان» أنفسهم ليتسولوا من الناس التوجه إلى المصارف لتحويل عملات بلادهم أو أي عملات أخرى إلى العملة التركية، والتحذير من أن سقوط الليرة سيضر كل أسرة مسلمة وكل شخص مسلم، وسيمثل ضربة قاصمة إلى الدين الإسلامي، فالمسألة هنا تخطت الدعم المعنوي أو اللوجيستي إلى حد الذوبان في الكيان التركي، ووصلت أيضاً ممارسة الكذب والتدليس والخداع ليخسر الناس أموالهم مقابل إعانة أردوغان على الصمود وتفادي مزيد من الانهيار للعملة التركية.
وصلت الحال بـ«الإخوان» أن ظهر أحدهم في شريط مصور أضحك الناس، من غير «الإخوان» طبعاً، حين حذر من أن التقاعس عن دعم الليرة سيكون سبباً في اغتصاب المسلمات!! اللافت أن الجماعة التي تزعم امتلاكها أفكاراً أو خبراء في كل شيء وأي شيء لم تخرج على الناس بمحلل يشرح أو يفسر أسباب انهيار الليرة أو طرق الخروج من الأزمة، وإنما اعتمدت أسلوبها المعروف في تلبية طلبات القيادة، من أجل دخول الجنة، فسارت خلف الزعيم التركي الإخواني وكررت كلامه حول المؤامرة المزعومة والإسلام المهدد من كل شخص أو جهة أو دولة لا تدين بالولاء لتركيا!!
لا يتعامل «الإخوان» مع تركيا باعتبارها دولة إسلامية!! أو حتى دولة داعمة لتنظيمهم، وإنما بكونها دولة إخوانية زاد ارتباطهم بها بعد فشل تجربة حكمهم لمصر، ويعتقدون أن الحفاظ على الصورة الانطباعية لأردوغان طيبة وناصعة ومن دون خطايا أو أخطاء قد يعوض ما لحق بالتنظيم من إهانة وخزي وسمعة سيئة بعد ثورة الشعب المصري ضد حكم المرشد، ولأن الكائن الإخواني لا يعترف بالأساس بوطن أو دولة، فإنه صار مطالباً الآن ليس فقط أن يدفع ثمن فشل إخوان مصر وإنما أيضاً كوارث عملة الدولة الإخوانية.
نقلا عن "الحياة"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة